الفتاوى الكبرى/كتاب في الرد على الطوائف الملحدة والزنادقة والجهمية والمعتزلة والرافضة/3
وروى أبو داود والخلال وغيرهما عن ابن شوذب: ترك جهم الصلاة أربعين يوما وكان فيمن خرج مع الحارث بن سريح وعن مروان بن معاوية الفزاري وذكر جهما فقال: قبح الله جهما حدثني ابن عم لي أنه شك في الله أربعين صباحا
وذكر البخاري في كتاب خلق الأفعال عن يحيى بن أيوب قال: كنا يوما عند مروان بن معاوية الفزاري فسأله رجل عن حديث الرؤية فلم يحدثه به قال: إن لم تحدثني به فأنت جهمي فقال مروان: أتقول لي جهمي وجهم مكث أربعين ليلة لا يعرف ربه
قال البخاري وقال ضمرة بن شوذب: ترك جهم الصلاة أربعين يوما على وجه الشك فخاصمه بعض السمنية فشك فأقام أربعين يوما لا يصلي قال ضمرة: وقد رآه ابن شوذب قال البخاري وقال عبد العزيز بن أبي سلمة: كلام جهم صفة بلا معنى وبناء بلا أساس ولم يعد قط من أهل العلم
وروى أبو داود الخلال عن إبراهيم بن طهمان قال: ما ذكرته ولا ذكر عندي إلا دعوت الله عليه ما أعظم ما أورث أهل القبلة من منطقه هذا العظيم يعني جهما وعن يحيى بن شبل قال: كنت جالسا مع مقاتل بن سليمان وعبد الله بن كثير إذا جاء شاب فقال: ما تقولون في قوله: { كل شيء هالك إلا وجهه } فقال مقاتل: هذا جهمي ثم قال: ويحك إن جهما والله ما حج هذا البيت قط ولا جالس العلماء إنما كان رجلا أعطي لسانا هذا
وقد ذكر البخاري قال وقال ابن مقاتل: سمعت ابن المبارك يقول: من قال إني أنا الله لا إله إلا أنا مخلوق فهو كافر ولا ينبغي لمخلوق أن يقول ذلك قال وقال أيضا:
( ولا أقول بقول الجهم إن له... قولا يضارع قول الشرك أحيانا )
( ولا أقول تخلى من بريته... رب العباد وولي الأمر شيطانا )
( ما قال فرعون هذا في تجبره... فرعون موسى ولا فرعون هامانا )
قال البخاري: وقال ابن المبارك: لا تقول كما قالت الجهمية إنه في الأرض ههنا بل على العرش استوى وقيل له: كيف نعرف ربنا قال: فوق سمواته علىعرشه وقال الرجل منهم أبطنك خال منه فبهت الآخر وقال: من قال لا إله إلا هو مخلوق فهو كافر وإنا لنحكي كلام اليهود والنصارى ولا نستطيع أن نحكي كلام الجهمية
قال البخاري: وقال سعيد بن عامر: الجهمية شر قولا من اليهود والنصارى قد اجتمعت اليهود والنصارى وأهل الأديان على أن الله تعالى على العرش وقالوا هم ليس على العرش
وروى البخاري عن وكيع بن الجراح أنه قال: لا تستخفوا بقولهم القرآن مخلوق فإنه من شر قولهم إنما يذهبون إلى التعطيل
فهدا الذي ذكره الإمام أحمد من مبدأ حال جهم إمام هؤلاء المتكلمين النفاة يبين ما ذكرته فإنه لما ناظره من المشركين السمنية من الهند وجحدوا الإله لكون الجهم لم يدركه بشيء من حواسه لا ببصره ولا بسمعه ولا بشمه ولا بذوقه ولا بحسه كان مضمون هذا الكلام أن كل ما لا يحسه الإنسان بحواسه الخمس فإنه ينكره ولا يقر به فأجابهم الجهم أنه قد يكون في الموجود مالا يمكن إحساسه بشيء من هذه الحواس وهي الروح التي في العبد وزعم أنها لا تختص بشيء من الأمكنة وهذا الذي قاله هو قول الصابئة الفلاسفة المشائين
وقد قال البخاري: قال قتيبة يعني ابن سعيد: بلغني أن جهما كان يأخذ هذا الكلام من الجعد بن درهم
وقال البخاري: حدثنا قتيبة حدثني القاسم بن محمد حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن حبيب بن أبي حبيب عن أبيه عن جده قال: شهدت خالد بن عبد الله القسري بواسط يوم أضحى قال أرجعوا فضحوا تقبل منكم فإني مضح بالجعد بن درهم زعم أن الله لم يتخذ إبراهيم خليل ولم يكلم موسى تكليما سبحانه وتعالى عما يقول الجعد علوا كبيرا ثم نزل فذبحه وهذا الجعد قد ذكروا أنه كان من أهل حران وهو معلم مروان بن محمد ولهذا يقال له الجعدي وكانت حران إذ ذاك دار الصابئة الفلاسفة الباقين على ملة سلفهم أعداء إبراهيم الخليل فإن إبراهيم الخليل كان منهم ودعاهم إلى الحنيفية وكان من قصة ما ذكره الله في كتابه والحجة التي ذكرها مشركوا الهند باطلة والجواب الذي أجاب به مبتدعة الصابئين ومن اتبعهم من مبتدعة هذه الأمة باطل وذلك أن قول القائل ما لا يحس به العبد لا يفر به أو ينكره أو أن يريد به أن كل أحد من العباد لا يقر إلا بما أحسه هو بشيء من حواسه الخمس أو يريد به أنه لا يقر العبد إلا بما أحس به العباد في الجملة أو بما يمكن الإحساس به في الجملة فإن كان أرادوا الأول وهو الذي حكاه عنهم طائفة من أهل المقالات حيث ذكروا عن السمنية أنهم ينكرون من العلوم ما سوى الحسيات فينكرون المتواترات والمجربات والضروريات العقلية وغير ذلك إلا أن هذه الحكاية لا تصح على إطلاقها عن جمع من العقلاء في مدينة أو قرية وما ذكره من مناظرة الجهم لهم يدل على إقرارهم بغير ذلك وذلك أن حياة بني آدم وعيشهم في الدنيا لا يتم إلا بمعاونة بعضهم لبعض في الأقوال أخبارها وغير أخبارها وفي الأعمال أيضا فالرجل منهم لابد أن يقر أنه مولود وأنه له أبا وطىء أمه وأما ولدته وهولم يحس بشيء من ذلك من حواسه الخمس بل أخبر بذلك ووجد في قلبه ميلا إلى ما أخبر له وكذلك علمه بسائر أقاربه من الأعمام والأخوال والأجداد وغير ذلك وليس في بني آدم أمة تنكر الإقرار به وكذلك لا ينكر أحد من بني آدم أنه ولد صغيرا وأنه ربي بالتغذية والحضانة ونحو ذلك حتى كبر وهو إذا كبر لم يذكر إحساسه بذلك قبل تمييزه بل لا ينكر طائفة من بني آدم أمورهم الباطنة مثل جوع أحدهم وشبعه ولذته وألمه ورضاه وغضبه وحبه وبغضه وغير ذلك مما لم يشعر به بحواسه الخمس الظاهرة بل يعلمون أن غيرهم من بني آدم يصيبهم ذلك وذلك ما لم يشعروا به بالحواس الخمس الظاهرة وكذلك ليس في بني آدم من لا يقر بما كان في غير مدينتهم من المدائن والسير والمتاجر وغير ذلك مما هم متفقون على الإقرار به وهم مضطرون إلى ذلك وكذا لا ينكرون أن الدور التي سكنوها قد بناها البناؤون والطبيخ الذي يأكلونه طبخه الطباخون والثياب المنسوجة التي يلبسونها نسجها النساجون وإن كان ما يقرون به من ذلك لم يحسه أحدهم بشيء من حواسه الخمس وهذا باب واسع فمن قال إن أمة من الأمم تنكر هذه الأمور فقد قال الباطل وقول من يقول من المتكلمين أن السوفسطائية قوم ينكرون حقائق الأمور وأنهم منتسبون إلى رئيس لهم يقال له: سوفسطا وأن منهم من ينكر العلم بشيء من الحقائق ومنهم من ينكر الحقائق الموجودة أيضا مع العلوم ومنهم اللاأدرية الذين يشكون فلا يجزمون بنفي ولاإثبات ومنهم من لا يقرإلا بما أحسه
وقد رد هذا النقل والحكاية من عرف حقيقة الأمر وقال إن لفظ السوفسطائية في الأصل كلمة يونانية معربة أصلها سوفسقيا أي الحكمة المموهة فإن لفظ سو معناه في لغة اليونان الحكمة ولهذا يقولون فيلاسوفا أي محب الحكمة ولفظ فسقيا معناه المموهة
ومعلم المستأخرين المبتدعين منهم أرسطو لما قسم حكمتهم التي هي منتهى علمهم إلى برهانية وخطابية وجدلية وشعرية ومموه وهي المغاليط سموها سوفسقيا فعربت وقيل سوفسطا ثم ظن بعض المتكلمين أن ذلك اسم رجل وإنما أصلها ما ذكر وإن كان لفظ السفسطة قد صار في عرف المتكلمين عبارة عن حجر الحقائق فلريب أن هذا يكون في كثير من الأمور فمن الأمم من ينكر كثيرا من الحقائق بعد معرفتها كما قال تعالى: { وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا } وقد يشتبه كثيرا من الحقائق على كثير من الناس كما قد يقع الغلط للحس أو العقل في أمور كثيرة فهذا كله موجود كوجود الكذب عمدا أو خطأ أما اتفاق أمة على إنكار جميع العلوم والحقائق أو على إنكار كل منهم لما لم يحسه فهو كاتفاق أمة على الكذب في كل خبر أو التكذيب لكل خبر ومعلوم أن هذا لم يوجد في العلماء والعلم بعدم وجود أمة على هذا الوصف كالعلم بعدم وجود أمة بلا ولادة ولا اغتذاء وأمة لا يتكلمون ولا يتحركون ونحو ذلك مما يعلم أن البشر لا يوجدون على هذا الوصف فكيف والإنسان هو حي ناطق ونطقه هو أظهر صفاته اللازمة له كما قال تعالى: { فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون } والنطق إما إخبار وإما إنشاء والإخبار أصل فالقول بوجود أمة لا تقر بشيء من المخبرات إلا أن تحس المخبر بعينه ينافي ذلك
وإذا كان كذلك فأولئك المتكلمون من المشركين والسمنية الذين ناظروا الجهم قد غالطوا الجهم ولبسوا عليه في الجدال حيث أوهموه أن ما لا يحسه الإنسان بنفسه لا يقر به وكأن الأصل أن ما لا يتصور الإحساس به لا يقر به فكان حقه أن يستفسرهم عن قولهم ما لا يحسه الإنسان لا يقر به هل المراد به هذا أو هذا فإن أراد أولئك المعنى الأول أمكن بيان فساد قولهم بوجوه كثيرة وكان أهل بلدتهم وجميع بني آدم يرد عليهم ذلك وإن أرادوا المعنى الثاني وهو أن ما لا يمكن الإحساس به لا يقربه فهذا لا يضر تسليمه لهم بل يسلم لهم يقال لهم: فإن الله تعالى يمكن رؤيته وسمع كلامه بل قد سمع بعض البشر كلامه وهو موسى عليه السلام وسوف يراه عباده في الآخرة وليس من شرط كون الشيء موجودا أن يحس به كل أحد في كل وقت أو أن يمكن إحساس كل أحد به في كل وقت فإن أكثر الموجودات على خلاف ذلك بل متى كان الإحساس به ممكنا ولو لبعض الناس في بعض الأوقات صح القول بأنه يمكن الإحساس به
وقد قال تعالى: { وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء } وهذا هو الأصل الذي ضل به جهم وشيعته حيث زعموا أن الله لا يمكن أن يرى ولا يحس به شيء من الحواس كما أجاب إمامهم الأول للسمنية بإمكان وجود موجود لا يمكن إحساسه
ولهذا كان أهل الاثبات قاطبة متكلموهم وغير متكلميهم على نقض هذا الأصل الذي بناه الجهمية وأثبتوا ما جاء به الكتاب والسنة من أن الله يرى ويسمع كلامه وغير ذلك وأثبتوا أيضا بالمقاييس العقلية أن الرؤية يجوز تعلقها بكل موجود فيصح إحساس كل موجود فما لا يمكن إحساسه يكون معدوما ومنهم من طرد ذلك في اللمس ومنهم من طرده في سائر الحواس كما فعله طائفة من متكلمة الصفائية الأشعرية وغيرهم
والمقصود هنا أولئك المشركين المناظرين قالوا كلاما مجملا فجعلوا الخاص عاما والمعنى مطلقا حيث قالوا: أنت لم تحسه وما لم تحسه أنت لا يكون موجودا والمقدمة الثانية باطلة لكن موهوها بالمعنى الصحيح وهو أن ما لا يمكن إحساسه لا يكون موجودا فناظرهم المناظرون من الصابئة والمقتدى بهم جهم وأصحابه بحال في هذه المقدمة حتى نكروا الحق الذي عليه أولئك الذين موهوه بالباطل وزعم هؤلاء أنه قد يكون موجود ما لا يمكن إحساسه بحال في وقت من الأوقات لشيء من الموجودات وزعموا أن الروح كذلك ثم أخذوا هذه المقدمة الباطلة التي نازعوا فيها أولئك المشركين فنازعوا فيها إخوانهم المؤمنين فصاروا مجادلين للمؤمنين بمثل ما جادلوا به المشركين كمن قاتل المشركين زعما منه أنه إن لم يقاتل ذلك القتال استولى عليه المشركون كما زعم هؤلاء إنهم إن لم يناظروا المشركين هذه المناظرة استعلى عليهم المشركون وأنقطعت حجة المؤمنين في المناظرة وصاروا عاجزين في النظر والمناظرة إذ لم يجدوا بزعمهم طريقا إلا هذه الطريق المبتدعة التي أحدثوها المشتملة على حق وباطل المتضمنة لجدال المشركين والمؤمنين كما أن أولئك المقاتلين لم يجدوا بزعمهم قتالا إلا هذا القتال المبتدع المشتمل على قتال المشركين والمؤمنين ولفظ الإحساس عام يستعمل في الرؤية والمشاهدة الظاهرة أو الباطنة كما قال تعالى: { وكم أهلكنا قبلهم من قرن هل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا } وقال تعالى: { فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله } ومعلوم أن الخلق كلهم ولدوا على الفطرة ومن المعلوم بالفطرة أن ما لا يمكن إحساسه لا باطنا ولا ظاهرا لا وجود له والعقل هو الذي ضبط القدر المشترك الكلي الذي بين أفراد الموجودات التي أحسها والكلي ولا وجود له كليا إلا في الأذهان لا في الأعيان فهذه المقدمة الفطرية هي التي عليها أهل الايمان ومن كان باقيا على الفطرة فيها من المشركين واليهود والنصارى والصابئين وغيرهم كما أن أهل الفطر كلهم متفقون على الإقرار بالصانع وأنه فوق العالم وأنهم حين دعائه يتوجهون إلى فوق بقلوبهم وعيونهم وأيديهم
ولما كان أصل قول جهم هو قول المبدلين من الصابئة وهؤلاء شر من اليهود والنصارى كان الأئمة يقولون إن قولهم شر من قول اليهود والنصارى وإن كانوا خيرا من المشركين كالذين ناظرهم جهم ونحوهم ممن يعطل وجود الصانع أو يوجب عبادة إله معه فإن هؤلاء الصابئة ليسوا كذلك لكنهم وإن لم يوجبوا الشرك فقد لا يحرمونه بل يسوغون التوحيد والإشراك جميعا ويستحسنون عبادة أهل التوحيد وعبادة أهل الإشراك جميعا ولا ينكرون هذا ولا هذا كما هو موجود في كلامهم ومصنفاتهم لكن ليس الناس في التجهم على مرتبة واحدة بل انقسامهم في التجهم يشبه انقسامهم في التشيع
فإن التجهم والرفض هما أعظم البدع أو من أعظم البدع التي أحدثت في الإسلام
ولهذا كان الزنادقة المحضة مثل الملاحدة من القرامطة ونحوهم إنما يتسترون بهذين بالتجهم والتشيع
قال الإمام أبوعبد الله البخاري في كتاب خلق الأفعال عن أبي عبيد قال: ما أبالي أصليت خلف الجهمي أو الرافضي أو صليت خلف اليهودي والنصراني ولا يسلم عليهم ولا يعادون ولا يناكحون ولا يشهدون ولا تؤكل ذبائحهم
قال: وقال عبد الرحمن بن مهدي: هما ملتان الجهمية والرافضة هذاءان وقد كان أمرهم إذ ذاك لم ينتشر ويتفرع ويظهر فساده كما ظهر فيما بعد ذلك
فإن الرافضة القدماء لم يكونوا جهمية بل كانوا مثبتة للصفات وغالبهم يصرح بلفظ الجسم وغير ذلك كما قد ذكر الناس مقالاتهم كما ذكره أبو الحسن الأشعري وغيره في كتاب المقالات والجهمية لم يكونوا رافضة بل كان الاعتزال فاشيا فيهم والمعتزلة كانوا ضد الرافضة وهم إلى النصب أقرب فإن الاعتزال حدث من البصرة والرفض حدث من الكوفيين والتشيع كثر في الكوفة وأهل البصرة كانوا بالضد
فلما كان بعد زمن البخاري من عهد بني بويه الديلم فشا في الرافضة التجهم وأكثر أصول المعتزلة وظهرت القرامطة ظهورا كثيرا وجرى حوادث عظيمة
والقرامطة بنوا أمرهم على شيء من دين المجوس وشيء من دين الصابئة فأخذوا عن هؤلاء الأصلين النور والظلمة وعن هؤلاء العقل والنفس ورتبوا لهم دينا آخر ليس هو هذا ولا هذا وجعلوا على ظاهره من سيما الرافضة ما يظن الجهال به أنهم رافضة وإنما هم زنادقة منافقون اختاروا ذلك لأن الجهل والهوى في الرافضة أكثر منه في سائر أهل الأهواء
والشيعة هم ثلاث درجات شرها الغالية الذين يجعلون لعلي شيئا من الإلهية أو يصفونه بالنبوة وكفر هؤلاء بين لكل مسلم يعرف الإسلام وكفرهم من جنس كفر النصارى من هذا الوجه وهم يشبهون اليهود من وجوه أخرى
والدرجة الثانية: وهم الرافضة المعروفون كالإمامية وغيرهم الذين يعتقدون أن عليا هو الإمام الحق بعد النبي ﷺ بنص جلي أو خفي وأنه ظلم ومنع حقه ويبغضون أبا بكر وعمر ويشتمونهما وهذا هو عند الأئمة سيما الرافضة وهو بغض أبي بكر وعمر وسبهما
والدرجة الثالثة: المفضلة من الزيدية وغيرهم الذين يفضلون عليا على أبي بكر وعمر ولكن يعتقدون إمامتهما وعدالتهما ويتولونهما فهذه الدرجة وإن كانت باطلة فقد نسب إليها طوائف من أهل الفقه والعبادة وليس أهلها قريبا ممن قبلهم بل إلى أهل السنة أقرب منهم إلى الرافضة لأنهم ينازعون الرافضة في إمامة الشيخين وعدلهما وموالاتهما وينازعون أهل السنة في فضلهما على علي - والنزاع الأول أعظم ولكن هم المرقاة التي تصعد منه الرافضة فهم لهم باب
وكذلك الجهمية على ثلاث درجات فشرها الغالية الذين ينفون أسماء الله وصفاته وإن سموه بشيء من أسمائه الحسنى قالوا: هو مجاز فهو في الحقيقة عندهم ليس بحي ولاعالم ولاقادر ولاسميع ولابصير ولامتكلم ولايتلكم
وكذلك وصف العلماء حقيقة قولهم كما ذكره الإمام أحمد فيما أخرجه في الرد على الزنادقة والجهمية قال: فعند ذلك تبين للناس أنهم لا يثبتون شيئا ولكنهم يدفعون عن أنفسهم الشنعة بما يقرون في العلانيه فإذا قيل لهم: فمن تعبدون؟ قالوا: نعبد من يدبر أمر هذا الخلق
فقلنا: فهذا الذي يدبر أمر هذا الخلق هو مجهول لا يعرف بصفة؟ قالوا: نعم قلنا: قد عرف المسلمون أنكم لا تثبتون شيئا إنما تدفعون عن أنفسكم الشنعة بما تظهرون
فقلنا لهم: هذا الذي يدبر هوالذي كلم موسى قالوا: لم يتكلم ولا يتكلم لأن لا الكلام لا يكون إلا بجارحة والجوارح عن الله منتفية وإذا سمع الجاهل قولهم يظن أنهم من أشد الناس تعظيما لله ولا يعلم أنهم إنما يقودون قولهم إلى ضلال وكفر
وقال أبو الحسن الأشعري في كتاب الإبانة باب الرد على الجهمية في نفيهم علم الله وقدرته قال الله عز وجل: { أنزله بعلمه } وقال سبحانه: { وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه }
وذكر العلم في خمسة مواضع من كتابه وقال سبحانه: { فإلم يستجيبوا لكم فاعلموا أنما أنزل بعلم الله } وقال سبحانه: { ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء }
وذكر تعالى القوة فقال: { أولم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة } وقال: { ذو القوة المتين } وقال سبحانه: { والسماء بنيناها بأيد } وزعمت الجهمية والقدرية: أن الله لا علم له ولا قدرة ولا حياة ولا سمع ولا بصر أرادوا أن ينفوا أن الله عالم قادر حي سميع بصير فمنعهم من ذلك خوف السيف من إظهار نفي ذلك فأتوا بمعناه لأنهم إذا قالوا لا علم ولا قدرة لله فقد قالوا أنه ليس بعالم ولا قادر ووجب ذلك عليهم
قال: وهذا إنما أخذوه عن أهل الزندقة والتعطيل لأن الزنادقة قال كثير منهم ليس بعالم ولاقادر ولا حي ولا سميع ولا بصير فلم تقدر المعتزلة أن تفصح بذلك فأتت بمعناه وقالت إن الله عز وجل عالم قادر حي سميع بصير من طريق التسمية من غير أن تثبت له علما أوقدرة أو سمعا أو بصرا
وكذلك قال في كتاب المقالات: الحمد لله الذي بصرنا خطأ المخطئين وعمي العمين وحيرة المتحيرين الذين نفوا صفات رب العالمين وقالوا إن الله جل ثناؤه وتقدست أسماؤه لاصفات له وأنه لاعلم له ولا قدرة ولاحياة له ولاسمع له ولابصر له ولا عزة له ولا جلال له ولا عظمة له ولاكبرياء له
وكذلك قالوا في سائر صفات الله تعالى التي وصف بها نفسه قال: وهذا قول أخذوه عن إخوانهم من المتفلسفة الذين يزعمون أن للعالم صانعا لم يزل ليس بعالم ولا قادر ولاحي ولا بصير ولا قدير وعبروا عنه أن قالوا نقول: غيرلم يزل ولم يزيدوا على ذلك غير أن هؤلاء الذين وصفنا قولهم من المعتزلة في الصفات لم يستطيعوا أن يظهروا من ذلك ما كانت الفلاسفة تظهره فأظهروا معناه فنفوا أن يكون للباري علم وقدرة وحياة وسمع وبصر وحياة ولولا الخوف لأظهروا ما كانت الفلا سفة تظهره من ذلك ولأفصحوا به غير أن خوف السيف يمنعهم من إظهار ذلك قال: وقد أفصح رجل يعرف بابن الأباري كان ينتحل قولهم فزعم أن الباري عالم قادر سميع بصير في المجاز لا في الحقيقة وهذا القول هو قول الغالية النفاة للأسماء حقيقة هو قول القرامطة الباطنية ومن سبقهم من إخوانهم الصابئية الفلاسفة
والدرجة الثانية من التجهم: هو تجهم المعتزلة ونحوهم الذين يقرون بأسماء الله الحسنى في الجملة لكن ينفون صفاته وهم أيضا لا يقرون بأسماء الله الحسنى كلها على الحقيقة بل يجعلون كثيرا منها على المجاز وهؤلاء هم الجهمية المشهورون
وأما الدرجة الثالثة: فهم الصفاتية المثبتون المخالفون للجهمية لكن فيهم نوع من التجهم كالذين يقرون بأسماء الله وصفاته في الجملة لكن يردون طائفة من أسمائه وصفاته الخبرية أو غير الخبرية ويتأولونها كما تأول الأولون صفاته كلها ومن هؤلاء من يقر بصفاته الخبرية الواردة في القرآن دون الحديث كما عليه كثير من أهل الكلام والفقه وطائفة من أهل الحديث ومنهم من يقر بالصفات الواردة في الأخبار أيضا في الجملة لكن مع نفي وتعطيل لبعض ما ثبت بالنصوص وبالمعقول وذلك كأبي محمد بن كلاب ومن اتبعه
وفي هذا القسم يدخل أبو الحسن الأشعري وطوائف من أهل الفقه والكلام والحديث والتصوف وهؤلاء إلى أهل السنة المحضة أقرب منهم إلى الجهمية والرافضة والخوارج والقدرية لكن انتسب إليهم طائفة هم إلى الجهمية أقرب منهم إلى أهل السنة المحضة فإن هؤلاء ينازعون المعتزلة نزاعا عظيما فيما يثبتونه من الصفات أعظم من منازعتهم لسائر أهل الإثبات فيما ينفونه
وأما المتأخرون فإنهم والوا المعتزلة وقاربوهم أكثر وقدموهم على أهل السنة والإثبات وخالفوا أوليهم ومنهم من يتقارب نفيه وإثباته وأكثر الناس يقولون إن هؤلاء يتناقضون فيما يجمعونه من النفي والإثبات
وفي هذه الدرجة حصل النزاع في مسألة الحرف والصوت والمعنى القائم بالنفس وذلك أن الجهمية لما أحدثت القول بأن القرآن مخلوق ومعناه أن الله لم يصف نفسه بالكلام أصلا بل حقيقة أن الله لم يتكلم ولا يتكلم كما أفصح به رأسهم الأول الجعد بن درهم حيث زعم أن الله لم يتخذ إبراهيم خليلا ولم يكلم موسى تكليما لأن الخلة إنما تكون من المحبة وعنده أن الله لا يحب شيئا في الحقيقة ولا يحبه شيء في الحقيقة فلا يتخذ شيئا خليلا وكذلك الكلام يمتنع عنده على الرب تعالى
وكذلك نفت الجهمية من المعتزلة وغيرهم أن يكون لله كلام قائم به أو إرادة قائمة به وادعوا ما باهتوا به صريح العقل المعلوم بالضرورة أن المتكلم يكون متكلما بكلام يكون في غيره
وقالوا أيضا: يكون مريدا بإرادة ليست فيه ولا في غيره أو الإرادة وصف عدمي أو ليست غير المرادات المخلوقة وغير الأمر وهوالصوت المخلوق في غيره فكان حقيقة قولهم التكذيب بحقيقة ما أخبرت الرسل من كلام الله ومحبته ومشيئته وإن كانوا قد يقرون بإطلاق الألفاظ التي أطلقتها الرسل وهذا حال الزناقة المنافقين من الصابئين والمشركين من المتفلسفة والقرامطة ونحوهم: فيما أحبرت به الرسل في باب الإيمان بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين بل وفيما أمرت به أيضا وهم مع ذلك يقرون بكثير مما أخبرت به الرسل وتعظيم أقدارهم فهم يؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض لكن هؤلاء المتفلسقة يقولون إن كلام الله هوما يفيض على نفوس الأنبياء الصافية المقدسة من العقل الفعال الذي يزعمون أنه الروح المفارق للأجسام الذي هو العقل العاشر كفلك القمر ويزعمون أنه الذي يفيض منه ما في هذا العالم من الصور والأعراض
ويزعم من يزعم من منافقيهم الذين يحاولون الجمع بين النبوة وبين قولهم بأن ذلك هو جبريل ويقولون: إن تلك المعاني التي تفيض على نفس النبي والحروف التي تتشكل في نفسه هي كلام الله كما يزعمون أن ما يتصور في نفسه من الصور النورانية هي ملائكة الله فلا وجود لكلام الله عندهم خارجا عن نفس النبي وكذلك الملائكة غير العقول العشرة والنفوس التسعة أكثرهم متنازعون فيها هل هي جواهر أو أعراض إنما الملائكة ما يوجد فى النفوس والأبدان من القوى الصالحة والمعارف والإرادات الصالحة ونحو ذلك وحقيقة ذلك أن القرآن إنشاء الرسول وكلامه
كما قال ذلك فيلسوف قريش وطاغوتها الوحيد ابن المغيرة الذي قال الله فيه: { ذرني ومن خلقت وحيدا * وجعلت له مالا ممدودا * وبنين شهودا * ومهدت له تمهيدا * ثم يطمع أن أزيد * كلا إنه كان لآياتنا عنيدا * سأرهقه صعودا * إنه فكر وقدر * فقتل كيف قدر * ثم قتل كيف قدر } إلى قوله: { إن هذا إلا قول البشر } وهذا قول وقع فيه طوائف من متأخري غالية المتكلمة والمتصوفة الذين ضلوا بكلام المتفلسفة فوقعوا فيما ينافي أصلي الإسلام شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله بما وقعوا فيه من الإشراك وجحود حقيقة الرسالة فهذا قول من قال من الغالية الجهمية
وأما الجهمية المشهورون من المعتزلة ونحوهم فقالوا: إنه يخلق كلاما في غيره إمافي الهواء وإما بين ورق الشجرة التي كلم منها موسى وإما غير ذلك فذلك هو كلام الله عندهم فإذا قالوا: إن الله متكلم حقيقة وإن له كلاما حتيقة فهذا معناه عندهم وهوتبديل للحقيقة التي فطر الله عليها عباده واللغة التي اتفق عليها بنو آدم والكتب التي أنزلها الله من السماء ولما كان من المعلوم بالفطرة الضرورية التي اتفق عليها بنو آدم إلا من اجتالت الشياطين فطرته أن المتكلم هو الذي يقوم به الكلام ويتصف به وكذلك المحب والمريد من تقوم به المحبة والإرادة كما أن العليم والقدير من يقوم به العلم والقدره
وقد قالوا: ليس لله كلام إلا ما يكون قائما بغيره كالشجرة لزم أن تكون الشجرة هي المتكلمة بالكلام الذي خاطب الله به موسى ولهذا قال عبد الله بن المبارك: من قال { إنني أنا الله لا إله إلا أنا } مخلوق فهو كافر ولا ينبغي لمخلوق أن يقول ذلك لأن حقيقة قولهم إن المخلوق هو القائل لذلك وكذلك قال يحيى بن سعيد القطان وذكر له أن قوما يقولون القرآن مخلوق فقال: كيف يصنعون ب { قل هو الله أحد }؟ كيف يصنعون بقوله: { إنني أنا الله لا إله إلا أنا }؟
وقال سليمان بن داود الهاشمي: من قال القرآن مخلوق فهو كافر وإن كان القرآن مخلوق كما زعموا فلم صار فرعون أولى بأن يخلد في النار إذ قال أنا ربكم الأعلى وقال غيره: { إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني } فهذا أيضا قد ادعى ما ادعى فرعون فلم صار فرعون أولى بأن يخلد في النار من هذا وكلاهما عنده مخلوق فأخبر بذلك أبوعبيد فاستحسنه
قال البخاري: وقال علي بن عاصم أما الذين قالوا إن لله ولدا أكفر من الذين قالوا إن الله لا يتكلم وقال: أحذر ابن المريسي وأصحابه فإن كلا منهم ابن جد الزندقة وأنا كلمت استاذهم جعدا فلم يثبت أن في السماء إلى إلها قال البخاري: وقال عبد الرحمن بن عفان سمعت سفيان بن عيينة يقول في السنة التي ضرب فيها المريسي فقام ابن عيينة من مجلسه مغضبا فقال:؟ ويحكم القرآن كلام الله قد صحبت الناس وأدركتهم هذا عمرو بن دينار وهذا ابن المنكدر حتى ذكر منصور أو الأعمش ومسعر بن كدام فقال ابن عيينة: قد تكلموا في الاعتزال والرفض والقدر وأمرونا باجتناب القوم فمانعرف القرآن إلا كلام الله فمن قال غير هذا فعليه لعنة الله ما أشبه هذا القول بقول النصارى لا تجالسوهم ولا تسمعوا كلامهم
قال البخاري: حدثني الحكم بن محمد الطبري حدثنا سفيان بن عيينة قال: أدركت مشايخنا منذ سبعين سنة منهم عمرو بن دينار يقولون: القرآن كلام الله ليس بمخلوق وكذلك أيضا قالوا: الله تعالى قد خلق كلاما في غيره كما قال تعالى: { وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء }
ومن ذلك كلام الذراع للنبي ﷺ وتسليم الحجر عليه وغير ذلك مما يطول
ومعلوم أن ذلك ليس كلام الله لا سيما من علم أن الله خالق كل كشيء وهو خالق أفعال العباد من كلامهم وحركاتهم وغير ذلك فكل ذلك يجب أن يكون كلاما لله إن كان ما خلقه من الكلام في كلاماله وهذا مما يعلم فساده بالضرورة ويوجب أن يكون الكفر والكذب
وقول الشاة: [ إني مسمومة فلا تأكلني ] وقول البقرة: [ إنا لم نخلق لهذا إنما خلقنا لنحرث ] وشهادة الجلود والأيدي والأرجل كلام الله وإلا يفرق بين نطقه وبين إنطاقه لغيره وأيضا فقد قال تعالى: { وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء }
فأخبر بأنه ليس لأحد من البشر أن يكلمه الله إلا على هذه الوجوه الثلاثة فلوكان تكليمه ليس هو نفسه المتكلم به ولا هو قائم به بل هو بأن يخلق كلاما في شجرة أو نحوها من المخلوقات لم يكن لاشتراط هذه الوجوه معنى لأن ما يقوم بالمخلوقات يسمعه كل أحد كما يسمعون ما يحدثه في الجمادات من الانطاق وكما سمعوا ما يحدثه في الأحياء من الانطاق ولأنه فرق بين الوحي وبين التكليم من وراء حجاب فلو كان كلامه هو ما يخلقه في غيره من غير أن يقوم به كلام لم يحصل الفرق ولأنه فرق بين ذلك وبين أن يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء فلوكان ذلك الرسول لم يسمع إلا ما خلق في بعض المخلوقات لكان هذا من جنس ما يخلقه فيسمعه البشر وحينئذ فيكون كلاهما من وراء حجاب فلايكون الله مكلما للملائكة قط إلا من وراء حجاب
وقوله: { من وراء حجاب } دليل على أنه قد يكلم من شاء بلا حجاب كما استفاضت بذلك السنن عن النبي ﷺ فلما ابتدعت الجهمية هذه المقالات أنكرذلك سلف الأمة وأئمتها من بقايا التابعين وأتباعهم وصاروا يظهرون أعظم المقالات شبهة كقولهم: القرآن مخلوق لأنهم يشبهون بهذا على العامة ما لا يشبهونه بغيرهم إذ يقول القائل كل ما سوى الله مخلوق ولأن نقيض هذا اللفظ ليس مشهورا كشهرة أحاديث الرؤية والعرش وغير ذلك ومع هذا فكان إنكار السلف والأئمة لذلك من أعظم الإنكار دع ما هو أظهر فسادا
قال الإمام الحافظ أبو القاسم اللالكائي: وقد ذكر أقوال السلف والأئمة بأن القرآن كلام الله غير مخلوق وما ورد عنهم من تكفير من يقول ذلك ثم قال: فهؤلاء خمسمائة وخمسون نفسا وأكثر من التابعين وأتباع التابعين والأئمة المرضيين سوى الصحابة الخبيرين على اختلاف الأعصار ومضي السنين والأعوام وفيهم نحو مائة إمام ممن أخذ الناس بقولهم وتدينوا بمذاهبهم قال: ولو اشتغلت بنقل قول المحدثين لبلغت أسماؤهم ألوفا كثيرة لكن اختصرت فنقلت عن هؤلاء عصرا بعد عصر لا ينكر عليهم منكر ومن أنكر قولهم استتابوه وأمروا بقتله أو نفيه أو صلبه قال: ولا خلاف بين الأمة أن أول من قال القرآن مخلوق الجعد بن درهم في سني نيف وعشرين ثم الجهم بن صفوان فأما جعد فقتله خالد بن عبد الله القسري وأما جهم فقتل بمرو في خلافة هشام بن عبد الملك وسأذكر قصتهما إن شاء الله