صيد الخاطر/فصل: اكبح جماع الرغبة
فصل: اكبح جماع الرغبة
فصل: اكبح جماع الرغبة
شكا لي بعض الأشياخ فقال: قد علت سني وضعفت قوتي، ونفسي تطلب مني شراء الجواري الصغار. ومعلوم أنهن يردن النكاح وليس في. ولا تقنع مني النفس بربة البيت إذ قد كبرت. فقلت له: عندي جوابان: أحدهما الجواب العامي، وهو أن أقول: ينبغي أن تشغل بذكر الموت وما قد توجهت إليه، وتحذر من اشتراه جارية لا تقدر على أيفاء حقها فإنها تبغضك، فإن أجهدت استعجلت التلف. وإن استبقيت قوتك غضبت هي، على أنها لا تريد شيخا كيف كان. وقد أنشدنا علي بن عبد الله، قال: أنشدنا محمد التميمي:
أفق يا فؤادي من غرامك واستمع مقالة محزون عليك شفيق
علقت فتاةً قلبها متعلق بغيرك فاستوثقت غير ووثيق
وأصبحت موثوقا وراحت طليقةً فكم بين موثوق وبين طليق
فاعلم أنها تعد عليك الأيام، وتطلب منك فضل المال لتستعد لغيرك. وربما قصدت حنفك، فاحذر السلامة في الترك، ولإقتناع بما يدفع الزمان. الجواب الثاني فإني أقول: لا يخلو أن تكون قادرا على الوطء في وقت أو لا تكون. فإن كنت لا تقدر فالأولى مصابرة الترك للكل. وإن كان يمكن الحازم أن يداري المرأة بالنفقة وطيب الخلق إلا أنه يخاطر. وإن كنت تقدر في أوقات على ذلك، ورأيت من نفسك توقا شديدا فعليك بالمراهقات فإنهن ما عرفن النكاح، وما طلبن بالوطء، واغمرهن بالإنفاق وحسن الخلق مع الإحتياط عليهن، والمنع من مخالطة النسوة. وإذا اتفق وطء فتصبر عن الإنزال ريثما تقضي المرأة حاجتها. واعتمد وعظها وتذكيرها بالآخرة، واذكر لها حكايات العشاق من غير نكاح، وقبح صورة الفعل، ولفت قلبها إلى ذكر الصالحين، ولا تخل نفسك من الطيب والتزين والكياسة والمداراة والإنفاق الواسع. فهذا ربما حرك الناقة للمسير مع خطر السلامة.