صيد الخاطر/فصل: الغضب غلبة من الشيطان
فصل: الغضب غلبة من الشيطان
متى رأيت صاحبك قد غضب وأخذ يتكلم بما لا يصلح، فلا ينبغي أن تعقد على ما يقوله خنصرا، ولا أن تؤاخذه به. فإن حاله حال السكران، لا يدري ما يجري. بل اصبر لفورته، ولا تعول عليها، فإن الشيطان قد غلبه، والطبع قد هاج، والعقل قد استتر. ومتى أخذت في نفسك عليه، أو أجبته بمقتضى فعله، كنت كعاقل واجه مجنونا، أو كمفيق عاتب مغمى عليه. فالذنب لك. بل انظر بعين الرحمة، وتلمح تصريف القدر له، وتفرج في لعب الطبع به. واعلم أنه إذا انتبه ندم على ما جرى، وعرف لك فضل الصبر. وأقل الأقسام أن تسلمه فيما يفعل في غضبه إلى ما يستريح به. وهذه الحالة ينبغي أن يتلمحها الولد عند الغضب الوالد، والزوجة عند غضب الزوج، فتتركه يشتفي بما يقول، ولا تعول على ذلك، فسيعود نادما معتذرا. ومتى قوبل على حالته ومقالته صارت العداوة متمكنة، وجازى في الإفاقة على ما فعل في حقه وقت السكر. وأكثر الناس على غير هذه الطريق. متى رأوا غضبان قابلوه بما يقول ويعمل، وهذا على مقتضى الحكمة، بل الحكمة ما ذكرته، وما يعقلها إلا العالمون.