انتقل إلى المحتوى

الروح/المسألة الرابعة عشرة

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
ملاحظات: المسألة الرابعة عشرة (وهي قوله هل عذاب القبر دائم أو منقطع؟)


جوابها أنه نوعان: (نوع دائم) سوى ما ورد في بعض الأحاديث أنه يخفف عنهم ما بين النفختين، فإذا قاموا من قبورهم قالوا: ﴿قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا ۜ ۗ هَٰذَا [يس:52] ويدل على دوامه قوله تعالى: ﴿النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا [غافر:46] ويدل عليه أيضا ما تقدم في حديث سمرة الذي رواه البخاري في رؤيا النبي صلى اللّه عليه وسلم وفيه: «فهو يفعل به ذلك إلى يوم القيامة».
و في حديث ابن عباس في قصة الجريدتين لعله يخفّف عنهما ما لم تيبسا، فجعل التخفيف مقيدا برطوبتهما فقط.
و في حديث الربيع عن أنس عن أبي العالية عن أبي هريرة: «ثم أتى على قوم ترضخ رؤوسهم بالصخر كلما رضخت عادت لا يفتر عنهم من ذلك شي ء، وقد تقدم، وفي الصحيح في قصة الذي لبس بردين وجعل يمشي يتبختر فخسف اللّه به الأرض فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة.
و في حديث البراء بن عازب في قصة الكافر: «ثم يفتح له باب إلى النار فينظر إلى مقعده فيها حتى تقوم الساعة». رواه الإمام أحمد، وفي بعض طرقه:
«ثم يخرق له خرقا إلى النار فيأتيه من غمها ودخانها إلى يوم القيامة».
(النوع الثاني) إلى مدة، ثم ينقطع، وهو عذاب بعض العصاة الذين خفّت جرائمهم، فيعذب بحسب جرمه، ثم يخفف عنه كما يعذب في النار مدة ثم يزول عنه العذاب.
و قد ينقطع عنه العذاب بدعاء، أو صدقة، أو استغفار، أو ثواب حج، أو قراءة تصل إليه من بعض أقاربه أو غيرهم، وهذا كما يشفع الشافع في المعذب في الدنيا فيخلص من العذاب بشفاعته، لكن هذه شفاعة قد لا تكون بإذن المشفوع عنده واللّه سبحانه وتعالى لا يتقدم أحد بالشفاعة بين يديه إلا من بعد إذنه، فهو الذي يأذن للشافع أن يشفع إذا أراد أن يرحم المشفوع له، ولا تغتر بغير هذا فانه شرك وباطل يتعالى اللّه عنه ﴿مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ [البقرة:255] ﴿وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَىٰ [الأنبياء:28] ﴿مَا مِن شَفِيعٍ إِلَّا مِن بَعْدِ إِذْنِهِ [يونس:3] ﴿وَلَا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ [سبأ:23] ﴿قُل لِّلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا ۖ لَّهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ [الزمر:44].
(و قد ذكر) ابن أبي الدنيا حدثني محمد بن موسى الصائغ، حدثنا عبد اللّه بن نافع، قال: مات رجل من أهل المدينة فرآه رجل كأنه من أهل النار فاغتم لذلك، ثم إنه بعد ساعة أو ثانية رآه كأنه من أهل الجنة، فقال: أ لم تكن قلت أنك من أهل النار، قال: قد كان ذلك، إلا أنه دفن معنا رجل من الصالحين فشفع في أربعين من جيرانه فكنت أنا منهم.
(و قال) ابن أبي الدنيا: وحدثنا أحمد بن يحيى قال: حدثني بعض أصحابنا قال: مات أخي فرأيته في النوم فقلت: ما كان حالك حين وضعت في قبرك؟ قال:
أتاني آت بشهاب من نار، فلولا أن داعيا دعا لي لرأيت أنه سيضربني به.
(و قال) عمرو بن جرير: إذا دعا العبد لأخيه الميت أتاه بها ملك إلى قبره، فقال: يا صاحب القبر الغريب هدية من أخ عليك شفيق.
(و قال) بشار بن غالب: رأيت رابعة في منامي، وكنت كثير الدعاء لها، فقالت لي: يا بشار بن غالب هداياك تأتينا على أطباق من نور مخمرة بمناديل الحرير، قلت: كيف ذلك، قالت: هكذا دعاء المؤمنين الأحياء إذا دعوا للموتى استجيب لهم ذلك الدعاء على أطباق النور وخمر بمناديل الحرير، ثم أتي بها الذي دعى له من الموتى فقيل: هذه هدية فلان إليك.
(قال) ابن أبي الدنيا: وحدثني أبو عبد بن بحير قال: حدثني بعض أصحابنا قال: رأيت أخا لي في النوم بعد موته فقلت: أ يصل إليكم دعاء الأحياء قال: أي واللّه يترفرف مثل النور ثم يلبسه.
و سيأتي إن شاء اللّه تعالى تمام لهذه في جواب السؤال عن انتفاع الأموات بما تهديه إليهم الأحياء.


هامش


الروح
المقدمة | المسألة الأولى | المسألة الثانية | المسألة الثالثة | المسألة الرابعة | المسألة الخامسة | المسألة السادسة | المسألة السابعة | المسألة الثامنة | المسألة التاسعة | المسألة العاشرة | المسألة الحادية عشرة | المسألة الثانية عشرة | المسألة الثالثة عشرة | المسألة الرابعة عشرة | المسألة الخامسة عشرة | المسألة السادسة عشرة | المسألة السابعة عشرة | المسألة الثامنة عشرة | المسألة التاسعة عشرة | المسألة العشرون | المسألة الحادية والعشرون