صيد الخاطر/فصل: الزنا أقبح الذنوب
فصل: الزنا اقبح الذنوب
كل المعاصي قبيحة، وبعضها أقبح من بعض. فإن الزنا من أقبح الذنوب، فإنه يفسد الفرش، ويغير الأنساب، وهو بالجارة أقبح. فقد روي في الصحيحين من حديث ابن مسعود قال: قلت يا رسول الله أي الذنب أعظم؟ قال: أن تجعل الله ندا وهو خلقك. قلت: ثم أي؟ قال: أن تقتل ولدك من أجل أن يطعم معك قلت: ثم أي؟ قال: أن تزاني حليلة جارك. وقد روى البخاري في تاريخه من حديث المقداد بن الأسود عن النبي ﷺ أنه قال: لأن يزني الرجل بعشرة نسوة أيسر من أن يزني بامرأة جاره، ولن يسرق من عشرة أبيات، أيسر عليه من أن يسرق من بيت جاره. وإنما كان هذا، لأنه يضم إلى معصية الله عز وجل انتهاك حق الجار. ومن أقبح الذنوب أن يزني الشيخ، ففي الحديث إن الله يبغض الشيخ الزاني لأن شهوة الطبع قد ماتت، وليس فيها قوة تغلب، فهو يحركها ويبالغ فكانت معصيته عنادا. ومن المعاصي التي تشبه المعاندة لبس الرجل الحرير والذهب، خصوصا خاتم الذهب الذي يتحلى به الشيخ، وأنه من أرد الأفعال وأقبح الخطايا. ومن هذا الفن، الرياء، والتخاشع، وإظهار التزهد للخلق، فإنه كالعبادة لهم مع إهمال جانب الحق عز وجل. وكذلك المعاملة بالربا الصريح، خصوصا من الغني الكثير المال. ومن أقبح الأشياء أن يطول المرض بالشيخ الكبير ولا يتوب من ذنب. لا يعتذر من زلة، ولا يقضي دينا، ولا يوصى بإخراج حق عليه. ومن قبائح الذنوب، أن يتوب السارق أو الظالم، ولا يرد المظالم. والمفرط في الزكاة أو في الصلاة ولا يقضي. ومن أقبحها، أن يحنث في يمين طلاقه، ثم يقيم مع المرأة. وقس على ما ذكرته فالمعاصي كثيرة، وأقبحها لا يخفى. وهذه المستقبحات فضلا عن القبائح تشبه العناد للآمر، فيستحق صاحبها اللعن ودوام العقوبة. وإني لأرى شرب الخمر من ذلك الجنس، لأنها ليست مشتهاة لذاتها، ولا لريحها ولا لطعمها، فيما يذكر. إنما لذتها ـ فيما يقال ـ بعد تخرج مرارتها. فالإقدام على ما لا يدعو إليه الطبع إلى أن يصل التنازل إلى اللذة معاندة. نسأل الله عز وجل إيمانا يحجز بيننا وبين مخالفته وتوفيقا لما يرضيه، فإنما نحن به وله.