صيد الخاطر/فصل: المعين للظالم ظالم
المظهر
فصل: المعين للظالم ظالم
طال تعجبي من مؤمن بالله عز وجل، مؤمن بجزائه، يؤثر خدمة السلطان مع ما يرى منه من الجور الظاهر. فوا عجبا ما الذي يعجبه؟ إن كان الذي يعجبه دنيونا فليس ثم إلا أن يصاح بين يديه بسم الله وأن يتصدر في المجالس ويلوي عنقه كبرا على النظراء، ويأخذ الأسحات وهو يعلم من أين حصل، وربما انبسط في البرطيل. ثم يقابل هذا أن يصادر ويعزل، فتستخرج منه تلك المرارة منه كل حلاوة كانت في الولاية. وربما كان قريب الحال فإفتقر بالمصادرة جدا، ثم تنطلق الألسن المادحة بالذم. ثم لو سلم من هذا فإنه لا يسلم من الرقيب لهو الحذر منه، فهو كراكب البحر إن سلم بدنه من الغرق لم يسلم من الخوف. وإن كان دينا فإنه يعلم أنهم لا يمكنونه في الغالب من العمل بمقتضى الدين فإنهم يأمرونه بترك ما يجب وفعل ما لا يجوز، فيذهب دينه على البارد. ولعقاب الآخرة أشق.