سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم/الشمائل المحمدية
عاش رسول الله ﷺ ثلاثة وستين عاما وبدأ دعوته بعد سن الأربعين أي أنه ظل يكافح ويجاهد ثلاثا وعشرين سنة في القضاء على الوثنية ونشر تعاليم الإسلام والحضارة المؤسسة على التوحيد والفضيلة، فكانت ساعات عمره شهورا وشهوره أعواما وأعوامه أجيالا، كان يجاهد بلسانه وسيفه ويعلم أصحابه وأتباعه أمور الدين ويؤدبهم ويهذبهم بالفعال والأقوال والاقتداء بسيرته النقية الطاهرة ويرشدهم إلى صلاح الدنيا والآخرة ويحذرهم ارتكاب المعاصي ويأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر وينطق في أحاديثه بالحكم وجوامع الكلم التي لم يسبق إليها أحد من البشر، ويقود أصحابه إلى ساحات الوغى وينظم الجيوش ويصدر الأوامر للقواد ويحثهم على الجهاد والصبر، ويدبر لهم الخطط الحربية ويحكم بين الناس بالعدل، فكان معلما ومربيا ومؤدبا وواعظا ومرشدا وبشيرا ونذيرا وخطيبا وإماما وأبا بارا وأخا صادقا وقائدا ومشرعا وقاضيا، وإذا دخل منزله علم نساءه وأحسن عشرتهن ووفّق بينهن، وإذا خلا إلى نفسه انقطع إلى عبادة ربه والتضرع إليه حتى لا يطيق أحد أن يجاريه في صلواته ودعواته مهما اجتهد، وإنا نرى أعظم الناس قوة واقتدارا إذا انصرف إلى أمور الدنيا أو النظر في الشؤون العامة، فرط في العبادة أو لم يستطع أداءها على الوجه الأكمل، ومن انصرف إلى العبادة، أهمل النظر في شؤون أهله وعشيرته ولفظ الدنيا، أما رسول الله ﷺ فقد جمع بين الدين والدنيا وفاز بالسعادتين بدرجة فاقت القوة البشرية، لذلك تم على يديه في تلك السنوات القليلة ما عجزت عنه الأمم بأسرها في قرون.
إن من يطالع سيرة رسول الله بإمعان ويفكر في أخلاقه وفي تلك الشخصية العظيمة ويتصور كيف أنه كان متصفا بمجموع تلك الأخلاق السامية ليعترف بأنه عليه السلام سيد الخلق حقيقة.
كانت أخلاقه عليه السلام غير متكلفة لأن المتكلف لا يدوم أمره طويلا بل يرجع إلى الطبع وهذا ما أكسبها عظمة وجلالا.
قالوا: إن الخلق ملكة نفسانية يسهل على المتصف بها الإتيان بالأفعال الجميلة، والإتيان بالأفعال الجميلة شيء وسهولة الإتيان بها شيء آخر فالحالة التي باعتبارها تحصل تلك السهولة هي الخلق.
فلم يك رسول الله ﷺ يتكلف شيئا من الفضائل أصلا، ثم إن اجتماع الفضائل في شخص واحد مع عدم التكلف أمر خارق للعادة لأن الإنسان مخلوقة فيه شهوات لا يمكن أن يردها إلى حد الاعتدال من غير إفراط أو تفريط إلا إذا عوّد نفسه سنين عديدة واجتهد وقد لا يستطيع.
والعاقل إذ شعر بنقيصة فيه وأراد محاربتها ومحوها بالتعود وقوة الإرادة كان لا بد من مرور زمن طويل حتى تزول وتنمحي، وهو في أثناء محاربتها عرضة لأن تظهر عليه تلك النقيصة أو آثارها من حين لآخر وبالرغم منه، وعند ذلك يلاحظها الناس فيه فإن كان رجلا عظيما أثبتوها عليه في تاريخ حياته فيقولون مثلا كان بخيلا ثم اعتاد السخاء أو جبانا فتشجع بمعاشرة الشجعان والاقتداء بهم.، الخ.
ولم نرَ إنسانا له نقيصة واحدة فقط مع كثرة تجاربنا ومعاشرتنا الناس، نعم قد يتوهم كل إنسان أنه كامل لا عيب فيه ولا نقص، لأن العين لا ترى نفسها إلا بطريق المرآة ومرآة الإنسان أصدقاؤه وخلانه ومعاشروه، ثم إن اعتقاد المرء بكماله وتنزهه عن القبائح والرذائل يمنعه من الاطلاع على عيوبه وهفواته وسقطاته وإن كانت كثيرة، ولو أنه سمع رأي الناس فيه وإن كانوا أقل منه منزلة لتبين له كثير من المساوىء التي كانت خافية عليه بسبب اعتقاده الكمال في نفسه.
نقول ذلك إذ قد يعترض علينا أحد فيقول إنك لم تر إنسانا له نقيصة واحدة فقط مع أني لا أذكر لنفسي عيوبا تؤخذ عليَّ وكل الناس يمدحونني ويوقرونني، فهذا القول إنما هو ادعاء رجل محجوب أعمى، فالأولى أن يسأل عن عيوبه حتى يهتدي إليها فيصلحها، قال أبو بكر الصديق وهو ممن لايخفى على أحد علمه وفضله وصدقه وإخلاصه وتقواه: «رحم الله امرأ أهدى إليَّ عيوبي» يعني أن له عيوبا يريد الاهتداء إليها، والناس الآن قد بلغ بهم الغرور والكبر والزهو ما جرأهم على القول بتنزههم عن المعايب، لذلك حرموا من إصلاح أنفسهم.
الخلو من المعايب واجتماع الفضائل في شخص فرد من المستحيلات إلا إذا خُلق الإنسان معتدل المزاج، معتدل الشهوات، صحيح الجسم، صحيح العقل، قوي الأعصاب من نسل سليم، ليس له وراثة مرضية، خاليا من مطامع المادة، ومثل هذا الشخص لم يوجد.
أما اعتقاد الإنسان الكمال في نفسه فهذا من حبه لذاته، ومن أحب ذاته أحب كمال ذاته وأحب أن يوصف بصفات الكمال، وهذه غريزة تظهر في الأطفال،فإنك إذا مدحت طفلا صغيرا بما يفهم ظهرت على ملامحه سيماء السرور، فإن كان قبيح المنظر ووصفته بالجمال أمَّن على كلامك وابتسم.
وقد سأل شاعر عن رجل خال من كل عيب لأنه لم يجد إنسانا كاملا فقال:
من ذا الذي ما ساء قط ** ومن له الحسنى فقطْ
فسمع هاتفا يقول:
محمدُ الهادي الذي ** عليه جبريلُ هبطْ
وقال حسان بن ثابت يصف رسول الله ﷺ بقوله:
خُلقت مُبَرَّأ من كل عيب ** كأنك قد خُلقت كما تشاء
فالذي خُلق مبرّأ من كل عيب إنما هو رسول الله كما قال حسان بن ثابت رضي الله عنه، أما أولو الفضل من الناس فكفى أن تعد معايبهم على حد قول الشاعر:
ومن ذا الذي تُرضى سجاياه كلها ** كفى المرء نبلا أن تُعد معايبُه
اجتمعت الفضائل في رسول الله ﷺ وتنزه عن المعايب لأن الله سبحانه وتعالى اصطفاه من بين خلقه لتبليغ رسالته وطهره من الأرجاس وحفظه من كل سوء وعلّمه وهذبه وأدّبه ليكون قدوة يقتدي الناس به في دينهم ودنياهم، قال عليه الصلاة والسلام: «أدّبني ربي فأحسن تأديبي» فأين نحن ممن أدبه ربه فأحسن تأديبه ثم أثنى عليه بقوله: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} (القلم: 4).
قال رسول الله: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق» وبديهيّ أن الذي بعث ليتمم مكارم الأخلاق لا بد أن يكون أتم الناس خلقا، فإن من كان به نقص أو عيب لم يصلح للقيام بمهمة إتمام مكارم الأخلاق.
عن قتادة: سألت عائشة عن خلق رسول الله ﷺ فقالت: «كان خلقه القرآن»، يعني التأدب بآدابه والتخلق بمحاسنه والالتزام بأوامره وزواجره.
لقد جمعت عائشة رضي الله عنها أخلاق رسول الله في هذه الجملة الوجيزة، لأنها لو أرادت أن تذكر أخلاقه وصفاته بالتفصيل لما استطاعت، فأحالت السائل إلى القرآن وما فيه من آداب وخلق وفضل ومعاملات.، الخ.
وقال تعالى: {وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ} (النساء: 113)، وقال: {وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيما} (النساء: 113).
وقد ذكرت في القرآن الكريم أسماؤه ﷺ وكلها نعوت ليست أعلاما محضة لمجرد التعريف بل أسماء مشتقة من صفات قائمة به توجب له المدح والكمال، فمنها «محمّد» وهو أشهرها وهو اسم مفعول من حُمِّد فهو محمد إذا كان كثير الخصال التي يحمد عليها، وأحمد مشتق من الحمد أيضا، ومعناه أحمد الحامدين لربه، وقال بعضهم: أحق الناس وأولاهم بأن يحمد فيكون كمحمد في المعنى، وهذان الاسمان اشتقا من أخلاقه وخصاله المحمودة التي لأجلها استحق أن يسمى محمدا ﷺ وأحمد هو الذي يحمده أهل السماء وأهل الأرض وأهل الدنيا والآخرة لكثرة خصاله المحمودة التي تفوق عد العادين وإحصاء المحصين.
ومن أسمائه البشير فهو المبشّر لمن أطاعه بالثواب، والنذير المنذر لمن عصاه بالعقاب، وقد ثبت عنه في الصحيح: «أنا سيد ولد آدم ولا فخر» أي ولا فخر أعظم من ذلك وسماه الله سراجا منيرا، وسمى الشمس سراجا وهّاجا، والمنير هو الذي ينير من غير إحراق بخلاف الوهَّاج فإن فيه نوع إحراق.
قال أنس رضي الله عنه: كان ﷺ أحسن الناس خلقا وكان عليه الصلاة والسلام أرجح الناس حلما، وقال أيضا: خدمت رسول الله ﷺ عشر سنين فما قال لي أفّ قط، وما قال لشيء صنعتُه لِمَ صنعته ولا لشيء تركته لِمَ تركته.
هذا ما قاله أنس رضي الله عنه خادم رسول الله فهل يستطيع إنسان عنده خادم أن يعامله بمثل هذه المعاملة؟ مَن ذا الذي لا يقول لخادمه أفّ وهي أقل ما يعبّر عن الاستياء وعدم الرضا والسخط؟ ومَن ذا الذي لا يعارض ولا ينهر ولا يشتم الخادم؟ وهؤلاء الأدباء والعلماء والفلاسفة والأمراء والوجهاء، نراهم يسيئون معاملة خدمهم بل معاملة أصدقائهم وأقاربهم، إذن هذه صفة كمالٍ لا يمكننا بلوغها.
(عفوه وحلمه)
ورُوِي أنه لما كسرت رباعيته ﷺ وشج وجهه يوم أُحد شق ذلك على أصحابه وقالوا لو دعوت عليهم، فقال: «إني لم أُبعث لَعَّانا ولكني بُعِثتُ داعيا ورحمة، اللهم اهدِ قومي فإنهم لا يعلمون» فبدلا من أن يدعو عليهم لاعتدائهم عليه، دعا لهم بالهداية، وهذا منتهى الحكمة وحُسن الخلق.
والذي نعلمه من خلق الناس حتى أكابر القوم أن الواحد منهم لا يتحمل أن يوجه إليه أحد كلمة تخدش إحساسه ولو عفوا، بل يغضب ويحقد وينتقم ويدبر الخيل للكيد وينتهز الفرص للإيقاع به، فأين هذا الخلق ممن كسرت رباعيته فقابل الإساءة بالإحسان.
وقد عفا رسول الله ﷺ عمن شهر السيف عليه يريد قتله، وعن اليهودية التي سمته في الشاة بعد اعترافها ولم يؤاخذ اليهودي الذي سحره، كل ذلك وهو قادر على توقيع أقسى العقوبة عليهم، فهل بعد ذلك حلم وعفو؟ إنه ﷺ ما كان يغضب لنفسه ولا ينتصر لها وإنما يغضب إذا انتهكت حرمات الله.
(كرمه)
وكان ﷺ أسخى الناس كفا ما سئل شيئا فقال لا، وعن صفوان بن أمية قال: أعطاني رسول الله ﷺ يوم حنين وإنه لأبغض الناس إليّ، فما زال يعطيني حتى أنه لأحبّ الناس إليّ، ولما رأى صفوان كثرة ما أعطاه رسول الله، قال: والله ما طابت بهذا إلا نفس نبيّ، فأسلم، وكان الذي أعطاه رسول الله لصفوان غنما ملأت واديا بين جبلين وأعطى العباس من الذهب ما لم يطق حمله، وحملت إليه تسعون ألف درهم فوضعت على حصير ثم قام إليها يقسمها فما رد سائلا حتى فرغ منها وقسَّم الأموال في غزوة حنين فأعطى المؤلفة قلوبهم أول الناس فأعطى أبا سفيان بن حرب 40 أوقية من الفضة و 100 من الإبل وكذا بنيه يزيد ومعاوية، وأعطى حكيم بن حزام 100 من الإبل ثم سأله أخرى فأعطاه إيَّاها، وأعطى النضر بن الحارث بن كلدة 100 من الإبل وكذا أسيد بن جارية الثقفي والحارث بن هشام وصفوان بن أمية وقيس بن عدي وسهيل بن عمرو وحويطب بن عبد العزى والأقرع بن حابس التميمي وعيينة بن حصن مالك بن عوف، وأعطى العباس بن مرداس 40 من الإبل، فقال في ذلك شعرا فأعطاه 100 من الإبل، وأعطى مخرمة بن نوفل 50 بعيرا وكذا العلاء بن حارثة وسعيد بن يربوع وعثمان بن وهب وهشام بن عمرو العامري، فبلغ ما أعطاه (14850) من الإبل.
تدبروا في هذه العطايا الطائلة التي يبذلها رسول الله ﷺ عن طيب نفس وهو لا يملك شيئا ولا يحمل منها إلى بيته درهما ولا يقتني شيئا وقد يبيت طاويا هو وأهله، لا يجد ما يأكل ويعطي العباس من الذهب ما لا يطيق ويهب المؤلفة قلوبهم من الإبل ما يذهل ألبابهم ويسلب عقولهم ولما رأى صفوان كثرة ما أعطاه رسول الله ﷺ انبهر وأسلم.
سائلوا أنفسكم واسألوا أكرم إنسان تعرفونه أو تسمعون عنه، هل تسمح له نفسه بمثل هذه العطايا العظيمة الجزيلة مع حرمان شخصه منها كل الحرمان؟ ليس أحد من البشر يبذل مثل هذا البذل ويحرم نفسه، نعم إن في الناس أصحاب الملايين كما في أمريكا، لكنهم إن بذلوا شيئا من الأموال في سبيل الخير أبقوا لأنفسهم أضعاف أضعافه، وتمتعوا بجميع أنواع اللذات التي قد لا تخطر لنا ببال، هذا شأن من اتصفوا بالكرم وعرفوا بالبذل من سائر الخلق، أما الأغنياء الذين يكنزون المال ويعضون عليه بالنواجذ، ولا يجودون بشيء منه إلا مضطرين مرغمين فلا نُعنَى بالتكلم عنهم لأنهم خارجون عن دائرة بحثنا فلا نفكر فيهم، بل هم أقل شأنا من أن نذكرهم فهل أدركتم بعد ذلك أن كرم رسول الله ﷺ لا يعادله كرم ولا يصل إليه أحد؟.
(شجاعته)
قال عليُّ بن أبي طالب وهو من عُرف بالشجاعة: «كنا إذا حمي الوطيس أو اشتد البأس واحمرت الحدق اتقينا برسول الله ﷺ فما يكون أحد أقرب من العدو منه، ولقد رأيتني يوم بدر ونحن نلوذ برسول الله ﷺ يومئذ وهو أقربنا إلى العدو، وكان من أشد الناس يومئذ بأسا، وقيل: كان الشجاع هو الذي يقرب منه ﷺ لقربه من العدو، وفي غزوة أُحد لما انهزم المسلمون ثبت رسول الله ﷺ إلى النهاية.
أي شجاعة أعظم من شجاعة رسول الله ﷺ لندع الغزوات والانتصار فيها، فقد فتح جزيرة العرب وقاد الجيوش، واحتمل الجوع والبرد والحر وقطع الطرق الوعرة والمسافات الشاسعة ولم ترهبه كثرة عدد العدو وسلاحه، لندع كل ذلك فإن هناك مواطن ومواقف تستلزم من الشجاعة ورباطة الجأش ما هو أعظم من مواطن القتال والنزال، ذلك أنه ﷺ قام يدعو إلى الإسلام وحده، وينشر الدين وحده وبقي متمسكا بمبدئه لا يحيد عنه قيد أنملة متبعا الأوامر الإلهية مجتنبا النواهي بكل دقة، مجاهدا في سبيل الله ونصرة المبدأ، متحملا الإهانات والأذى والاضطهاد والهجرة وقتل الأصدقاء والأقارب والتمثيل بهم ولك ما يتصوره العقل البشري من ضروب الآلام والمشقات والمتاعب والمصاعب إلى أن فاز بالنصر المبين، فهل هناك شجاعة تعدل شجاعة رسول الله ﷺ يقولون: إن الشجاعة صبر ساعة، وحياته ﷺ من مبدأ رسالته إلى أن توفاه الله تعالى صبر متوال يستنفد شجاعة الشجعان وصبر الصابرين ولا يطيقه أحد من خلق الله، ومن ذا الذي يطيق أن يشغل عقله وجسمه وجميع مواهبه ليل نهار طول هذه السنين وأن يكون دائم الحركة دائم الفكر في تعليم الناس وتهذيبهم والقضاء بينهم وسياسة أمورهم وقيادة جيوشهم ووضع الخطط الحربية، وتوزيع الغنائم والنظر في شؤونهم الدينية من عبادات ومعاملات ومقابلة الوفود والتحدث إليهم إلى غير ذلك مما يطول بنا ذكره؟.
إن هذا السفر مهما كثرت صفحاته لا يتّسع لذكرشمائل رسول الله ﷺ بالتفصيل ويكفينا هذا القدر فإن ما لا يدرك كله لا يترك جلّه.