انتقل إلى المحتوى

السيرة الحلبية/ذكر كتابه إلى جيفر وعبد ابني الجلندي ملكي عمان

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة



ذكر كتابه إلى جيفر وعبد ابني الجلندي ملكي عمان


أي بضم العين المهملة وتخفيف الميم: بلدة من بلاد اليمن على يد عمرو بن العاص رضي الله عنه.

بعث رسول الله عمرو بن العاص رضي الله عنه إلى جيفر وعبد ابني الجلندي، وبعث معه كتابا فيه: «بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد بن عبد الله إلى جيفر وعبد ابني الجلندي، سلام على من اتبع الهدى» أما بعد: فإني أدعوكما بدعاية الإسلام أسلما تسلما، فإني رسول الله إلى الناس كافة، لأنذر من كان حيا ويحقّ القول على الكافرين، وإنكما إن أقررتما بالإسلام وليتكما، وإن أبيتما أن تقرّا بالإسلام فإن ملككما زائل عنكما، وخيلي تحل: أي تنزل بساحتكما، وتظهر نبوتي على ملككما» وختم رسول الله الكتاب.

قال عمرو: ثم خرجت حتى انتهيت إلى عمان، فعمدت إلى عبد، وكان أحلم الرجلين وأسهلهما خلقا، فقلت: إني رسول رسول الله إليك وإلى أخيك، فقال: أخي المقدم عليّ بالسن والملك، وأنا أوصلك به حتى يقرأ كتابك، ثم قال: وما تدعو إليه؟ قلت: أدعوك إلى الله وحده. وتخلع ما عبد من دونه، وتشهد أن محمدا عبده ورسوله. قال: يا عمرو إنك ابن سيد قومك فكيف صنع أبوك؟ يعني العاص بن وائل، فإن لنا فيه قدوة؟ قلت: مات ولم يؤمن بمحمد، ووددت له لو كان آمن وصدق به، وقد كنت قبل على مثل رأيه حتى هداني الله للإسلام فقال: متى تبعته؟ قلت: قريبا، فسألني أين كان إسلامي؟ فقلت: عند النجاشي، وأخبرته أن النجاشي قد أسلم قال: فكيف صنع قومه بملكه؟ قلت: أقروه واتبعوه قال: والأساقفة: أي رؤساء النصرانية والرهبان، قلت نعم؟ قال: انظر يا عمرو ما تقول؟ إنه ليس من خصلة في رجل أفضح له: أي أكثر فضيخة من كذب. قلت: وما كذبت وما نستحله في ديننا، ثم قال: ما أرى هرقل علم بإسلام النجاشي. قلت له بلى، قال: بأي شيء علمت ذلك يا عمرو؟ قلت: كان النجاشي رضي الله عنه يخرج له خراجا. فلما أسلم النجاشي وصدّق بمحمد قال لا والله، ولو سألني درهما واحدا ما أعطيته، فبلغ هرقل قوله، فقال له أخوه: أتدع عبدك لا يخرج لك خراجا ويدين دينا محدثا. فقال هرقل: رجل رغب في دين واختاره لنفسه ما أصنع به؟ والله لولا الضن بملكي لصنعت كما صنع، قال: انظر ما تقول يا عمرو. قلت: والله صدقتك. قال عبد: فأخبرني: ما الذي يأمر به وينهى عنه؟ قلت: يأمر بطاعة الله عز وجل، وينهى عن معصيته، ويأمر بالبرّ وصلة الرحم، وينهى عن الظلم والعدوان، وعن الزنا وشرب الخمر، وعن عبادة الحجر والوثن والصليب. فقال: ما أحسن هذا الذي يدعو إليه لو كان أخي يتابعني لركبنا حتى نؤمن بمحمد ونصدق به ولكن أخي أضن بملكه من أن يدعه ويصير ذنبا: أي تابعا.

قلت: إنه إن أسلم ملّكه رسول الله على قومه، فأخذ الصدقة من غنيهم فردها على فقيرهم، قال: إن هذا الخلق حسن، وما الصدقة؟ فأخبرته بما فرض رسول الله من الصدقات في الأموال. أي ولما ذكرت المواشي قال: يا عمرو، يؤخذ من سوائم مواشينا التي ترعى في الشجر وترد المياه: فقلت نعم، فقال؟ والله ما أرى قومي في بعد دارهم وكثرة عددهم يطيعون بهذا.

قال عمرو: فمكث أياما بباب جيفر وقد أوصل إليه أخوه خبري، ثم إنه دعاني فدخلت عليه، فأخذ أعوانه بضبعي: أي عضدي، قال: دعوه، فأرسلت، فذهبت لأجلس فأبوا أن يدعوني أجلس، فنظرت إليه، فقال: تكلم بحاجتك، فدفعت إليه كتابا مختوما، ففض خاتمه، فقرأه حتى انتهى إلى آخره، ثم دفعه إلى أخيه فقرأه، ثم قال: ألا تخبرني عن قريش كيف صنعت؟ فقلت: اتبعوه، إما راغب في الدين وإما راهب مقهور بالسيف. قال: ومن معه؟ قلت: الناس قد رغبوا في الإسلام، واختاروه على غيره وعرفوا بعقولهم مع هدى الله إياهم أنهم كانوا في ضلال مبين، فما أعلم أحدا بقي غيرك في هذه الخرجة، وأنت إن لم تسلم اليوم وتتبعه تطؤك الخيل وتبيد خضراءك: أي جماعتك فأسلم تسلم ويستعملك على قومك، ولا تدخل عليك الخيل والرجال، قال: دعني يومي هذا وارجع إليّ غدا. فلما كان الغد أتيت إليه، فأبى أن يأذن لي، فرجعت إلى أخيه فأخبرته أني لم أصل إليه، فأوصلني إليه، فقال: إني فكرت فيما دعوتني إليه، فإذا أنا أضعف العرب إن ملكت رجلا ما في يدي وهو لا تبلغ خيله ههنا، وإن بلغت خيله ألفت: أي وجدت قتالا ليس كقتال من لاقى. قلت وأنا خارج غدا، فلما أيقن بمخرجي خلا به أخوه، فأصبح فأرسل إليّ، فأجاب إلى الإسلام هو وأخوه جميعا، وصدقا، وخليا بيني وبين الصدقة وبين الحكم فيما بينهم، وكانا لي عونا على من خالفني.

السيرة الحلبية
مقدمة | نسبه الشريف | تزويج عبد الله أبي النبي آمنة أمه وحفر زمزم | حمل أمه به | وفاة والده | مولده | تسميته محمدا وأحمد | رضاعه | وفاة أمه وحضانة أم أيمن له وكفالة جده عبد المطلب إياه | وفاة عبد المطلب وكفالة عمه أبي طالب له | سفره مع عمه إلى الشام | ما حفظه الله به في صغره | رعيته الغنم | حضوره حرب الفجار | شهوده حلف الفضول | سفره إلى الشام ثانيا | تزوجه خديجة بنت خويلد | بنيان قريش الكعبة | ما جاء من أمر رسول الله عن أحبار اليهود ورهبان النصارى والكهان والجان | سلام الحجر والشجر عليه قبل مبعثه | المبعث وعموم بعثته | بدء الوحي | وضوؤه وصلاته أول البعثة | أول الناس إيمانا به | استخفائه وأصحابه في دار الأرقم ودعائه إلى الإسلام جهرة وكلام قريش لأبي طالب في أن يخلي بينهم وبينه | عرض قريش عليه أشياء من خوارق العادات وغير العادات ليكف عنهم لما رأوا المسلمين يزيدون وسؤالهم له أشياء من خوارق العادات وبعثهم إلى أحبار يهود بالمدينة يسألونهم عن صفة النبي | الهجرة الأولى إلى أرض الحبشة وإسلام عمر بن الخطاب | اجتماع المشركين على منابذة بني هاشم وبني المطلب وكتابة الصحيفة | الهجرة الثانية إلى الحبشة | وفد نجران | وفاة عمه أبي طالب وزوجته خديجة | خروج النبي إلى الطائف | الطفيل بن عمرو الدوسي وإسلامه | الإسراء والمعراج وفرض الصلوات الخمس | عرض رسول الله نفسه على القبائل أن يحموه ويناصروه | الهجرة إلى المدينة | بدء الأذان والإقامة | مغازيه: غزوة بواط | غزوة العشيرة | غزوة سفوان ويقال لها غزوة بدر الأولى | تحويل القبلة | غزوة بدر الكبرى | غزوة بني سليم | غزوة بني قينقاع | غزوة السويق | غزوة قرقرة الكدر | غزوة ذي أمر | غزوة بحران | غزوة أحد | غزوة حمراء الأسد | غزوة بني النضير | غزوة ذات الرقاع | غزوة بدر الآخرة | غزوة دومة الجندل | غزوة بني المصطلق | غزوة الخندق | غزوة بني قريظة | غزوة بن لحيان | غزوة ذي قرد | غزوة الحديبية | غزوة خيبر | غزوة وادي القرى | عمرة القضاء | غزوة مؤتة | فتح مكة | غزوة حنين | غزوة الطائف | غزوة تبوك | سراياه وبعوثه: سرية حمزة بن عبد المطلب | سرية عبيدة بن الحارث | سرية سعد بن أبي وقاص | سرية عبد الله بن جحش | سرية عمير بن عدي الخطمي | سرية سالم بن عمير إلى أبي عفك | سرية عبد الله بن مسلمة إلى كعب بن الأشرف الأوسي | سرية عبد الله بن عتيك لقتل أبي رافع | سرية زيد بن حارثة إلى القردة | سرية أبي سلمة عبد الله بن عبد الأسد | سرية الرجيع | سرية القراء إلى بئر معونة | سرية محمد بن سلمة إلى القرطاء | سرية عكاشة بن محصن إلى الغمر | سرية محمد بن مسلمة لذي القصة | سرية أبي عبيدة بن الجراح إلى ذي القصة أيضا | سرية زيد بن حارثة إلى بني سليم | سرية زيد بن حارثة إلى العيص | سرية زيد بن حارثة إلى بني ثعلبة | سرية زيد بن حارثة إلى جذام | سرية أمير المؤمنين أبي بكر الصديق لبني فزارة | سرية عبد الرحمن بن عوف إلى دومة الجندل | سرية زيد بن حارثة إلى مدين | سرية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب إلى بني سعد بن بكر بفدك | سرية عبد الله بن رواحة إلى أُسَير | سرية عمرو بن أمية الضمري وسلمة بن أسلم | سرية سعيد بن زيد | سرية أمير المؤمنين عمر بن الخطاب إلى طائفة من هوازن | سرية أبي بكر إلى بني كلاب | سرية بشير بن سعد الأنصاري إلى بني مرة بفدك | سرية غالب بن عبد الله الليثي | سرية بشير بن سعد الأنصاري إلى يمن | سرية ابن أبي العوجاء السلمي إلى بني سليم | سرية غالب بن عبد الله الليثي إلى بني الملوح | سرية غالب بن عبد الله الليثي إلى مصاب أصحاب بشير بن سعد | سرية شجاع بن وهب الأسدي إلى بني عامر | سرية كعب بن عمير الغفاري | سرية عمرو بن العاص إلى ذات السلاسل | سرية الخبط | سرية أبي قتادة إلى غطفان | سرية عبد الله بن أبي حدرد الأسلمي إلى الغابة | سرية أبي قتادة إلى بطن أضم | سرية خالد بن الوليد إلى العزى | سرية عمرو بن العاص إلى سواع | سرية سعد بن زيد الأشهلي إلى مناة | سرية خالد بن الوليد إلى بني جذيمة | سرية أبي عامر الأشعري إلى أوطاس | سرية الطفيل بن عمرو الدوسي إلى ذي الكفين الصنم ليهدمه | سرية عيينة بن حصن الفزاري إلى بني تميم | سرية قطبة بن عامر إلى خثعم | سرية الضحاك الكلابي | سرية علقمة بن مجزز | سرية علي بن أبي طالب | سرية علي بن أبي طالب إلى بلاد مذحج | سرية خالد بن الوليد إلى أكيدر بن عبد الملك بدومة الجندل | سرية أسامة بن زيد بن حارثة إلى أبنى | الوفود التي وفدت عليه | كتبه التي أرسلها إلى الملوك يدعوهم إلى الإسلام | كتابه إلى قيصر | كتابه إلى كسرى | كتابه للنجاشي | كتابه للمقوقس ملك القبط | كتابه للمنذر بالبحرين | كتابه إلى جيفر وعبد ابني الجلندي ملكي عمان | كتابه إلى هوذة | كتابه إلى الحارث الغساني | حجة الوداع | عمَره | معجزاته | خصائصه | أولاده | أعمامه وعماته | أزواجه وسراريه | خدمه الأحرار | الذين أعتقهم | كتّابه | حراسه | من ولي السوق في زمنه | من كان يضحكه | أمناء الرسول | شعراؤه | من كان يضرب الأعناق بين يديه | مؤذنوه | العشرة المبشرون بالجنة | حواريوه | سلاحه | خيله وبغاله وحمره | صفته الظاهرة | صفته الباطنة | مرضه ووفاته | بيان ما وقع من عام ولادته إلى زمان وفاته على سبيل الإجمال