صيد الخاطر/فصل: روحوا القلوب تعي الذكر
فصل: روحوا القلوب تعي الذكر
[عدل]ما زال جماعة من المتزهدين يزرون على كثير من العلماء إذاانبسطوا في مباحات. والذي يحملهم على هذا الجهل. فلو كان عندهم فضل علم ما عابوهم. وهذا لأن الطياع لا تتساوى، قرب شخص يصلح على خشونة العيش، واخر لا يصلح على ذلك، ولا يجوز لحد أن يحمل غيره على ما يطيقه هو. غير أن لنا ضابطا هو الشرع، فيه الرخصة وفيه العزيمة. فلا ينبغي أن يلام من حصر نفسه في ذلك الضابط. ورب رخصة كانت أفضل من عزائم لتأثير نفعها. ولو علم المتزهدون أن العلم يوجب المعرفة با الله فتنبت القلوب من خوفه، وتنحل الأجسام للحذر منه فوجب التلطف بالأجسام حفظا لقوة الراحة. ولأن آلة العلم والحفظ: القلب والفكر، فإذا رفهت لآلة جاد العمل، وهذاأمر لا يعلم إلا بالعلم. فلجهل المتزهدين بالعلم أنكروا ما لم يعلموا، وظنوا أن المراد إتعاب الأبدان، وإنضاء الرواحل، وما علموا أن الخوف المضني يحتاج إلى راحة مقاومة، كما قال القائل: روحوا القلوب تعي الذكر.