هداية الحيارى/المجمع الخامس
المجمع الخامس
ثم كان لهم بعد هذا المجمع مجمع خامس، وذلك أنه كان بالقسطنطينية طبيب راهب يقال له أوطيسوس يقول إن جسد المسيح ليس هو مع أجسادنا بالطبيعة وإن المسيح قبل التجسد من طبيعتين، وبعد التجسد طبيعة واحدة، وهو أول من أحدث هذه المقالة، وهي مقالة اليعقوبية.
فرحل إليه بعض الأساقفة فناظره وقطعه ودحض حجته، ثم صار إلى قسطنطينية فأخبر بتركها بالمناظرة وبانقطاعه، فأرسل بترك القسطنطينية إليه فاستحضره وجمع جمعا عظيما وناظره. فقال أوطيسوس: إن قلنا إن المسيح طبيعتين فقد قلنا بقول نسطورس، ولكنا نقول إن المسيح طبيعة واحدة وأقنوم واحد لأنه من طبيعتين كانتا قبل التجسد، فلما قبل التجسد زالت عنه وصار طبيعة وأقنوما واحدا. فقال له بترك القسطنطينية: إن كان المسيح طبيعة واحدة، فالطبيعة القديمة هي الطبيعة المحدثة، وإن كان القديم هو المحدث، فالذي لم يزل هو الذي لم يكن، ولو جاز أن يكون القديم هو المحدث لكان القائم هو القاعد والحار هو البارد، فأبى أن يرجع عن مقالته، فلعنوه. فاستعدى إلى الملك وزعم أنهم ظلموه، وسأله أن يكتب إلى جميع البتاركة للمناظرة، فاستحضر الملك البتاركة والأساقفة من سائر البلاد إلى مدينة أفسيس.
فثبت بترك الإسكندرية مقالة أوطيسوس، وقطع بتارك القسطنطينية وأنطاكية وبيت المقدس وسائر البتاركة والأساقفة، وكتب إلى بترك رومية وإلى جماعة الكهنة فحرمهم ومنعهم من القربان إن لم يقبلوا مقالة أوطيسوس، ففسدت الأمانة وصارت مقالة أوطيسوس خاصة بمصر والإسكندرية، وهو مذهب اليعقوبية، فافترق هذا المجمع الخامس وكل فريق يلعن الآخر ويحرمه ويبرأ من مقالته.