الفتاوى الكبرى/كتاب الوقف/6
58 - 899 - مسألة: في وقف على أربعة أنفس: عمرو وياقوتة وجهمة وعائشة: يجري عليهم للذكر مثل حظ الأنثيين فمن توفي منهم عن ولد أو ولد ولد أو عن نسل وعقب وان سفل: عاد ما كان جاريا عليه من ذلك على ولده ثم على ولد ولده ثم على نسله وعقبه ثم من بعده وان سفل بينهم للذكر مثل حظ الانثيين ومن توفي منهم عن غير ولد ولا ولد ولد ولا نسل ولا عقب عاد نصيبه وقفا على إخوته الباقين ثم على أنسالهم وأعقابهم بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين على الشرط والترتيب المقدم ذكرهما فإذا لم يبق لهؤلاء الأخوة الموقوف عليهم نسل ولا عقب أو توفوا بأجمعهم ولم يعقبوا ولا واحد منهم عاد ذلك وقفا على الأسارى ثم على الفقراء ثم توفي عمر عن فاطمة وتوفيت فاطمة عن عيناشى ابنة إسماعيل بن أبي يعلى ثم توفيت عيناشي عن غير نسل ولا عقب ولم يبق من ذرية هؤلاء الأربعة إلا بنت إسماعيل بن أبي يعلي وكلاهما من ذرية جهمة فهاتان الجهتان اللتان تليهما عيناشى بعد موت أبيها هل ينتقل إلى أختها رقيه؟ أو إليها أو إلى ابنة عمها صفية؟
الجواب: هذا النصيب الذي كان لعيناشى من أمها ينتقل إلى ابنتي العم المذكورتين ولا يجوز أن تخص به أختها لأبيها لأن الواقف ذكر: أن من توفي من هؤلاء الأخوة الموقوف عليهم عن غير ولد ولا ولد ولد ولا نسل ولا عقب عاد نصيبه وقفا على إخوته ثم على أنسالهم وأعقابهم على الشرط والترتيب المقدم ذكرهما وهذه العبارة تعم من انقطع نسله أولا وآخرا فكل من انقطع نسله من هؤلاء الأخوة كان نصيبه لأخوته ثم لأولادهم لأن الواقف لو لم يرد هذا لكان قد سكت عن بيان حكم من أعقب أولا ثم انقطع عقبه ولم يبين مصرف نصيبه وذلك غير جائز لأنه إنما نقل الوقف إلى الأسرى والفقراء إذا لم يبق ولا لموقوف عليهم نسل ولا عقب فمتى أعقبوا ولو واحدا منهم لم ينتقل إلى الأسرى شئ ولا إلى الفقراء وذلك يوجب أن ينتقل نصيب من انقطع نسله منهم إلى الأخوة الباقين وهو المطلوب
وأيضا فإنه قسم حال المتوفي من الأربعة الموقوف عليهم إلى حالين أما أن يكون له ولد أو نسل وعقب أو لا يكون فإن كان له انتقل نصيبه إلى الولد ثم إلى ولد الولد ثم إلى النسل والعقب وإن لم يكن انتقل إلى الأخوة ثم إلى أولادهم فينبغي أن يعم هذا القسم ما لم يدخل في القسم الأول ليعم البيان جميع الأحوال لأنه هو الظاهر من حال المتكلم ولأنه لو لم يكن كذلك لزم الأهمال والالغاء وإبطال الوقف على قول ودلالة الحال تنفي هذا الاحتمال وإذا عم ما لم يدخل في القسم الأول دخل فيه من لا ولد له ومن لا ولد لولده ومن لا عقب له وإذا كان كذلك فأي هؤلاء الأربعة لم يكن له عقب كان نصيبه لاخوته ثم لعقبه
وأيضا فإن الواقف قد صرح بأن من مات منهم عن غير عقب انتقل نصيبه إلى إخوته ثم إلى أولادهم وهذا المقصود لا يختلف بين أن لا يخلف ولدا أو يخلف ولدا ثم يخلف ولده ولدا فإن العاقل لا يقصد الفرق بين هاتين الحالتين لأن التفريق بين المتماثلين قد علم بمطرد العادة أن العاقل لا يقصده فيجب أن لا يحمل كلامه عليه بل يحمل كلامه على ما دل عليه دلالة الحال والعرف المطرد إذا لم يكن في اللفظ ما هو أولى منه وإذا كان انقطاع النسل أولا وآخرا سواء بالنسبة إلى الانتقال إلى الأخوة وجب حمل الكلام عليه
واعلم أن من أمعن النظر علم قطعا أن الواقف إنما قصد هذا بدلالة الحال واللفظ سائغ له وليس في الكلام وجه ممكن هو أولى منه فيجب الحمل عليه قطعا
وأيضا فإن الوقف يراد للتأييد فيجب بيان حال المتوفي في جميع الطبقات فيكون قوله: ومن توفي منهم عن غير ولد ولا ولد ولد ولا نسل ولا عقب في قوة قوله: ومن كان منهم ميتا ولا عقب له لأن عدم نسله بعد موته بمنزلة كونهم معدومين حال موته فلا فرق في قوله هذا وقوله: ومن مات منهم ولا ولد له وقوله: ومن مات منهم ولم يكن له ولد وهذه العبارة وإن كان قد لا يفهم منها إلا عدم الذرية حين الموت في بعض الأوقات لكن اللفظ سائغ لعدم الذرية حين الموت في بعض الأوقات لكن اللفظ سائغ لعدم الذرية مطلقا بحيث لو كان المتكلم قال: قد أردت هذا لم يكن خارجا عن حد الافهام وإذا كان اللفظ سائغا له ولم يتناول صورة الحادثة إلا هذا اللفظ: وجب إدراجها تحته لأن الأمر إذا دار بين صورة يحكم فيها بما يصلح له لفظ الواقف ودلالة حاله وعرف الناس كان الأول هو الواجب بلا تردد
إذا تقرر هذا: فعم جد عيناشى هو الآن متوفي عن غير ولد ولا ولد ولد ولا نسل ولا عقب فيكون نصيبه لأخوته الثلاثة على أنسابهم وأعقابهم والحال التي انقطع فها نسله لم يكن من ذريته إلا هاتان المرأتان فيجب أن تستويا في نصيب عيناشى وهكذا القول في كل واحد انقطع نسله فإن نصيبه ينتقل إلى ذرية إخوته إلا أن يبقى أحد من ذرية أبيهم الذي انتقل إليه الوقف منه أو من ذرية أمه التي انتقل إليه الوقف منها: فيكون باقي الذرية هم المستحقين لنصيب أمهم أو أبيهم لدخولهم في قوله: فمن توفي منهم عن ولد أو ولد ولد
واعلم أن الكلام إن لم يحمل على هذا كان نصيب هذا وقفا منقطع الإنتهاء لأنه قال: فمن توفي منهم عن ولد كان نصيبه لولده ثم لولد ولده ثم لنسله وعقبه ولم يبين بعد انقراض النسل إلى من يصير لكن بين في آخر الشرط أنه لا ينتقل إلى الأسرى والفقراء حتى يصير لكن بين في آخر الشرط أنه لا ينتقل إلى الأسرى والفقراء حتى تنقرض ذرية الأربعة فيكون مفهوم هذا الكلام صرفه إلى الذرية وهاتان من الذرية وهما سواء في الدرجة ولم يبق غيرهما: فيجب أن يشتركا فيه وليس بعد هذين الاحتمالين إلا أن يكون قوله: ومن توفي منهم عائدا إلى الأربعة وذريتهم
فيقال حينئذ: عيناشى قد توفيت عن أخت من أبيها وابنة عم فيكون نصيبها لاختها وهذا الحمل باطل قطعا لا ينفذ حكم حاكم إن حكم بموجبه لأن الضمير أولا في قوله: فمن توفي منهم عائد إلى الأربعة فالضمير في قوله: ومن توفي منهم عائد ثانيا إلى هؤلاء الأربعة لأن الرجل إذا قال: هؤلاء الأربعة من فعل منهم كذا فافعل به كذا وكذا ومن فعل منهم كذا فافعل لولده كذا علم بالاضطرار أن الضمير الثاني هو الضمير الأول ولأنه قال: ومن توفي منهم عن غير ولد عاد نصيبه إلى إخوته الباقين وهذا لا يقال إلا فيمن له إخوة تبقى بعد موته وإنا نعلم هذا في هؤلاء الأربعة لأن الواحد من ذريتهم قد لا يكون له أخوة باقون فلو أريد ذلك المعنى لقيل: على إخوته إن كان له إخوة أو قيل: ومن مات منهم عن إخوة كما قيل في الولد: ومن مات منهم عن ولد وهذا ظاهر لا خفاء به
وأيضا فلو فرض أن من مات من أهل الوقف عن إخوة كان نصيبه لأخوته فإنما ذلك في الأخوة الذين شركوه في نصيب أبيه وأمه لا في الأخوة الذين هم أجانب عن النصيب الذي خلفه على ما هو مقرر في موضعه من كتب الفقه على المذاهب المشهورة وهذا النصيب إنما تلقته عيناشى من أمها وأختها رقية أجنبية من أمها لأنها أختها من أبيها فقط فنسبة أختها لأبيها وابنة عمها إلى نصيب الأم سواء وهذا بين لمن تأمله والله أعلم
59 - 900 - مسألة: في واقف وقف وقفا على ولديه: عمر وعبد الله بينهما بالسوية نصفين: أيام حياتهما أبدا ما عاشا دائما ما بقيا ثم على أولادهما من بعدهما وأولاد أولادهما ونسلهما وعقبهما أبدا ما تناسلوا بطنا بعد بطن فتوفي عبد الله المذكور وخلف أولادا فرفع عمر ولد عبد الله إلى حاكم يرى الحكم بالترتيب وسأله رفع يد ولد عبد الله عن الوقف وتسليمه إليه فرفع يد ولد عبد الله وسلمه إلى عمر بحكم أنه من البطن الأول فهل يكون ذلك الحكم جاريا في جميع البطون أم لا؟ ثم إن عمر توفي وخلف أولادا فوضعوا أيديهم على الوقف بغير حكم حاكم فطلب ولد عبد الله من حاكم يرى الحكم بالتشريك بينهم في الوقف تشريكهم لأن الواقف جمع بين الأولاد والنسل والعقب في الاستحقاق بعد عبد الله وعمر بالواو الذي يقتضي بالتشريك دون الترتيب وأن قوله: بطنا بعد بطن لا يقتضي الترتيب فهل الحكم له بالمشاركة صحيح أم لا؟ وهل حكم الأول لعمر متقدم على ولد عبد الله مناقضا للحكم بالتشريك بين أولاد عمر وأولاد عبد الله؟ وهل لحاكم ثالث أن يبطل هذا الحكم والتنفيذ؟
الجواب: مجرد الحكم لأحد الأخوين الأولين بجميع الوقف بعد موت أخيه المتوفي لا يكون جاريا في جميع البطون ولا يكون حكما لأولاده بما حكم له به فإن قوله: ثم على أولادهما هل هو لترتيب المجموع على المجموع أو لترتيب الأفراد على الأفراد بحيث ينتقل نصيب كل ميت إلى ولده؟ فيه قولان للفقهاء وكذلك قوله: وأولادهما من بعدهما بطنا بعد بطن هل هو للترتيب أو للتشريك؟ فيه قولان فإذا حكم الحاكم باستحقاق عمر الجميع بعد موت عبد الله كان هذا لاعتقاده لترتيب المجموع إلى المجموع فإذا مات عمر فقد يرى ذلك الحاكم الترتيب في الطبقة الأولى فقط كما قد يشعر به ظاهر اللفظ وقد يكون يرى أن الترتيب في جميع البطون لكن ترتيب الجميع على الجميع ويشترك كل طبقة من الطبقتين في الوقف دون من هو أسفل منها وقد يرى غيره وأنه بعد ذلك لترتيب الأفراد على الأفراد فإذا حكم حاكم ثان فيما لم يحكم فيه الأول بما لا يناقض حكمه لم يكن نقضا لحكمه فلا ينقض هذا الثاني إلى بمخالفة نص أو إجماع والله أعلم
60 - 901 - مسألة: فيمن وقف وقفا على ابن ابنه فلان ثم على أولاده: واحدا كان أم أكثر ثم على أولاد أولاده ثم نسله وعقبه فمن توفي منهم عن ولد أو ولد ولد أو عن نسل وعقب عاد ما كان جاريا عليه من ذلك على من معه في درجته فتوفي الأول عن أولاد توفي أحدهم في حياته عن أولاد ثم مات الأول وخلف بنته وولدي ابنه فهل تأخذ البنت الجميع؟ أو ينتقل إلى ولدي الابن ما كان يستحقه أبوهما لو كان حيا؟
الجواب: بل النصيب الذي كان يستحقه محمد الميت في حياة أبيه لو عاش ينتقل إلى ولديه دون أخته فإن الواقف قد ذكر أن قوله: على أولاده ثم على أولاد أولاده إنما أراد به ترتيب الأفراد على الأفراد لا ترتيب الجملة على الجملة بما بينه وإن كان ذلك هو مدلول اللفظ عند الاطلاق على أحد القولين
والحقوق المرتب أهلها شرعا أو شرطا إنما يشترط انتقالها إلى الطبقة الثانية عند عدم الأولى أو عدم استحقاقها لاستحقاق الأولى أولا كما يقول الفقهاء في العصب بالميراث أو النكاح: الابن ثم ابنه ثم الأب ثم أبوه فاستحقاق ابن الابن مشروط بعدم أبيه لعدم استحقاقه لمانع يقوم به من كفر وغيره لا يشترط أن أباه يستحق شيئا لم ينتقل إليه كذلك في الأم: النكاح والحضانة وولاية غسل الميت والصلاة عليه
وإنما يتوهم من يتوهم اشتراط استحقاق الطبقة الأولى لتوهمه أن الوقف ينتقل من الأولى إليها وتتلقاه الثانية عن الأولى كالميراث وليس كذلك بل هي تتلقى الوقف عن الواقف كما تلقته الأولى وكما تتلقى الأقارب حقوقهم عن الشارع لكن يرجع في الاستحقاق إلى ما شرطه الشارع والواقف من الترتيب
61 - 902 - مسألة: وقف إنسان شيئا على زيد ثم على أولاد زيد الثمانية فمات واحد من أولاد زيد الثمانية المعينين في حال حياة زيد وترك ولدا ثم مات زيد فهل ينتقل إلى ولد ولد زيد ما استحقه ولد زيد لو كان حيا؟ أم يختص الجميع بأولاد زيد؟
الجواب: نعم يستحق ولد الولد ما كان يستحقه والده ولا ينتقل ذلك إلى أهل طبقة الميت ما بقي من ولده وولد ولده أحد وذلك لأن قوله الواقف: على زيد ثم على أولاده ثم أولاد أولاده فيه للفقهاء من أصحاب الامام أحمد وغيرهم عند الاطلاق قولان:
أحدهما: أنه لترتيب الجملة على الجملة المشهور في قوله: على زيد وعمرو ثم على المساكين
والثاني: أنه لترتيب الأفراد على الأفراد كما في قوله تعالى: { ولكم نصف ما ترك أزواجكم } أي لكل واحد نصف ما تركته زوجته وكذلك قوله: { حرمت عليكم أمهاتكم } أي حرمت على كل واحد أمه: إذ مقابلة الجمع بالجمع تقتضي توزيع الأفراد على الأفراد كما في قوله: لبس الناس ثيابهم وركب الناس دوابهم
وهذا المعنى هو المراد في صورة السؤال قطعا إذ قد صرح الواقف بأن من مات من هؤلاء عن ولد انتقل نصيبه إلى ولده فصار المراد ترتيب الأفراد على الأفراد في هذه الصورة المقيدة بلا خلاف إذ الخلاف إنما هو مع الإطلاق
وإذا كان كذلك فاستحقاق المرتب في الشرع والشرط في الوصية والوقف وغير ذلك إنما يشترط في انتقاله إلى الثاني عدم استحقاق الأول سواء كان قد وجد واستحق أو وجد ولم يستحق أو لم يوجد بحال كما في قول الفقهاء في ترتيب العصبات وأولياء النكاح والحضانة وغيرهم فيستحق ذلك الابن ثم ابنه وإن سفل ثم الأب ثم أبوه وإن علا فإن الأقرب إذا عدم أو كان ممنوعا لكفر أو رق انتقل الحق إلى من يليه ولا يشترط في انتقال الحق إلى من يليه أن يكون الأول قد استحق وكذلك لو قال: النظر في هذا لفلان ثم لفلان أو لابنه فمتى انتفى النظر عن الأول لعدمه أو جنونه أو كفره انتقل إلى الثاني سواء كان ولدا أو غير ولد وكذلك ترتيب العصبة في الميراث وفي الارث بالولاء وفي الحضانة وغير ذلك
وكذلك في الوقف: لو وقف على أولاده طبقة بعد طبقة عصبتهم وشرط أن يكونوا عدولا أو فقراء أو غير ذلك وانتفى شرط الاستحقاق في واحد من الطبقة الأولى أو كلهم انتقل الحق عند عدم استحقاق الأول إلى الطبقة الثانية إذا كانوا متصفين بالاستحقاق
وسر ذلك أن الطبقة الثانية تتلقى الوقف من الواقف لا من الطبقة الأولى لكن تلقيهم ذلك مشروط بعدم الأولى كما أن العصبة البعيدة تتلقى الإرث من الميت لا من العاصب القريب لكن شرط استحقاقه عدم العاصب القريب وكذلك الولاء في القول المشهور عند الأئمة يرث به أقر عصبة الميت يوم موت المعتق لأنه يورث كما يورث المال
وإنما يغلط ذهن بعض الناس في مثل هذا حيث يظن أن الولد يأخذ هذا الحق إرثا عن أبيه أو كالإرث فيظن أن الانتقال إلى الثانية مشروط باستحقاق الأولى كما ظن ذلك بعض الفقهاء فيقول: إذا لم يكن الأب قد ترك شيئا لم يرثه الابن وهذا غلط فإن الابن لا يأخذ ما يأخذ الأب بحال ولا يأخذ عن الأب شيئا إذ لو كان الأب موجوا لكان يأخذ الريع مدة حياته ثم ينتقل إلى ابنه الريع الحادث بعد موت الأب لا الريع الذي يستحقه وأما رقبة الوقف فهي باقية على حالها: حق الثاني فيها في وقته نظير حق الأول في وقته لم ينتقل إليهم إرثا
ولهذا اتفق المسلمون في طبقات الوقف أنه لو انتفت الشروط في الطبقة الأولى أو بعضهم لم يلزم حرمات الطبقة الثانية إذا كانت الشروط موجودة فيهم وإنما نازع بعضهم فيما إذا عدموا قبل زمن الاستحقاق ولا فرق بين الصورتين
ويبين هذا إنه لو قيل بانتقال نصيب الميت إلى أخوته لكونه من الطبقة كان ذلك مستلزما لترتيب جملة الطبقة على الطبقة أو إن بعض الطبقة الثانية أو كلهم لا يستحق إلا مع عدم جميع الطبقة الأولى ونص الواقف يبين أنه أراد ترتيب الأفراد على الأفراد مع إنا نذكر في الإطلاق قولين: الأقوى ترتيب الأفراد مطلقا إذ هذا هو المقصود من هذه العبارة وهم يختارون تقديم ولد الميت على أخيه فيما يرثه أبوه فإنه يقدم الولد على الأخ وإن قيل الوقف في هذا منقطع فقد صرح هذا الواقف بالألفاظ الدالة على الاتصال فتعين أن ينتقل نصيبه إلى ولده
وفي الجملة فهذا مقطوع به لا يقبل نزاعا فقهيا وإنما يقبل نزاعا غلطا وقول الواقف: فمن مات من أولاد زيد أو أولاد أولاده وترك ولدا أو ولد ولد وإن سفل: كان نصيبه إلى ولد ولده أو ولد ولد ولده يقال فيه: إما أن يكون قوله: نصيبه يعم النصيب الذي يستحقه إذا كان متصفا بصفة الاستحقاق سواء استحقه أو لم يستحقه ولا يتناول إلا ما استحقه فإن كان الأول فلا كلام وهو الأرجح لأنه بعد موته ليس هو في هذه الحال مستحقا له ولأنه لو كان الأب ممنوعا لانتفاء صفة مشروطة فيه مثلا: مثل أن يشترط فيهم الإسلام أو العدالة أو الفقر كان ينتقل مع وجود المانع إلى ولده كما ينتقل مع عدمه ولأن الشيء يضاف إلى الشيء بأدنى ملابسة فيصدق أن يقال: نصيبه بهذا الاعتبار ولأن حمل اللفظ على ذلك يتقضى أن يكون كلام الواقف متناولا لجميع الصور الواقعة فهو أولى من حمله على الاخلال بذكر البعض ولأنه يكون مطابقا للترتيب الكلامي وليس ذلك هو المفهوم من ذلك عند العامة الشارطين مثل هذا
وهذا أيضا موجب الاعتبار والقياس النظري عند الناس في شروطهم إلى استحقاق ولد الولد الذي يكون يتيما لم يرث هو وأبوه من الجد شيئا فيرى الواقف أن يجبره بالاستحقاق حينئذ فإنه يكون لاحقا فيما ورث أبوه من التركة وانتقل إليه الإرث وهذا الذي يقصده الناس موافق لمقصود الشارع أيضا ولهذا يوصون كثيرا بمثل هذا الولد
وإن قيل: إن هذا اللفظ لا يتناول إلا ما استحقه كان هذا مفهوم منطوق خرج مخرج الغالب فلا مفهوم له وإذا لم يكن له مفهوم كان مسكوتا عنه في هذا الموضع ولكن قد يتناوله في قوله: على زيد ثم على أولاده ثم على أولاد أولادهم فإنا ذكرنا أن موجب هذا اللفظ مع ما ذكر بعده من أن الميت ينتقل نصيبه إلى ولده صريح في أن المراد ترتيب الأفراد على الأفراد والتقدير على زيد ثم على أولاده ثم على ولد كل واحد بعد والده وهذا اللفظ يوجب أن يستحق كل واحد ما كان أبوه مستحقه لو كان متصفا بصفة الاستحقاق كما يستحق ذلك أهل طبقاته وهذا متفق عليه بين علماء المسلمين في أمثال ذلك شرعا وشرطا وإذا كان هذا موجب استحقاق الولد وذلك التفصيل إما أن يوجب استحقاق الولد أيضا وهو الأظهر أو لا يوجب حرمانه فيقر العمل بالدليل السالم عن المعارض المقاوم والله أعلم
62 - 903 - مسألة: فيمن وقف وقفا على أولاده: فلان وفلان وفلان وعلى ابن ابنه فلان: على أن من توفي منهم عن ولد ذكر انتقل نصيبه إلى ولده ومن مات عن بنت انتقل إليها ثم إلى أعمامها ثم بنى أعمامها الأقرب فالأقرب منهم فمات ابن ابن عن غير ولد وترك أخته من أبويه وأعمامه فأيهم أحق؟
الجواب: ينتقل نصيبه إلى أخته لأبويه فإنه قد ظهر من قصد الواقف تخصيص ما كان ينبغي أن يستحقه أصله وتخصيص نصيب الميت عن غير ولد بالأقرب إليه وأنه أقام موسى ابن الابن مقام ابنه لأن أباه كان ميتا وقت الوقف والله أعلم
63 - 904 - مسألة: في قرية وقفها السلطان صلاح الدين فجعل ريعها وقفا على شخص معين ثم على أولاده من بعده والنصف والربع على الفقراء واستمر الأمر على هذه الصورة والقرية عامرة فلما كان سنة دخول قازان خربت هذه القرية واستمرت دائرة مدة ثمان سنين فجاء رجل من المشائخ وأخذ توقيعا سلطانيا بتمكينه من أن يعمر هذه القرية فعمرها وتوفي رحمه الله وخلف أيتاما صغارا فقراء لا مال لهم فجاءت امرأة من ذرية الموقوف عليه صاحب الريع فأثبتت نسبها وتسلمت ريع هذه القرية واستمر النصف والربع على الفقراء بحكم شرط الوقف وبقي أولاد الذي عمر القرية فقراء فهل يجوز لهم أن يقبضوا كفايتهم في جملة الفقراء؟ أم لهم ما غرمه والدهم على تعميرها ما لم يستوف عوضه قبل وفاته؟
الجواب: إن كانوا داخلين في شروط الواقف فإنهم يستحقون ما يقتضيه الشرط وإن قد تعذر الصرف إلى الموصوفين لتعذر بعض الأوصاف فكان هؤلاء الأطفال مشاركين في الاستحقاق لمن يصرف إليه المال فينبغي أن يصرف إليهم أيضا ما غرمه والدهم من القرية بالمعروف من ماله ليستوفي عوضه فإنهم يستوفونه من مغل الوقف
64 - 905 - مسألة: في قسمة الوقف ومنافعه؟
الجواب: ما كان وقفا على جهة واحدة لم يجز قسمة عينه وإنما يجوز قسمة منافعه بالمهايئة وإذا تهايؤوا ثم أرادوا نقضها فلهم ذلك وإذا لم يقع من المستحق أو وكيله فهي باطلة والله أعلم
65 - 906 - مسألة: في وقف على جهة واحدة فقسمه قاسم حنبلي معتقدا جواز ذلك: حيث وجد في المختصرات: إنا إذا قلنا القسمة إقرار جاز قسمة الوقف ثم تناقل الشريكان بعض الأعيان ثم طلب بعضهم نصيبه الأول من المقاسمة؟
الجواب: إذا كان الوقف على جهة واحدة فإن عينه لا تقسم قسمة لازمة لا في مذهب أحمد ولا غيره وإنما في المختصرات لما أرادوا بيان فروع قولنا: القسمة إقرار أو بيع فإذا قلنا: هي بيع لم يجز لأن الوقف لا يباع وإذا قلنا: هي إقرار جاز قسمته في الجملة ولم يذكروا شروط القسمة كما جرت به العادة في أمثال ذلك وقد ذكر طائفة منهم في قسمة الوقف وجهين وصرح الأصحاب بأن الوقف إنما يجوز قسمته إذا كان على جهتين فأما الوقف على جهة واحدة فلا تقسم عينه اتفاقا: فالتعليق حق الطبقة الثانية والثالثة لكن تجوز المهايأة على منافعه والمهايأة بلا مناقلة فإن تراضوا بذلك أعيد المكان شائعا كما كان في العين والمنفعة والله أعلم
66 - 907 - مسألة: في وقف على جماعة وأن بعض الشركة قد دفع في الفاكهة مبلغا وإن بعض الشركة امتنع من التضمين والضمان وطلب أن يأخذ ممن يشتريه قدر حصته من الثمرة فهل يحكم عليه الحاكم بالبيع مع الشركة أم لا؟
الجواب: إذا لم تمكن قسمة ذلك قبل البيع بلا ضرر فعليه أن يبيع مع شركائه ويقاسمهم الثمن
67 - 908 - مسألة: في وقف لمصالح الحرم وعمارته ثم بعد ذلك يصرف في وجود البر والصدقات وعلى الفقراء والمساكين المقيمين بالحرم فهل يجوز أن يصرف من ذلك على القوام والفراشين القائمين بالوظائف؟
الجواب: نعم القائمون بالوظائف مما يحتاج إليه المسجد: من تنظيف وحفظ وفرش وتنويره وفتح الأبواب وإغلاقها ونحو ذلك: هم من مصالحة: يستحقون من الوقف على مصالحه
68 - 909 - مسألة: في رجل اشترى دارا ولم يكن في كتبه غير ثلاث حدود والحد الرابع لدار وقف ثم إن الذي اشترى هدم الدار وعمرها ثم أنه فتح الطاقة في دار الوقف يخرج النور منها إلى مخزن وجعل إلى جنب الجدار سقاية مجاورة للوقف محدثة تضر حائط الوقف وبرز بروزا على دور قاعة الوقف فإذا بنى على دور القاعة وجعل أخشاب سقف على الجدار الذي للوقف وفعل هذا بغير إذن ولي الأمر وذكر أنه استأجره كل سنة بثلاثة دراهم وولي الأمر لم يؤجره إلا الآن ولا المباشرين ثم أن رجلا حلف بالله أنه يستأجر هذا الجدار وهو بين الدور وأزيل ما فعله من البروز والسقاية ولم أحدث فيه عمارة إلا احتسابا لله تعالى وأستأجره كل سنة بعشرين درهما مدة عشرين سنة حتى بقي دور قاعة الوقف نيرة ولم تتضرر الجيرة بالعلو فهل يجوز الايجار للذي تعدى؟ أم للذي قصد المثوبة وزيادة الوقف بالأجرة إن أجره ولي الأمر المنفعة بالزيادة ولازالة الضرر عن الوقف؟
الجواب: ليس له أن يبني على جدار الوقف ما يضر به باتفاق الناس بل وكذلك إذا لم يضربه عند جمهور العلماء ودعواه الاستئجار غير مقبولة بغير حجة ولو آجر إجارة فيها ضرر على الوقف لم تكن إجارة شرعية ومن طلب استئجاره بعد هذا وكان ذلك مصلحة للوقف فإنه يجوز بل يجب أن يؤجر وإذا كان له نية حسنة حصل له من الأجر والثواب بحسب ذلك والله أعلم
69 - 910 - مسألة: في رجل ساكن في خان وقف وله مباشر لرسم عمارته وإصلاحه وإن الساكن أخبر المباشر أن مسكنه يخشى سقوطه وهو يدافعه ثم إن المباشر صعد إلى المسكن المذكور ورآه بعينه وركضه برجله وقال: ليس بهذا سقوط ولا عليك منه ضرر وتركه ونزل فبعد نزوله سقط المسكن المذكور على زوجة الساكن وأولاده فمات ثلاثة وعدم جميع ماله: فهل يلزم المباشر من مات ويغرم المال الذي عدم أم لا؟
الجواب: على هذا المباشر المذكور الذي تقدم إليه وأخر الاستهدام ضمان ما تلف بسقوطه بل يضمن ولو كان مالك المكان: إذا خيف السقوط وأعلم بذلك وإن لم يكن المعلم له مستأجرا منه عند جماهير العلماء كأبي حنيفة ومالك وأحمد في المشهور وطائفة من أصحاب الشافعي وغيرهم لكن بعضهم يشترط الاشهاد عليه وأكثرهم لا يشترط ذلك فإن مفرط بترك نقضه وإصلاحه ولو ظن أنه لا يسقط فإنه كان عليه أن يرى ذلك لأرباب الخبرة بالبناء فإذا ترك ذلك كان مفرطا ضامنا لما تلف بتفريطه ولا سيما مع قوله للمستأجر: إن شئت فاسكن وإن شئت فلا تسكن فإن هذا عدوان منه
فإن المستأجر له مطالبة المؤجر بالعمارة التي يحتاج إليها المكان والتي هي من موجب العقد وهذه العمارة واجبة من وجهين: من جهة حق أهل الوقف ومن جهة حق المستأجر والعلماء متفقون على أنه ليس لناظر الوقف أن يفرط في العمارة التي استحقها المستأجر فهذا ن التفريطان يجب عليه بتركهما ضمان ما يكف بتفريطه فيضمن مال الوقف للوقف ويدخل في ذلك المنافع التي استحقها المستأجر بخلاف ما لو كانت العين باقية فإن له أن يضمنه إياها وله أن يفسخ الإجارة وأما ما تلف بالتفريط من النفوس والأموال التي للمستأجر فيضمن من هذه الوجوه الثلاثة ويضمن ما تلف للجيران من الوجه الأول كما ذهب إليه جماهير العلماء
70 - 911 - مسألة: في مال موقوف على فكاك الأسرى وإذا استدين بمال في ذمم الأسرى بخلاصهم لا يجدون وفاءه: هل يجوز صرفه من الوقف؟ وكذلك لو استدانه ولي فكاكهم بأمر ناظر الوقف أو غيره؟
الجواب: نعم يجوز ذلك بل هو الطريق في خلاص الأسرى أجود من إعطاء المال ابتداء لمن يفتكهم بعينهم فإن ذلك يخاف عليه وقد يصرف في غير الفكاك وأما هذا فهو مصروف في الفكاك قطعا ولا فرق بين أن يصرف عين المال في جهة الاستحقاق أو يصرف ما استدين كما كان النبي ﷺ تارة يصرف مال الزكاة إلى أهل السهمان وتارة يستدين لأهل السهمان ثم يصرف الزكاة إلى أهل الدين فعلم أن الصرف وفاء كالصرف أداء والله أعلم
71 - 912 - مسألة: في رجل تحته حصة في حمام وهي موقوفة على الفقراء والمساكين فخرب شيء من الحمام في زمان العدو فأجر تلك الحصة لشخص مدة ثمان سنين بثمانمائة درهم وأذن له أن يصرف تلك الأجرة في العمارة الضرورية في الحمام فعمر المستأجر وصرف في العمارة: حتى صارت أجرة الحصة المذكورة وذكر أنه فضل له على الوقف مال زائد عن الأجرة من غير أذن المؤجر فهل يجوز له ذلك أم لا؟
الجواب: الحمد لله إذا عمر عمارة زائدة عن العمارة الواجبة على الوجه المأذون فيها لم يكن على أهل الحمام أن يقوم ببقية تلك العمارة الزائدة ولا قيمتها بل له أن يأخذها إذا لم يضر أخذها بالوقف وإذا كانت العمارة تزيد كراء الحمام فاتفقوا على أن تبقى العمارة له لا يعطونه بقيمتها بل يكون ما يحصل من زيادة الأجرة بإزاء ذلك جاز ذلك وإن أراد أهل الوقف أن يقلعوا العمارة الزائدة فلهم ذلك إذا لم تنقص المنفعة المستحقة بالعقد وإن اتفقوا على أن يعطوه بقية العمارة يزيدهم في الأجرة بقدر ما زاد من المفعة جاز والله أعلم
72 - 913 - مسألة: في وقف على تكفين الموتى يقبض ريعه كل سنة على الشرط: هل يتصدق به وهل يعطى منه أقارب الواقف الفقراء؟
الجواب: إذا فاض الوقف عن الأكفان صرف الفاضل في مصالح المسلمين وإذا كان أقاربه محاويج فهم أحق من غيرهم والله أعلم
73 - 914 - مسألة: في فقيه منزل في مدرسة ثم غاب مدة البطالة: فهل يحل منعه من الجامكية أم لا؟
الجواب: الحمد لله إذا لم يغب إلا شهر البطالة فإنه يستحق ما يستحقه الشاهد لا فرق في أشهر البطالة بين أن يكون البطال شاهدا أو غائبا والله أعلم
74 - 915 - مسألة: في مقرىء على وظيفة ثم أنه سافر واستناب شخصا ولم يشترط عليه فلما عاد قبض الجميع ولم يخرج من المكان فهل يستحق النائب المشروط أم لا؟
الجواب: الحمد لله نعم النائب يستحق المشروط كله لكن إذا عاد المستنيب فهو أحق بمكانه والله أعلم
75 - 916 - مسألة: فيمن عمن وقف وقفا مستغلا ثم مات فظهر عليه دين: فهل يباع الوقف في دينه؟
الجواب: إذا أمكن وفاء الدين من ريع الوقف لم يجز بيعه وإن لم يمكن وفاء الدين إلا ببيع شيء من الوقف وهو في مرض الموت بيع باتفاق العلماء وإن كان الوقف في الصحة: فهل يباع لوفاء الدين؟ فيه خلاف بين العلماء في مذهب أحمد وغيره ومنعه قول قوي
76 - 917 - مسألة: في رجل قال في مرضه: إذا مت فداري وقف على المسجد الفلاني فتعافى ثم حدث عليه ديون: فهل يصح هذا الوقف ويلزم أم لا؟
يجوز أن يبيعها في الدين الذي عليه وإن كان التعليق صحيحا كما هو أحد قولي العلماء وليس هذا بأبلغ من التدبير وقد ثبت عن النبي ﷺ أنه باع المدبر في الدين والله أعلم
77 - 918 - مسألة: فيمن وقف وقفا على ضريح رسول الله ﷺ برسم شمع أو زيت وذلك بعد موته ثم إنه قصد أن يغير الوقف ويجعله على الفقراء والمساكين بالقاهرة وإن لم يجز ذلك: فهل يجوز على الفقراء المجاورين بالمدينة مدينة رسول الله ﷺ أم لا؟
فأجاب: أما الوصية بما يفعل بعد موته فله أن يرجع فيها ويغيرها باتفاق المسلمين ولو كان قد أشهد بها وأثبتها سواء كانت وصية بوقف أو عتق أو غير ذلك وفي الوقف المعلق بموته والعتق نزاعان مشهوران والوقف على زيت وشمع يوقد على قبر ليس برا باتفاق العلماء بل ثبت عن النبي ﷺ أنه قال: [ لعن الله زوارات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج ]
وأما تنوير المسجد النبوي على المصلين وغيره فتنوير بيوت الله حسن لكن إذا كان للمسجد ما يكفي تنويره لم يكن للزيادة التي لا فائدة فيها مشروعة ولم يكن ذلك مصروفا في تنويره بل تصرف في غيره والله أعلم
78 - 919 - مسألة: في الوقف إذا فضل من ريعه واستغنى عنه؟
الجواب: يصرف في نظير تلك الجهة كالمسجد إذا فضل عن مصالحه صرف في مسجد آخر لأن الواقف غرضه في الجنس والجنس واحد فلو قدر أن المسجد الأول خرب ولم ينتفع به أحد صرف ريعه في مسجد آخر فكذلك إذا فضل عن مصلحته شيء فإن هذا الفاضل لا سبيل إلى صرفه إليه ولا إلى تعطيله فصرفه في جنس المقصود أولى وهو أقرب الطرق إلى مقصود الواقف وقد روى أحمد عن علي رضي الله عنه: أنه حض الناس على إعطاء مكاتب ففضل شيء عن حاجته فصرفه في المكاتبين
79 - 920 - مسألة: في رجل صالح فرض له القاضي بشيء من الصدقات لأجله وأجل الفقراء الواردين عليه فهل يجوز لأحد أن يزاحمه في ذلك؟ أو يتغلب عليه باليد القوية؟
الجواب: قد ثبت في الصحيح عن النبي ﷺ أنه قال [ المسلم أخو المسلم لا يحل للمسلم أن يبيع على بيع أخيه ولا يستام على سوم أخيه ولا تسأل المرأة طلاق أختها لتكفأما في صفحتها فإن لها ما قدر لها ] فإذا كان النبي ﷺ في عقود المعاوضات قد نهى أن يستام الرجل على سوم أخيه وأن يخطب على خطبته قبل أن يدخل المطلوب في ملك الإنسان فكيف يحل للرجل أن يجيء إلى من فرض له ولي الأمر على الصدقات أو غيرها ما يستحقه ويحتاج إليه فيزاحمه على ذلك ويريد أن ينزعه منه؟ ! فإن هذا أشد تحريما من ذلك والله أعلم
80 - 921 - مسألة: في وقف أرض على مسجد فيها أشجار معطلة من الثمر وتعطلت الأرض من الزراعة بسببها فهل يجوز قلع الأشجار وصرف ثمنها في مصالح المسجد وتزرع الأرض وينتفع بها؟
الجواب: نعم إذا كان قلع الأشجار مصلحة للأرض بحيث يزيد الانتفاع بالأرض إذا قلعت فإنها تقلع وينبغي للناظر أن يقلعها ويفعل ما هو الأصلح للوقف ويصرف ثمنها فيما هو أصلح للوقف من عمارة الوقف أو مسجد إن احتاج إلى ذلك والله أعلم
81 - 922 - مسألة: في مصيف مسجد بني فيه قبر فسقية وهدم بحكم الشرع وللمسجد بيت خلاء ولم يكن فيه موضع يسع الوضوء فهل يجوز أن يعمل في المصيف مكان للوضوء ويترك ما هو في الفسقية التي كانت بنيت قبرا؟
فأجاب رحمه الله: الحمد لله نعم ! إذا كان هذا مصلحة للمسجد وأهله وليس محذور إلا مجرد الوضوء في المسجد جاز أن يفعل ذلك فإن الوضوء في المسجد جائز بل لا يكره عند جمهور العلماء والله أعلم
82 - 923 - مسألة: في مسجد مغلق عتيق فسقط وهدم وأعيد مثل ما كان في طوله وعرضه ورفعه الباني له عن ما كان عليه وقدمه إلى قدام وكان تحته خلوة فعمل تحته بيتا لمصلحة المسجد فهل يجوز تجديد البيت وسكنه؟
الجواب: الحمد لله نعم ! يجوز أن يعمل في ذلك ما كان مصلحة للمسجد وأهله: من تجديد عمارة وتغيير العمارة من صورة إلى صورة ونحو ذلك والله سبحانه أعلم
83 - 924 - مسألة: في مساجد وجامع يحتاج إلى عمارة وعليها رواتب مقررة على القابض والريع لا يقوم بذلك فهل يحل أن يصرف لأحد قبل العمارة الضرورية؟ وإلى من يحل؟ وما يصنع بما يفضل عن الريع أيدخر أم يشتري به عقارا؟
الجواب: الحمد لله إذا أمكن الجمع بين المصلحتين بأن يصرف ما لا بد من صرفه لضرورة أهله وقيام العمل الواجب بهم وإن يعمر بالباقي: كان هذا هو المشروع وإن تأخر بعض العمارة قدرا لا يضر تأخره فإن العمارة واجبة والأعمال التي لا تقوم إلا بالرزق واجبة وسد الفاقات واجبة فإذا أقيمت الواجبات كان أولى من ترك بعضها
وأما من لا تقوم العمارة إلا بهم: من العمال والحساب فهم من العمارة وأما ما فضل من الريع عن المصاريف المشروطة ومصارف المساجد فيصرف في جنس ذلك: مثل عمارة مسجد آخر ومصالحها وإلا جنس المصالح ولا يحبس المال أبدا لغير علة محدودة لا سيما في مساجد قد علم أن ريعها يفضل عن كفايتها دائما فإن حبس مثل هذا المال من الفساد { والله لا يحب الفساد }
84 - 925 - مسألة: في حاكم خطيب رتب له على فائض مسجد رزقه فيبقى سنتين لا يتناول شيئا لعدم الفائض ثم زاد الريع في السنة الثالثة: فهل له أن يتناول رزق ثلاث سنين من ذلك المغل؟
الجواب: إن كان لمغل السنة الثالثة مصارف شرعية بالشرط الصحيح وجب صرفها فيه ولم يجز للحاكم أخذه وأما إذا لم يكن له مصرف أصلا واقتضى نظر الإمام أن يصرفه إلى الحاكم عوضا عما فاته في الماضي: جاز ذلك والله أعلم
85 - 926 - مسألة: في الواقف والناذر يوقف شيئا ثم يرى غيره أحظ للموقوف عليه منه له يجوز إبداله كما في الأضحية؟
الجواب: وأما إبدال المذور والموقوف بخير منه كما في إبدال الهدي: فهذا نوعان:
أحدهما: أن الإبدال للحاجة مثل أن يتعطل فيباع ويشتري بثمنه ما يقوم مقامه: كالفرس الحبيس للغزو إذا لم يمكن الانتفاع به للغزو فإنه يباع ويشترلاى بثمنه ما يقوم مقامه والمسجد إذا خرب ما حوله فتنقل آلته إلى مكان آخر أو يباع ويشتري بثمنه ما يقوم مقامه: أو لا يمكن الانتفاع بالموقوف عليه من مقصود الواقف فيباع ويشتري بثمنه ما يقوم مقامه وإذا خرب ولم تمكن عمارته فتباع العرصة ويشتري بثمنها ما يقوم مقامها: فهذا كله جائز فإن الأصل إذا لم يحصل به المقصود قام بدله مقامه
والثاني: الإبدال لمصلحة راجحة: مثل أن يبدل الهدي بخير منه ومثل المسجد إذا بني بدله مسجد آخر أصلح لأهل البلد منه وبيع الأول: فهذا ونحوه جائز عند أحمد وغيره من العلماء واحتج أحمد بأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه نقل مسجد الكوفة القديم إلى مكان آخر وصار الأول سوقا للتمارين فهذا إبدال لعرصة المسجد
وأما إبدال بنائه ببناء آخر فإن عمر وعثمان بنيا مسجد النبي ﷺ بناء غير بنائه الأول وزادا فيه وكذلك المسجد الحرام فقد ثبت في الصحيحين أن النبي ﷺ قال لعائشة: [ لو لا أن قومك حديثو عهد بجاهلية لنقضت الكعبة ولا ألصقتها بالأرض ولجعلت لها بابين بابا يدخل الناس منه وبابا يخرج الناس منه ] فلولا المعارض الراجح لكان النبي ﷺ يغير بناء الكعبة فيجوز تغيير بناء الوقف من صورة إلى صورة لأجل المصلحة الراجحة
وأما إبدال العرصة بعرصة أخرى: فهذا قد نص أحمد وغيره على جوازه اتباعا لأصحاب رسول الله ﷺ حيث فعل ذلك عمر واشتهرت القضية ولم تنكر
وأما ما وقف للغلة إذا أبدل يخير منه: مثل أن يقف دارا أو حانوتا أو بستانا أو قرية يكون مغلها قليلا فيبدلها بما هو أنفع للوقف: فقد أجاز ذلك أبو ثور وغيره من العلماء: مثل أبي عبيد بن حرموية قاضي مصر وحكم بذلك وهو قياس قول أحمد في تبديل المسجد من عرصة إلى عرصة للمصلحة بل إذا جاز أن يبدل المسجد بما ليس بمسجد للمصلحة بحيث يصير المسجد سوقا فلأن يجوز إبدال المستغل بمستغل آخر أولى وأحرى وهو قياس قوله في إبدال الهدي بخير منه وقد نص على: أن المسجد اللاصق بأرض إذا رفعوه وبنوا تحته سقاية واختار ذلك الجيران فعل ذلك لكن من أصحابه من منع إبدال المسجد والهدي والأرض الموقوفة وهو قول الشافعي وغيره لكن النصوص والآثار والقياس تقتضي جواز الإبدال للمصلحة والله سبحانه وتعالى أعلم
86 - 927 - مسألة: فيمن أوقف وقفا على الفقراء وهو من كروم يحصل لأصحابها ضرر به فهل يجوز أن يرجع فيه ويقف غيره؟ وهل إذا فعل يكون الإثنان وقفا؟
الجواب: إذا كان في ذلك ضرر على الجيران جاز أن يناقل عنه ما يقوم مقامه ويعود الأول ملكا والثاني وقفا كما فعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه في مسجد الكوفة لما جعل مكانه مسجدا صار الأول سوقا للتمارين
87 - 928 - مسألة: في حوض سبيل وعليه وقف إسطبل وقد باعه الناظر ولم يشتر بثمنه شيئا من مدة ست سنين فهل يجوز ذلك
الجواب: الحمد لله أما بيعه بغير استبدال لما يقوم مقامه فلا ريب أنه لا يجوز وأما إذا باعه لتعطل نفعه واشترى بالثمن ما يقوم مقامه فهذا يجوز على الصحيح في قولي العلماء وإن استبدال به خيرا منه مع وجود نفعه ففيه نزاع والله أعلم
88 - 929 - مسألة: في قرية بها عدة مساجد بعضها قد خرب لا تقام الصلاة إلا في واحد منها ولها وقف عليها كلها: فهل تجب عمارة الخرب وإقامة الجماعة في مسجد ثان؟ وهل يحل إغلاقها؟
الجواب: نعم ! تجب عمارة المسجد إلى إقامة الصلاة فيه وكذلك ترتيب إمام في مسجد آخر يجب أن يفعل عند المصلحة والحاجة ولا يحل إغلاق المساجد عما شرعت له وأما عند قلة أهل البقعة واكتفائهم بمسجد واحد مثل أن يكونوا حوله فلا يجب تفريق شملهم في غير مسجدهم
89 - 930 - مسألة: في وقف على جماعة توفي بعضهم وله شقيق وولد وللعلماء في ذلك خلاف مستفيض في مثله: هل يخص الولد أم الأخ؟ فشهد قوم أنه يخص الولد دون الأخ بمقتضى الوقف مع عدم تحقيقهم الحد الموقوف بحيث أنهم غيروا بعض الحدود عما هي عليه فهل يجوز لهم ذلك؟ وهل للحاكم أن يحكم بشهادتهم هذه من غير استفصال؟ وما الحكم في مجموع السؤال؟ أفتونا مفصلا مأجورين إن شاء الله تعالى؟
الجواب: الحمد لله الشهادة في الوقف بالإستحقاق غير مقبولة وكذلك في الأرث من الأمور الاجتهادية كطهارة الماء ونجاسته ولكن الشاهد يشهد بما يعلمه من الشروط ثم الحاكم يحكم في الشرط بموجب اجتهاده والله أعلم
90 - 931 - مسألة: عن الوقف الذي يشتري بعوضه ما يقوم مقامه:
وذلك مثل الوقف الذي أتلفه متلف فإنه يؤخذ منه عوضه يشتري به ما يقوم مقامه فإن الوقف مضمون بالاختلاف باتفاق العلماء ومضمون باليد فلو غصبه غاصب تلف تحت يده الفادية فإن عليه ضمان باتفاق العلماء: لكن قد تنازع بعضهم في بعض الأشياء هل تضمن بالغصب كالعقار؟ وفي بعضها هل يصح وقفه كالمنقول؟ ولكن لم يتنازعوا أنه مضمون بالإتلاف باليد كالأموال: بخلاف أم الولد: فإنهم وإن اتفقوا على أنها مضمونة بالإتلاف: فقد تنازعوا هل تضمن باليد أولا؟ فأكثرهم يقول: هي مضمونة باليد: كمالك والشافعي وأحمد وأما أبو حنيفة فيقول: لا تضمن باليد وضمان اليد هو ضمان العقد كضمان البائع تسليم المبيع وسلامته من العيب وأنه بيع بحق وضمان دركه عليه بموجب العقد وإن لم يشترطه بلفظه
ومن أصول الإشتراء ببدل الوقف: إذا تعطل نفع الوقف فإنه يباع ويشتري بثمنه ما يقوم مقامه في مذهب أحمد وغيره وهل يجوز مع كونه مثلا أن يبدل بخير منه؟ فيه قولان في مذهبه والجواز مذهب أبي ثور وغيره
والمقصود أنه حيث جاز البدل: هل يشترط أن يكون في الدرب أو البلد الذي فيه الوقف الأول أم يجوز أن يكون بغيره إذا كان ذلك أصلح لأهل الوقف: مثل أن يكونوا مقيمين ببلد غير بلد الوقف وإذا اشترى فيه البدل كان أنفع لهم لكثرة الريع ويسر التناول؟ فنقول: ما علمت أحدا اشترط أن يكون البدل في بلد الوقف الأول بل النصوص عند أحمد وأصوله وعموم كلامه وكلام أصحابه وإطلاقه يقتضي أن يفعل في ذلك ما هو مصلحة أهل الوقف: فإن أصله في هذا الباب مراعاة مصلحة الوقف بل أصله في عامة العقود اعتبار مصلحة الناس فإن الله أمر بالصلاح ونهى عن الفساد وبعث رسله بتحصيل المصالح وتكميلها وتعطيل المفاسد وتقليلها { وقال موسى لأخيه هارون اخلفني في قومي وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين } وقال شعيب: { إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت } وقال تعالى: { فمن اتقى وأصلح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون } وقال تعالى: { وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون * ألا إنهم هم المفسدون }
وقد جوز أحمد بن حنبل إبدال مسجد بمسجد آخر للمصلحة كما جوز تغييره للمصلحة واحتج بأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أبدل مسجد الكوفة القديم بمسجد آخر وصار المسجد الأول سوقا للتمارين وجوز أحمد إذا خرب المكان أن ينقل المسجد إلى قرية أخرى بل ويجوز في أظهر الروايتين عنه: أن يباع ذلك المسجد ويعمر بثمنه مسجد آخر في قرية أخرى إذا لم يحتج إليه في القرية الأولى فاعتبر المصلحة بجنس المسجد وإن كان في قرية غير القرية الأولى: إذا كان جنس المساجد مشتركة بين المسلمين والوقف على قوم بعينهم أحق بجوار نقله إلى مدينتهم من المسجد فإن الوقف على معينين حق لهم لا يشركهم فيه غيرهم وغاية ما فيه أن يكون بعد انقضائهم لجهة عامة: كالفقراء والمساكين فيكون كالمسجد فإذا كان الوقف ببلدهم أصلح لهم كان اشتراء البدل ببلدهم هو الذي ينبغي فعله لتولي ذلك
وصار هذا كالفرس الحبيس الذي يباع ويشتري بقيمته ما يقوم مقامه إذا كان محبوسا على ناس ببعض الثغور ثم انتقلوا إلى ثغر آخر فشراء البدل بالثغر الذي هو فيه مضمون أولى من شرائه بثغر آخر وإن كان الفرس حبيسا على جميع المسلمين فهو بمنزلة الوقف على جهة عامة: كالمساجد والوقف على المساكين
ومما يبين هذا: أو الوقف لو كان منقولا: كالنور والسلاح وكتب العلم وهو وقف على ذرية رجل بعينهم جاز أن يكون مقر الوقف حيث كانوا بل كان هذا هو المتعين بخلاف ما لو أوقف على أهل بلد بعينه
لكن إذا صار له عوض: هل يشتري به ما يقوم مقامه إذا كان العوض منقولا؟ فإن يشتري بهذا العوض في بلد مقامهم أولى من أن يشتري به في مكان العقار الأول إذا كان ذلك أصلح لهم: إذا ليس في تخصيص مكان العقار الأول مقصود شرعي ولا مصلحة لأهل الوقف وما لم يأمر به الشارع ولا مصلحة فيه للإنسان فليس بواجب ولا مستحب فعلم أن تعيين المكان الأول ليس بواجب ولا مستحب لمن يشتري بالعوض ما يقوم مقامه بل العدول عن ذلك جائز وقد يكون مستحبا وقد يكون واجبا إذا تعينت المصلحة فيه والله أعلم
91 - 932 - مسألة: فيمن ناصب على أرض وقف على أن الوقف ثلثي الشجر المنصوب وللعامل الثلث: فهل لمن بعده من النظار بيع نصيب الوقف من الشجر؟
الجواب: لا يجوز له بيع ذلك إلا لحاجة تقتضي ذلك والله أعلم
92 - 933 - مسألة: في امرأة وقفت على ولديها دكاكين ودارا ثم بعد بنيها وبني أولادها يرجع على وقف مدرسة نور الدين الشهيد وغيره من المصارف الشرعية ثم أن بعض قرائب المرأة تعدى وتحيل وباع الوقف ثم أن الورثة حاكموا المشتري ورقم القاضي على شهود الكتاب: وهو صحيح ثابت فقام المشتري وأوقفها صدقة على خبز يصرف للمساكين وجعل الرئيس ناظرا على الصدقة: فهل يصح ذلك وإذا علم الرئيس العالم المتعبد أن هذا مغتصب: فهل يحل له أن يكون ناظرا عليه وما يكون؟
الجواب: بيع الوقف الصحيح اللازم الذي يحصل به مقصود الوقف من الانتفاع لا يجوز ولا يصح وقف المشتري له ولا يجوز للناظر على الوقف الثاني أن يصرفه إلى غير المستحقين قبل ولا يتصرف فيه بغير مسوغ شرعي سواء تصرف بحكم النظر الباطل أو بغير ذلك والله أعلم
93 - 934 - مسألة: في رجل بنى حائطا في مقبرة المسلمين يقصد أن يحوز نفعه لدفن موتاه فادعى رجل أن له موتى تحت الحائط وما هو داخل الحائط: فهل يجوز له ذلك؟
الجواب: ليس له أن يبني على مقبرة المسلمين حائطا ولا أن يحتجز من مقبرة المسلمين ما يختص به دون سائر المستحقين والله أعلم
94 - 935 - مسألة: عن حمام أكثرها وقف على الفقراء والمساكين والفقهاء وإن إنسانا له حمامات بالقرب منها وأنه احتال واشترى منها نصيبا وأخذ الرصاص الذي يخصه من الحاصل وعطل الحمام وضار فهل يلزمه العمار أسوة الوقف أم لا؟
الجواب: الحمد لله ليس له أن يتصرف في الحمام المشتركة بغير إذن الشركاء ولا بإذن الشارع ولا يستولي على شيء منها بغير إذن الشركاء ولا يقسم بنفسه شيئا ويأخذ نصيبه منه سواء كان رصاصا أو غيره ولا يغير بناء شيء منها ولا يغير القدر ولا غيرها وهذا كله باتفاق المسلمين وليس له أن يغلقها بل يكري على جميع الشركاء إذا طلب بعضهم ذلك وتقسم بينهم الأجرة وهذا مذهب جماهير العلماء: كأبي حنيفة ومالك وأحمد وإذا احتاجت الحمام إلى عمارة لا بد منها فعل الشريك أن يعمر معهم في أصح قولي العلماء والله أعلم