الروح/المسألة الحادية والعشرون/فصل الفرق بين الاقتصاد والتقصير
والفرق بين الاقتصاد والتقصير: أن الاقتصاد هو التوسط بين طرفي الإفراط والتفريط وله طرفان هما ضدان له تقصير ومجاوزة فالمقتصد قد أخذ بالوسط وعدل عن الطرفين قال تعالى: ﴿وَٱلَّذِينَ إِذَاۤ أَنفَقُواْ لَمۡ يُسۡرِفُواْ وَلَمۡ يَقۡتُرُواْ وَكَانَ بَيۡنَ ذَ ٰلِكَ قَوَامࣰا ٦٧﴾ [الفرقان:67]، وقال تعالى: ﴿وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ﴾ [الإسراء:29]. وقال تعالى: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا﴾ [الأعراف:31] والدين كله بين هذين الطرفين بل الإسلام قصد بين الملل والسنّة قصد بين البدع ودين اللّه بين الغالي فيه والجافي عنه وكذلك الاجتهاد هو بذل الجهد في موافقة الأمر، والغلو مجاوزته وتعديه، وما أمر اللّه بأمر إلا وللشيطان فيه نزعتان فإما إلى غلو ومجاوزة وإما إلى تفريط وتقصير هما آفتان لا يخلص منهما في الاعتقاد والقصد والعمل إلا من مشى خلف رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم وترك أقوال الناس وآراءهم لما جاء به لا من ترك ما جاء به لأقوالهم وآرائهم وهذان المرضان الخطران قد استوليا على أكثر بني آدم ولهذا حذر السلف منهما أشد التحذير وخوفوا من بلى بأحدهما بالهلاك وقد يجتمعان في الشخص الواحد كما هو حال أكثر الخلق يكون مقصرا مفرطا في بعض دينه غاليا متجاوزا في بعضه والمهدي من هدى اللّه.
هامش