البداية والنهاية/الجزء السابع/وهذا ذكر بعض ما رثي به رضي الله عنه
قال مجالد: عن الشعبي ما سمعت من مراثي عثمان أحسن من قول كعب بن مالك:
فكف يديه ثم أغلق بابه * وأيقن أن الله ليس بغافل
وقال لأهل الدار لا تقتلوهم * عفا الله عن كل امرئ لم يقاتل
فكيف رأيت الله صب عليهم * العداوة والبغضاء بعد التواصل
وكيف رأيت الخير أدبر بعده * عن الناس إدبار النعام الجوافل
وقد نسب هذه الأبيات سيف بن عمر إلى أبي المغيرة الأخنس بن شريق.
وقال سيف بن عمر: وقال حسان بن ثابت:
ماذا أردتم من أخي الدين باركت * يد الله في ذاك الأديم المقدد
قتلتم ولي الله في جوف داره * وجئتم بأمر جائر غير مهتد
فهلا رعيتم ذمة الله بينكم * وأوفيتم بالعهد عهد محمد
ألم يك فيكم ذا بلاء ومصدق * وأوفاكم عهدا لدى كل مشهد
فلا ظفرت أيمان قوم تبايعوا * على قتل عثمان الرشيد المسدد
وقال ابن جرير: وقال حسان بن ثابت رضي الله عنه:
من سره الموت صرفا لا مزاج له * فليأت مأسدة في دار عثمانا
مستحقبي حلق الماذي قد سفعت * فوق المخاطم بيض زان أبدانا
ضحوا بأشمط عنوان السجود به * يقطع الليل تسبيحا وقرآنا
صبرا فدى لكم أمي وما ولدت * قد ينفع الصبر في المكروه أحيانا
فقد رضينا بأرض الشام نافرة * وبالأمير وبالإخوان إخوانا
إني لمنهم وإن غابوا وإن شهدوا * ما دمت حيا وما سميت حسانا
لتسمعن وشيكا في ديارهم * الله أكبر يا ثارات عثمانا
يا ليت شعري وليت الطير تخبرني * ما كان شأن علي وابن عفانا
وهو القائل أيضا:
إن تُمْسِ الدار ابن أروى منه خاوية * باب صريع وباب محرق خرب
فقد يصادف باغي العرف حاجته * فيها ويأوي إليها المجد والحسب
يا معشر الناس أبدوا ذات أنفسكم * لا يستوي الصدق عند الله والكذب
وقال الفرزدق:
إن الخلافة لما أظعنت ظعنت * عن أهل يثرب إذ غير الهدى سلكوا
صارت إلى أهلها منهم ووارثها * لما رأى الله في عثمان ما انتهكوا
السافكي دمه ظلما ومعصيةً * أي دم لا هدوا من غيتهم سفكوا
وقال راعي الإبل النميري في ذلك:
عشية يدخلون بغير إذن * على متوكل أوفى وطابا
خليل محمد ووزير صدق * ورابع خير من وطئ الترابا
فصل كيفية قتله في المدينة وفيها كثير من الصحابة.