البداية والنهاية/الجزء السادس/قصة أبي موسى الخولاني
أنه خرج هو وجماعة من أصحابه إلى الحج وأمرهم أن لا يحملوا زادا ولا مزادا فكانوا إذا نزلوا منزلا صلى ركعتين فيؤتون بطعام وشراب وعلف يكفيهم ويكفي دوابهم غداء وعشاء مدة ذهابهم وإيابهم.
وأما قوله تعالى: { استسقى موسى لقومه فقلنا اضرب بعصاك الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا قد علم كل أناس مشربهم } [البقرة: 60] .
فقد ذكرنا بسط ذلك في قصة موسى عليه السلام وفي التفسير.
وقد ذكرنا الأحاديث الواردة في وضع النبي ﷺ يده في ذلك الإناء الصغير الذي لم يسع بسطها فيه فجعل الماء ينبع من بين أصابعه أمثال العيون، وكذلك كثر الماء في غير ما موطن كمزادتي تلك المرأة يوم الحديبية وغير ذلك، وقد استسقى الله لأصحابه في المدينة وغيرها فأجيب طبق السؤال وفق الحاجة، لا أزيد ولا أنقص، وهذا أبلغ في المعجز، ونبع الماء من بين أصابعه من نفس يده على قول طائفة من العلماء أعظم من نبع الماء من الحجر فإنه محل لذلك.
قال أبو نعيم الحافظ: فإن قيل: إن موسى كان يضرب بعصاه الحجر فينفجر منه اثنتا عشرة عينا في التيه قد علم كل أناس مشربهم.
قيل: كان لمحمد ﷺ مثله أو أعجب فإن نبع الماء من الحجر مشهور في العلوم والمعارف، وأعجب من ذلك نبع الماء من بين اللحم والدم والعظم فكان يفرج بين أصابعه في محصب فينبع من بين أصابعه الماء، فيشربون ويسقون ماء جاريا عذبا يروي العدد الكثير من الناس والخيل والإبل.
ثم روى من طريق المطلب بن عبد الله بن أبي حنطب حدثني عبد الرحمن ابن أبي عمرة الأنصاري، حدثني أبي قال: كنا مع رسول الله ﷺ في غزوة غزاها فبات الناس في مخمصة فدعا بركوة فوضعت بين يديه، ثم دعا بماء فصبه فيها، ثم مج فيها وتكلم ما شاء الله أن يتكلم ثم أدخل إصبعه فيها، فأقسم بالله لقد رأيت أصابع رسول الله ﷺ تتفجر منها ينابيع الماء ثم أمر الناس فسقوا وشربوا وملأوا قربهم وأداواتهم.
وأما قصة إحياء الذين قتلوا بسبب عبادة العجل وقصة البقرة، فسيأتي ما يشابههما من إحياء حيوانات وأناس عند ذكر إحياء الموتى على يد عيسى ابن مريم والله أعلم.
وقد ذكر أبو نعيم هاهنا أشياء أخر تركناها اختصارا واقتصادا.
وقال هشام بن عمارة في كتابه المبعث: