انتقل إلى المحتوى

البداية والنهاية/الجزء السابع/فتح الجزيرة

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة



فتح الجزيرة


قال ابن جرير: وفي هذه السنة: فتحت الجزائر فيما قاله سيف بن عمر.

قال ابن جرير: في ذي الحجة من سنة سبع عشرة، فوافق سيف بن عمر في كونها في هذه السنة.

وقال ابن إسحاق: كان ذلك في سنة تسع عشرة، سار إليها عياض بن غنم، وفي صحبته أبو موسى الأشعري، وعمر بن سعد بن أبي وقاص، وهو غلام صغير السن ليس إليه من الأمر شيء، وعثمان بن أبي العاص، فنزل الرها فصالحه أهلها على الجزية، وصالحت حران على ذلك.

ثم بعث أبا موسى الأشعري إلى نصيبين، وعمر بن سعد إلى رأس العين، وسار بنفسه إلى دارا، فافتتحت هذه البلدان، وبعث عثمان بن أبي العاص إلى أرمينية، فكان عندها شيء من قتال، قتل فيه صفوان بن المعطل السلمي شهيدا.

ثم صالحهم عثمان بن أبي العاص على الجزية على كل أهل بيت دينار.

وقال سيف في روايته: جاء عبد الله بن عبد الله بن غسان، فسلك على رجليه حتى انتهى إلى الموصل، فعبر إلى بلد حتى انتهى إلى نصيبين، فلقوه بالصلح وصنعوا كما صنع أهل الرقة.

وبعث إلى عمر برؤوس النصارى من عرب أهل الجزيرة.

فقال لهم عمر: أدوا الجزية.

فقالوا: أبلغنا مامننا، فوالله لئن وضعت علينا الجزية لندخلن أرض الروم، والله لتفضحنا من بين العرب.

فقال لهم: أنتم فضحتم أنفسكم، وخالفتم أمتكم، ووالله لتؤدن الجزية وأنتم صغرة قمئة، ولئن هربتم إلى الروم لأكتبن فيكم، ثم لأسبينكم.

قالوا: فخذ منا شيئا ولا تسميه جزية.

فقال: أما نحن فنسميه جزية، وأما أنتم فسموه ما شئتم.

فقال له علي بن أبي طالب: ألم يضعف عليهم سعد الصدقة؟.

قال: بلى؛ وأصغى إليه ورضي به منهم.

قال ابن جرير: وفي هذه السنة: قدم عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى الشام، فوصل إلى سَرْع في قول محمد بن إسحاق.

وقال سيف: وصل إلى الجابية.

قلت: والأشهر أنه وصل سرع، وقد تلقاه أمراء الأجناد: أبو عبيدة، ويزيد بن أبي سفيان، وخالد بن الوليد إلى سرع، فأخبروه أن الوباء قد وقع في الشام، فاستشار عمر المهاجرين والأنصار فاختلفوا عليه، فمن قائل يقول: أنت قد جئت لأمر فلا ترجع عنه، ومن قائل يقول: لا نرى أن تقدم بوجوه أصحاب رسول الله على هذا الوباء.

فيقال: أن عمر أمر الناس بالرجوع من الغد.

فقال أبو عبيدة: أفرارا من قدر الله؟.

قال: نعم! نفر من قدر الله إلى قدر الله، أرأيت لو هبطت واديا ذا عدوتين، إحداهما: مخصبة، والأخرى: مجدبة، فإن رعيت الخصبة رعيتها بقدر الله، وإن أنت رعيت الجدبة رعيتها بقدر الله؟

ثم قال: لو غيرك يقولها يا أبا عبيدة.

قال ابن إسحاق في روايته وهو في صحيح البخاري: وكان عبد الرحمن بن عوف متغيبا في بعض شأنه، فلما قدم قال: إن عندي من ذلك عِلما، سمعت رسول الله يقول: « إذا سمعتم به بأرض قومٍ فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم فيها فلا تخرجوا فرارا منه ».

فحمد الله عمر - يعني لكونه وافق رأيه - ورجع بالناس.

وقال الإمام أحمد: ثنا وكيع، ثنا سفيان بن حسين بن أبي ثابت، عن إبراهيم بن سعد، عن سعد بن مالك بن أبي وقاص وخزيمة بن ثابت وأسامة بن زيد قالوا: قال رسول الله :

« إن هذا الطاعون رجزٌ وبقية عذاب عذب به قوم قبلكم، فإذا وقع بأرض أنتم فيها فلا تخرجوا منها فرارا منه، وإذا سمعتم به بأرض فلا تدخلوا عليه ».

ورواه الإمام أحمد أيضا من حديث سعيد بن المسيب، ويحيى بن سعيد، عن سعد بن أبي وقاص به.

قال سيف بن عمر: كان الوباء قد وقع بالشام في المحرم من هذه السنة ثم ارتفع، وكان سيفا يعتقد أن هذا الوباء هو طاعون عمواس الذي هلك فيه خلق من الأمراء، ووجوه المسلمين، وليس الأمر كما زعم؛ بل طاعون عمواس من السنة المستقبلة بعد هذه، كما سنبينه إن شاء الله تعالى.

وذكر سيف بن عمر: أن أمير المؤمنين عمر كان قد عزم على أن يطوف البلدان، ويزور الأمراء، وينظر فيما اعتمدوه، وما آثروا من الخير، فاختلف عليه الصحابة، فمن قائل يقول: ابدأ بالعراق، ومن قائل يقول: بالشام.

فعزم عمر على قدوم الشام لأجل قسم مواريث من مات من المسلمين في طاعون عمواس، فإنه أشكل قسمها على المسلمين بالشام، فعزم على ذلك وهذا يقتضي أن عمر عزم على قدوم الشام بعد طاعون عمواس، وقد كان الطاعون في سنة ثماني عشرة كما سيأتي، فهو قدوم آخر غير قدوم سرع. والله أعلم.

قال سيف: عن أبي عثمان وأبي حارثة والربيع بن النعمان قالوا: قال عمر: ضاعت مواريث الناس بالشام أبدأ بها فأقسم المواريث، وأقيم لهم ما في نفسي، ثم أرجع فأتقلب في البلاد، وأنبذ إليهم أمري.

قالوا: فأتى عمر الشام أربع مرات، مرتين في سنة ست عشرة، ومرتين في سنة سبع عشرة، ولم يدخلها في الأولى من الأخريين.

وهذا يقتضي ما ذكرناه عن سيف أنه يقول: بكون طاعون عمواس في سنة سبع عشرة.

وقد خالفه محمد بن إسحاق وأبو معشر وغير واحد، فذهبوا إلى: أنه كان في سنة ثماني عشرة.

وفيه توفي أبو عبيدة، ومعاذ، ويزيد بن أبي سفيان، وغيرهم من الأعيان على ما سيأتي تفصيله إن شاء الله تعالى.

البداية والنهاية - الجزء السابع
سنة ثلاث عشرة من الهجرة | وقعة اليرموك | انتقال إمرة الشام من خالد إلى أبي عبيدة بعد وقعة اليرموك | وقعة جرت بالعراق بعد مجيء خالد إلى الشام | خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه | فتح دمشق | فصل الاختلاف في فتح دمشق صلحا أو عنوة | بعث خالد بن الوليد إلى البقاع لفتحه | وقعة فحل | ما وقع بأرض العراق آنذاك من القتال | وقعة النمارق | وقعة جسر أبي عبيد ومقتل أمير المسلمين وخلق كثير منهم | وقعة البويب التي اقتص فيها المسلمون من الفرس | فصل بعث عمر بن الخطاب سعد بن أبي وقاص أميرا على العراق | ذكر اجتماع الفرس على يزدجرد بعد اختلافهم | ما وقع سنة ثلاث عشرة من الحوادث | ذكر المتوفين في هذه السنة مرتبين على الحروف | سنة أربع عشرة من الهجرة | غزوة القادسية | فصل وقعة القادسية | ذكرى من توفى في هذا العام من المشاهير | ثم دخلت سنة خمس عشرة | وقعة حمص الأولى | وقعة قنسرين | وقعة قيسارية | وقعة أجنادين | فتح بيت المقدس على يدي عمر بن الخطاب | أيام برس وبابل وكوثى | وقعة نهرشير | ومن توفي هذه السنة مرتبين على الحروف | ثم دخلت سنة ست عشرة | ذكر فتح المدائن | وقعة جلولاء | ذكر فتح حلوان | فتح تكريت والموصل | فتح ماسبذان من أرض العراق | فتح قرقيسيا وهيت في هذه السنة | ثم دخلت سنة سبع عشرة | أبو عبيدة وحصر الروم له بحمص وقدوم عمر إلى الشام | فتح الجزيرة | شيء من أخبار طاعون عمواس | كائنة غريبة فيها عزل خالد عن قنسرين أيضا | فتح الأهواز ومناذر ونهر تيري | فتح تستر المرة الأولى صلحا | ذكر غزو بلاد فارس من ناحية البحرين عن ابن جرير عن سيف | ذكر فتح تستر ثانية وأسر الهرمزان وبعثه إلى عمر بن الخطاب | فتح السويس | ثم دخلت سنة ثماني عشرة | ذكر طائفة من أعيانهم رضي الله عنهم | ثم دخلت سنة تسع عشرة | ذكر من توفى فيها من الأعيان | سنة عشرين من الهجرة | صفة فتح مصر عن ابن إسحاق وسيف | قصة نيل مصر | ذكر المتوفين من الأعيان | ثم دخلت سنة إحدى وعشرين وكانت وقعة نهاوند | ذكر من توفي إحدى وعشرين | ثم دخلت سنة ثنتين وعشرين وفيها كانت فتوحات كثيرة | فتح الري | فتح قومس | فتح جرجان | وهذا فتح أذربيجان | فتح الباب | أول غزو الترك | قصة السد | بقية من خبر السد | قصة يزدجرد بن شهريار بن كسرى | خراسان مع الأحنف بن قيس | ثم دخلت سنة ثلاث وعشرين وفيها وفاة عمر بن الخطاب | فتح فسا ودار أبجرد وقصة سارية بن زنيم | فتح كرمان وسجستان ومكران | غزة الأكراد | خبر سلمة بن قيس الأشجعي والأكراد | وفاة عمر بن الخطاب رضي الله عنه تعالى | صفته رضي الله عنه | ذكر زوجاته وأبنائه وبناته | ذكر بعض ما رثي به | أحداث وقعت في هذه السنة | ذكر من توفي في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه | خلافة أمير المؤمنين عثمان بن عفان ثم استهلت سنة أربع وعشرين | ثم دخلت سنة خمس وعشرين | ثم دخلت سنة ست وعشرين | ثم دخلت سنة سبع وعشرين | غزوة إفريقية | غزوة الأندلس | ثم دخلت سنة ثمان وعشرين فتح قبرص | ثم دخلت سنة تسع وعشرين | سنة ثلاثين من الهجرة النبوية | فصل ذكر الذهبي وفاة أبي بن كعب | ثم دخلت سنة إحدى وثلاثين | كيفية قتل كسرى ملك الفرس وهو يزدجرد | ثم دخلت سنة ثنتين وثلاثين | ذكر من توفي من الأعيان في هذا السنة | ثم دخلت سنة ثلاث وثلاثين | ثم دخلت سنة أربع وثلاثين | ثم دخلت سنة خمس وثلاثين ففيها مقتل عثمان | ذكر مجيء الأحزاب إلى عثمان للمرة الثانية من مصر | ذكر حصر أمير المؤمنين عثمان بن عفان | فصل استمرار حصار عثمان بن عفان | صفة قتله رضي الله عنه | فصل مقتل عثمان رضي الله عنه | فصل مدة حصاره أربعون يوما | ذكر صفته رضي الله عنه | فصل قتل عثمان أول الفتن وآخر الفتن الدجال | وهذا ذكر بعض ما رثي به رضي الله عنه | إن قال قائل كيف وقع قتل عثمان رضي الله عنه بالمدينة وفيها جماعة من كبار الصحابة رضي الله عنهم | بعض الأحاديث الواردة في فضائل عثمان بن عفان | الأول فيما ورد في فضائله مع غيره | القسم الثاني فيما ورد من فضائله وحده | ذكر شيء من سيرته وهي دالة على فضيلته | شيء من خطبه | فصل من مناقبه رضي الله عنه | فصل ومن مناقبه أيضا | ذكر زوجاته وبنيه وبناته رضي الله عنهم | فصل ذكر حديث تدور رحا الإسلام | في ذكر من توفي زمان عثمان ممن لا يعرف وقت وفاته على التعيين | خلافة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه | ذكر بيعة علي رضي الله عنه بالخلافة | ثم دخلت سنة ست وثلاثين من الهجرة | ابتداء وقعة الجمل | مسير علي بن أبي طالب من المدينة إلى البصرة بدلا من الشام | فصل فراغ علي رضي الله عنه من أمر الجمل | فصل في ذكر أعيان من قتل يوم الجمل | وفي هذه السنة أعني سنة ست وثلاثين | فصل في وقعة صفين بين أهل العراق وبين أهل الشام | ثم دخلت سنة سبع وثلاثين | رفع أهل الشام المصاحف | قصة التحكيم | خروج الخوارج | فصل قد تقدم أن عليا رضي الله عنه لما رجع من الشام بعد وقعة صفين | اجتماع الحكمين أبي موسى وعمرو بن العاص بدومة الجندل | خروج الخوارج من الكوفة ومبارزتهم عليا | مسير أمير المؤمنين علي إلى الخوارج | ما ورد فيهم من الأحاديث الشريفة | فصل خطبة علي رضي الله عنه بعد انصرافه من النهروان | فصل ما جرى من أحداث في قصة التحكيم | فصل قتاله للخوارج كان سنة سبع وثلاثين | ذكر من توفي فيها من الأعيان | ثم دخلت سنة ثمان وثلاثين | فصل قتال علي رضي الله عنه لأهل النهروان سنة ثمان وثلاثين | ذكر من توفي في هذه السنة من الأعيان | ثم دخلت سنة تسع وثلاثين | سنة أربعين من الهجرة | ذكر مقتل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب | صفة مقتله رضي الله عنه | ذكر زوجاته وبنيه وبناته | شيء من فضائل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب | حديث المؤآخاة | تزويجه فاطمة الزهراء رضي الله عنهما | حديث غدير خم | حديث الطير | حديث آخر في فضل علي