سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم/الخزرج والأوس وما كان بينهما وبين اليهود
خزرج منتشرین الان بکثره فی الاهواز ایران.وا فی العراق
الخزرج والأوس هما قبيلتان مشهورتان من العرب في يثرب وقد لقبهم رسول الله ﷺ بالأنصار لما هاجر إليهم لأنهم هم الذين نصروه ومنعوه، وقد مر ذكرهم في بيعتي العقبة الأولى والثانية ولا شك أن الباحث يشتاق إلى الوقوف على تاريخ هاتين القبيلتين، وما كان بينهما وبين اليهود من علاقات وحروب لأن ذلك يساعده على فهم تاريخ سكان المدينة، وعلى موقف الأنصار واليهود إزاء الإسلام والمسلمين وليكون على بينة من أمرهم عند ذكرهم في الحوادث التي وقعت بعد هجرة النبي ﷺ إلى المدينة.
خزرج وأوس أخوان أبوهما حارثة بن ثعلبة العنقاء بن عمرو مزيقياء بن عامر بن ماء السماء بن حارثة الغطريف ابن امرىء القيس البطريق بن ثعلبة بن مازن بن الأزد بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان. وأم أوس وخزرج قيلة بنت كاهل بن عذرة بن سعد بن قضاعة ولذلك يقال لهما ابنا قيلة، وكان منهما قبيلتان مشهورتان عظيمتان من العرب في يثرب تذكران غالبا معا فيقال الأوس والخزرج، لكن غلب اسم الخزرج وسموا أيضا الأنصار لأنهم أول من قام بنصرة النبي ﷺ وساعدوه في حروبه وآووه إلى أرضهم.
أما أصلهم فقد جاء في كتب السير، أنه لما خرج مزيقياء من اليمن بعد تفرق أهل سبأ، بسيل العرم ملك غسان بالشام ثم هلك وملَكَ ابنه ثعلبة العنقاء، ولما هلك ملَكَ بعده عمرو ابن أخيه جفنة فسخط مكانه ابنه حارثة وأجمع الرحلة إلى يثرب ونزل على يهود خيبر وسألهم الحلف والجوار على الأمان والمنعة فأعطوه من ذلك ما سأل وقيل: لما سار ثعلبة بن عمرو بن عامر في من معه اجتازوا يثرب فتخلف بها أوس وخزرج ابنا حارثة في من معهما فنزل بعضهم بضرار وبعضهم بالقرى مع أهلها ولم يكونوا أهل نعم ولا شاة، لأن البلاد لم تكن بلاد مرعى ولا نخل لهم ولا زرع إلا الأغداق اليسيرة فكانوا يحيون الأرض الموات ويزرعونها والأموال لليهود فلبثوا حينا من الدهر على ذلك وهم في ضيق مال وسوء حال، ثم قدم منهم مالك بن عجلان على أبي جبيلة الغساني فسأله عن حالهم فأخبره بضيق معاشهم، فقال: ما بالكم لا تغلبونهم كما غلبنا أهل بلدنا ووعده أنه يسير إليهم فينصرهم فرجع مالك وأخبر قومه بوعد أبي جبيلة فاستعدوا له، وقدم عليهم وخشي عليهم أن يتحصن منه اليهود فاتخذ حائرا وبعث إليهم فمال خواصهم وحشمهم وأذن لهم في دخول الحائر ثم أمر جنوده فقتلوهم عن آخرهم، وقال للأوس والخزرج: إذا لم تتغلبوا على البلاد بعد قتل هؤلاء فلأحرقنكم ورجع إلى الشام، فأقاموا في عداوة مع اليهود ثم صنع لهم مالك بن عجلان طعاما ودعاهم فامتنعوا خوفا من الغدر فاعتذر إليهم مالك عن فعل أبي جبيلة ووعدهم أنه لا يقصد مثل ذلك فأجابوه وجاءوا إليه فغدرهم وقتل 87 من رؤسائهم وفر الباقون وصورت اليهود مالكا في كنائسهم وبيعهم وكانوا يلعنونه كلما دخلوا.
وذكر ابن الأثير رواية أخرى وهي: أن اليهود كان لهم ملك اسمه الفِطيون وكان ظالما فاسقا، وقد سنّ سنة أن كل امرأة تتزوج دخل عليها قبل زوجها، فاتفق يوما زفاف أخت مالك هذا فأتت مجلسا فيه أخوها وكشفت عن ساقها، فقال لها أخوها: قد أتيت بسوء، فقالت: الذي يراد بي الليلة أشدّ من هذا. فثارت النخوة في رأسه واحتال على الدخول معها عند الملك في زي امرأة فلما خلا المكان قتله وفر إلى أبي جبيلة ولم يكن هذا ملكا لغسان بل معظما عند ملوك غسان وقد ذلوا بعد هذه الفعلة وخافوا ولجأ كل قوم إلى بطن من الأوس والخزرج يستنصرون بهم ويكونون لهم أحلافا، وعظم شأن مالك وسودة الحيان، ولم يمض زمان طويل حتى أثرى الأوس والخزرج وامتنع جانبهم وقد تناسلوا وتكاثروا وتشعبوا عدة بطون فكان بنو الأوس كلهم لمالك بن الأوس فمنهم خطة بن جشم بن مالك وثعلبة ولوذان وعوف كلهم بنو عمرو بن عوف بن مالك، ومن بني عوف حنش ومالك كلفة، ومن مالك معاوية وزيد، ومن زيد عبيد وضبيعة وأمية ومن كلفة جحجبا، ومن مالك بن الأوس الحارث وكعب ابنا الخزرج بن عمرو بن مالك، فمن كعب بنو ظفر، ومن الحارث بن الخزرج حارثة وجشم، ومن جشم بنو عبد الأشهل، ومن مالك بن الأوس أيضا بنو سعد وبنو عامر ابنا مرة بن مالك، فبنو سعد الجعادرة، ومن بني عامر عطية وأمية ووائل بنو زيد بن قيس بن عامر، ومن مالك بن الأوس أيضا أسلم وواقف ابنا امرىء القيس بن مالك، فهذه بطون الأوس كما ذكر ابن خلدون.
وأما الخزرج فخمسة بطون من كعب وعمرو وعوف وجشم والحارث.
1 - فمن كعب بن الخزرج، بنو ساعدة بن كعب.
2 - وعمرو بن الخزرج بنو النجار وهم: تيم الله بن ثعلبة بن عمرو وهم شعوب كثيرة: بنو مالك وبنو عدي وبنو مازن وبنو دينار، كلهم بنو النجار، ومن مالك بن النجار، مبدول واسمه عامر وغانم وعمرو، ومن عمرو عدي، ومعاوية.
3 - ومن عوف بن الخزرج، بنو سام والقواقل وهما: عوف بن عمرو بن عوف.
والقواقل ثعلبة ومرضخة وبنو قوقل بن عوف، ومن سالم بن عوف، بنو العجلان بن زيد بن عصم بن سالم وبنو سالم بن عوف.
4 - ومن جشم بن الخزرج بنو غضب بن جشم ويزيد بن جشم، فمن غضب بنو بياضة وبنو زريق وبنو عامر بن زريق بن عبد حارثة بن مالك بن غضب، ومن يزيد بن جشم بنو سلمة بن سعد بن علي بن راشد بن ساردة بن يزيد.
5 - ومن الحارث بن الخزرج، بنو خدرة وبنو حرام ابن عوف بن الحارث بن الخزرج.
فلما فعلوا ما فعلوا باليهود واعتزوا وكثروا تفرقوا في عالية يثرب وسافلتها وملكوا أمرها في حلفهم من جاورهم من قبائل مضر ثم قامت الفتن بين الحيين وكل منهم يستنصر بمن حالفه من مضر واليهود ورحل عمرو بن الإطنابة من الخزرج بن المنذر ملك الحيرة فملكه على الحيرة واتصلت الرياسة في الخزرج والحرب بينهم وبين الأوس.