صيد الخاطر/فصل: نفس المؤمن طائر تعلق في الجنة
فصل: نفس المؤمن طائر تعلق في الجنة
مازلت على عادة الخلق في الحزن على من يموت من الأهل والأولاد، ولا أتخايل إلا بلى الأبدان في القبور، فأحزن لذلك، فمرت بي أحاديث قد كانت تمر بي ولا أتفكر فيها. منها قول النبي ﷺ: إنما نفس المؤمن طائر تعلق في شجر الجنة حتى يرده الله عز وجل على جسده يوم يبعثون. فرأبت أن الرحيل إلى الراحة، وأن هذا البدن ليس بشيء، لأنه مركب تفكك وفسد، وسيبنى جديدا يوم البعث، فلا ينبغي أن يتفكر في بلاء. ولتسكن النفس إلى أن الأرواح انتقلت إلى راحة فلا يبقى كبير حزن، وأن اللقاء للأحباب عن قرب. وإنما يبقى الأسف لتلعق الخلق بالصور، فلا يرى الإنسان إلا جسدا مستحسنا قد نقض فيحزن لنقضه. والجسد ليس هو الآدمي، وإنما هو مركبه، فالأرواح لا ينالها البلى. والأبدان ليست بشيء. واعتبر هذا بما إذا قلعت ضرسك ورميته في حفرة، فهل عندك خبر مما يلقى في مدة حياتك؟ فحكم الأبدان حكم ذلك الضرس، لا تدري النفس ما يلقى، ولا ينبغي أن تغتم بتمزيق جسد المحبوب وبلاه. واذكر تنعم الأرواح، وقرب التجديد، وعاجل اللقاء، فإن الفكر في تحقيق هذا يهون الحزن، ويسهل الأمر.