البداية والنهاية/الجزء الخامس/وفد بني سليم
قال: وقدم على رسول الله ﷺ رجل من بني سليم يقال له: قيس بن نشبة، فسمع كلامه وسأله عن أشياء فأجابه، ووعى ذلك كله، ودعاه رسول الله ﷺ إلى الإسلام فأسلم، ورجع إلى قومه بني سليم فقال: سمعت ترجمة الروم، وهيمنة فارس، وأشعار العرب، وكهانة الكهان، وكلام مقاول حمير، فما يشبه كلام محمد شيئا من كلامهم فأطيعوني، وخذوا بنصيبكم منه.
فلما كان عام الفتح خرجت بنو سليم فلقوا رسول الله ﷺ بقديد، وهم سبع مائة، ويقال: كانوا ألفا، وفيهم: العباس بن مرداس، وجماعة من أعيانهم فأسلموا، وقالوا: اجعلنا في مقدمتك، واجعل لواءنا أحمر، وشعارنا مقدما، ففعل ذلك بهم، فشهدوا معه الفتح، والطائف، وحنينا.
وقد كان راشد بن عبد ربه السلمي يعبد صنما، فرآه يوما وثعلبان يبولان عليه فقال:
أرب يبول الثعلبان برأسه * لقد زل من بالت عليه الثعالب
ثم شد عليه فكسره، ثم جاء إلى رسول الله ﷺ فأسلم.
وقال له رسول الله ﷺ: «ما اسمك»؟
قال: غاوي بن عبد العزى.
فقال: «بل أنت راشد بن عبد ربه»، وأقطعه موضعا يقال له: رهاط، فيه عين تجري يقال لها: عين الرسول، وقال: «هو خير بني سليم» وعقد له على قومه، وشهد الفتح وما بعدها.