الروح/المسألة الحادية والعشرون/فصل الفرق بين الصيانة والتبكر
والفرق بين الصيانة والتبكر أن الصائن لنفسه بمنزلة رجل قد لبس ثوبا جديدا نقي البياض ذا ثمن فهو يدخل به على الملوك فمن دونهم فهو يصونه عن الوسخ والغبار والطبوع وأنواع الآثار إبقاء على بياضه ونقائه فتراه صاحب تغرر وهروب من المواضع التي يخشى منها عليه التلوث فلا يمسح بأثر ولا طبع ولا لوث يعلو ثوبه وإن أصابه شي ء من ذلك على غرة بادر إلى قلعه وإزالته ومحو أثره.
و هكذا الصائن لقلبه ودينه تراه يجتنب طبوع الذنوب وآثارها فإن لها في القلب طبوعا وآثارا أعظم من الطبوع الفاحشة في الثوب النقي البياض ولكن على العيون غشاوة أن تدرك تلك الطبوع، فتراه يهرب من مظان التلوث ويحترس من الخلق ويتباعد من تخالطهم مخافة أن يحصل لقلبه ما يحصل للثوب الذي يخالط الدباغين والذباحين والطباخين ونحوهم.
بخلاف صاحب العلو فإنه وإن شابه هذا في تحرزه وتجنبه فهو يقصد أن يعلو رقابهم ويجعلهم تحت قدمه، فهذا لون وذاك لون.
هامش