سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم/فريضة الصلاة
فرضت الصلوات الخمس ليلة الإسراء قبل الهجرة ب سنة ولا خلاف في ذلك، قيل: كما هي الآن في عدد الركعات وهو الأصح، والصلاة هي فريضة قائمة وشريعة ثابتة عرفت فريضتها بالكتاب وهو قوله تعالى: {وَأَقِيمُواْ الصَّلوةَ} (البقرة: 43)، وقوله تعالى: {حَفِظُواْ عَلَى الصَّلَوتِ والصَّلَوةِ الْوُسْطَى} (البقرة: 238)، فإنه يدل على فرضيتها وعلى كونها خمسا لأنه أمر بالمحافظة على جميع الصلوات وعطف عليها الصلاة الوسطى وأقل جمع يتصور معه وسطى هو الأربع، وب السنة قوله عليه الصلاة والسلام: «إن الله فرض على كل مسلم ومسلمة في كل يوم وليلة خمس صلوات».
وحكمة مشروعيتها التذلل والخضوع بين يدي الله تعالى ومناجاته بالقراءة والذكر واستعمال الجوارح في خدمته وهي أفضل العبادات البدنية الظاهرة.
جاء في «رسالة الصلاة» لابن سينا: أن الصلاة تشبه النفس الإنساني الناطق بالأجرام الفلكية والتعبد الدائم للحق المطلق طلبا للثواب السرمدي، قال رسول الله ﷺ «الصلاة عماد الدين»، والدين هو تصفية النفس الإنساني عن الكدورات الشيطانية والهواجس البشرية والإعراض عن الأعراض الدنيوية الدنية، والصلاة هي التعبد للمعبود الأعظم الأعلى، فعلى هذا لا يحتاج إلى تأويل قوله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ} (الذاريات: 56) بيعرفون؛ لأن العبادة هي المعرفة أي عرفان واجب الوجود وعلمه بالسر الصافي والقلب النقي والنفس الفارغة، فإذا حقيقة الصلاة علم الله سبحانه وتعالى بوحدانيته ووجوب وجود وتنزيه ذاته، وتقديس صفاته في سوانح الإخلاص في صلاته، وأعني بالإخلاص: أن تعلم صفات الله بوجه لا يبقى للكثرة فيه مشرع ولا للإضافة فيه منزع، فمن فعل هذا فقد أخلص وصلى وما ضل وما غوى ومن لم يفعل فقد افتى وكذب وعصى، والله أجل وأعلى وأعز من ذلك وأقوى، اهـ.
قال ﷺ «لا إيمان لمن لا صلاة له، ولا إيمان لمن لا أمانة له»، وقال: «صلوا كما رأيتموني أصلي».
قال تعالى: {إِنَّ الصَّلَوةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَآء وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ} (العنكبوت: 45).