صيد الخاطر/فصل: الممنوع مرغوب
فصل: الممنوع مرغوب
تأملت حرص النفس على ما منعت منه. فرأيت حرصها يزيد على قدر قوة المنع. ورأيت في الشرب الأول، أن آدم عليه السلام لما نهي عن الشجرة، حرص عليها مع كثرة الأشجار المغنية عنها. وفي الأمثال: [ المرء حريص على ما منع، وتواق إلى ما لم ينل ]. ويقال: [ لو أمر الناس بالجوع لصبروا، ولو نهوا عن تفتيت البعر لرغبوا فيه ]. وقالوا: ما نهينا عنه إلا لشيء. وقد قيل: [ أحب شيء إلى الإنسان ما منعنا ] فلما بحثت عن سبب ذلك، وجدت سببين: أحدهما: أن النفس لا تصبر على الحصر، فإنه يكفي حصرها في صورة البدن. إذا حصرت في المعنى بمنع زاد طيشها. ولهذا لو قعد الإنسان في بيته شهرا، لم يصعب عليه. ولو قيل له: لا تخرج من بيتك يوما، طال عليه. والثاني: أنها يشق عليها الدخول تحت حكم، ولهذا تستلذ الحرام، ولا تكاد تستطيب المباح. ولذلك يسهل عليها التعبد على ما ترى، وتؤثره لا على ما يؤثر.