انتقل إلى المحتوى

هداية الحيارى/إنكار النبوات شيمة الفلاسفة والمجوس وعباد الأصنام

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة


إنكار النبوات شيمة الفلاسفة والمجوس وعباد الأصنام

فإن الفلاسفة لم يمكنهم الاعتراف بالملائكة والجن والمبدأ والمعاد وتفاصيل صفات الرب تعالى وأفعاله مع إنكار النبوات؛ بل والحقائق المشاهدة التي لا يمكن إنكارها لم يثبتوها على ما هي عليه ولا أثبتوا حقيقة واحدة على ما هي عليه البتة، وهذا ثمرة إنكارهم النبوات. فسلبهم الله إدراك الحقائق التي زعموا أن عقولهم كافية في إدراكها، فلم يدركوا منها شيئا على ما هو عليه، حتى ولا الماء ولا الهواء ولا الشمس ولا غيرها.

فمن تأمل مذاهبهم فيها علم أنهم لم يدركوها، وإن عرفوا من ذلك بعض ما خفي على غيرهم.

وأما المجوس فأضل وأضل.

وأما عباد الأصنام فلا عرفوا الخالق ولا عرفوا حقيقة المخلوقات ولا ميزوا بين الشياطين والملائكة، وبين الأرواح الطيبة والخبيثة، وبين أحسن الحسن وأقبح القبيح، ولا عرفوا كمال النفس وما تسعد به، ونقصها وما تشقى به.

وأما النصارى فقد عرفت ما الذي أدركوه من معبودهم وما وصفوه به وما الذي قالوه في نبيهم، وكيف لم يدركوا حقيقته البتة، ووصفوا الله بما هو من أعظم العيوب والنقائص، ووصفوا عبده ورسوله بما ليس له بوجه من الوجوه.

وما عرفوا الله ولا رسوله، والمعاد الذي أقروا به لم يدركوا حقيقته، ولم يؤمنوا بما جاءت به الرسل من حقيقته، إذ لا أكل عندهم في الجنة ولا شرب ولا زوجة هناك، ولا حور عين يلذ بهن الرجال كلذاتهم في الدنيا، ولا عرفوا حقيقة أنفسهم وما تسعد به وتشقى، ومن لم يعرف ذلك فهو أجدر أن لا يعرف حقيقة شيء كما ينبغي البتة، فلا لأنفسهم عرفوا، ولا لفاطرهم وبارئها، ولا لمن جعله إليه سببا في فلاحها وسعادتها، ولا للموجودات وأنها جميعها فقيرة مربوبة مصنوعة، ناطقها وصامتها آدميها وجنيها وملكها، فكل من في السموات عبده وملكه، وهو مخلوق مصنوع مربوب فقير من كل وجه، ومن لم يعرف هذا لم يعرف شيئا.

هداية الحيارى
خطبة الكتاب | تمهيد | مسائل الكتاب | المسألة الأولى | الأسباب المانعة من قبول الحق | لا غرابة في جحد النصارى رسالة محمد وقد سبوا الله | صلاة النصارى استهزاء بالمعبود | المسألة الثانية | قصة النجاشي | وفد نصارى نجران | خبر عدي بن حاتم الطائي | قصة سلمان الفارسي | قصة هرقل | إسلام النجاشي | قصة المقوقس | قصة ابن الجلندي | صاحب اليمامة | قصة الحارث | قصة عبد الله بن سلام | المذكور في كتبهم غالبا وهو أبلغ من الاسم | نصارى نجران | اثنا عشر وجها تدل على أنه مذكور في الكتب المنزلة | اختلاف نسخ التوراة والإنجيل وتناقضها | نصوص الكتب المتقدمة في البشارة به وصفته ونعت أمته | النصارى آمنوا بمسيح لا وجود له واليهود ينتظرون المسيح الدجال | ما عوض به إبليس والنصارى وكل مستكبر عن حق | أدلة من التوراة على نبوة محمد | نطق التوراة صراحة بنبوة محمد | ما ذكر في نبوة حبقوق | مناظرة المؤلف لأحد كبار اليهود | صفات النبي المذكورة في كتبهم | خبر المباهلة | حديث وهب عن الزبور | خبر الحجر الذي وجد في قبر دانيال | أخبار أمية بن أبي الصلت الثقفي | خبر بحيرا الراهب | خبر آخر عن هرقل | الطرق الأربعة الدالة على صحة البشارة به | تحريف التوراة والإنجيل | سبب تحريف التوراة | جحدهم بنبوة محمد نظير جحدهم نبوة المسيح | التغيير في ألفاظ الكتب | المناقضات في الإنجيل | الرد على من طالب بالنسخ الصحيحة | الرد على من قال بعدم كفر هاتين الأمتين | الرد على من طعن بالصحابة | معاصي الأمم لا تقدح في الرسل ولا في رسالتهم | كتب اليهود | من شريعتهم نكاح امرأة الأخ أو العار | دين النصارى | مقالة أشباه الحمير في مريم وابنها | لو لم يظهر محمد لبطلت نبوة سائر الأنبياء | النصارى أشد الأمم افتراقا في دينهم | اختلاف فرقهم المشهورة في شخصية المسيح | تاريخ المجامع النصرانية | ذكر ماني الكذاب | بولس أول من ابتدع اللاهوت والناسوت في شأن المسيح | أول من ابتدع شارة الصليب قسطنطين | المجمع الأول | المجمع الثاني | المجمع الثالث | المجمع الرابع | المجمع الخامس | المجمع السادس | المجمع السابع | المجمع الثامن | المجمع التاسع | المجمع العاشر | لو عرض دين النصرانية على قوم لم يعرفوا لهم إلها لامتنعوا من قبوله | يستحيل الإيمان بنبي من الأنبياء مع جحد نبوة محمد | إنكار النبوات شيمة الفلاسفة والمجوس وعباد الأصنام | غباوة اليهود | إشراق الأرض بالنبوة