البداية والنهاية/الجزء الخامس/فصل خروج النبي صلى الله عليه وسلم من مكة
ثم خرج عليه السلام من أسفل مكة كما قالت عائشة: أن رسول الله ﷺ دخل مكة من أعلاها وخرج من أسفلها أخرجاه.
وقال ابن عمر: دخل رسول الله ﷺ من الثنية العليا التي بالبطحاء، وخرج من الثنية السفلى.
رواه البخاري ومسلم، وفي لفظ: دخل من كداء، وخرج من كدى.
وقد قال الإمام أحمد: ثنا محمد بن فضيل، ثنا أجلح بن عبد الله عن أبي الزبير، عن جابر قال: خرج رسول الله ﷺ من مكة عند غروب الشمس فلم يصل حتى أتى سرف وهي على تسعة أميال من مكة.
وهذا غريب جدا، وأجلح فيه نظر، ولعل هذا في غير حجة الوداع، فإنه عليه السلام كما قدمنا طاف بالبيت بعد صلاة الصبح، فماذا أخره إلى وقت الغروب، هذا غريب جدا، اللهم إلا أن يكون ما ادعاه ابن حزم صحيحا من أنه عليه السلام رجع إلى المحصب من مكة بعد طوافه بالبيت طواف الوداع، ولم يذكر دليلا على ذلك إلا قول عائشة حين رجعت من اعتمارها من التنعيم فلقيته بصعدة، وهو مهبط على أهل مكة أو منهبطه، وهو مصعد.
قال ابن حزم: الذي لا شك فيه أنها كانت مصعدة من مكة وهو منهبط، لأنها تقدمت إلى العمرة وانتظرها حتى جاءت، ثم نهض عليه السلام إلى طواف الوداع فلقيها منصرفه إلى المحصب من مكة.
وقال البخاري باب من نزل بذي طوى إذا رجع من مكة وقال محمد بن عيسى: حدثنا حماد بن زيد عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر أنه كان إذا أقبل بات بذي طوى، حتى إذا أصبح دخل، وإذا نفر مر بذي طوى وبات بها حتى يصبح، وكان يذكر أن رسول الله ﷺ كان يفعل ذلك، هكذا ذكر هذا معلقا بصيغة الجزم، وقد أسند هو ومسلم من حديث حماد بن زيد به، لكن ليس فيه ذكر المبيت بذي طوى في الرجعة، فالله أعلم.