صيد الخاطر/فصل: إحفظ دينك ومروءتك بترك الحرام
فصل: إحفظ دينك ومروءتك بترك الحرام
العجب لمؤثر شهوات الدنيا. ألا يتدبر أمرها بالعقل قبل أن يصير إلى منقولات الشرع؟ إن أعظم لذات الحس الوطء، فالمرأة المستحسنة إنما يكون حال كمالها من وقت بلوغها إلى الثلاثين، فإذا بلغتها أثر فيها. وربما إبيضت شعرات من رأسها فينفر الإنسان منها. وقد يقع الملل قبل ذلك، وطول الصحبة يكشف العيوب. وما عيب نساء الدنيا بأبلغ من قوله: ولهم فيها أزواج مطهرة. فلو تفكر الإنسان في جسد مملوء بالنجاسة ما طاب له ضمه، غير أن الشهوة تغطي عين الفكر. فالعاقل من حفظ دينه ومروءته بترك الحرام، وحفظ قوته في الحلال فأنفقها في طلب الفضائل، من علن أو عمل. ولم يسع في إفناء عمره وتشتيت قلبه في شيء لا تحسن عاقبته: ما في هوادجكم من مهجتي عوض إن مت شوقا ولا فيها لها ثمن وعموم من رأينا من الكبار غلبت عليهم شهوة الوطء فإنهدمت أعمارهم، ورحلوا سريعا. وقد رأينا من العقلاء من زجر نفسه عن هذه المحنة، ولم يستعملها إلا وقت الحاجة، فبقى لهم سواد شعورهم وقوتهم، حتى تمتعوا بها في الحياة وحصلوا المناقب، وعرفت منهم النفوس قوة العزيمة، فلم تطالبهم بما يؤذي.