البداية والنهاية/الجزء الرابع/سنة سبع من الهجرة غزوة خيبر في أولها
قال شعبة: عن الحاكم، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى في قوله: { وأثابهم فتحا قريبا } قال: خيبر.
وقال موسى بن عقبة: لما رجع رسول الله ﷺ من الحديبية مكث عشرين يوما أو قريبا من ذلك، ثم خرج إلى خيبر، وهي التي وعده الله إياها.
وحكى موسى عن الزهري أن افتتاح خيبر في سنة ست، والصحيح أن ذلك في أول سنة سبع كما قدمنا.
قال ابن إسحاق: ثم أقام رسول الله ﷺ بالمدينة حين رجع من الحديبية، ذا الحجة، وبعض المحرم، ثم خرج في بقية المحرم إلى خيبر.
وقال يونس بن بكير: عن محمد بن إسحاق، عن الزهري، عن عروة، عن مروان والمسور قالا: انصرف رسول الله ﷺ عام الحديبية، فنزلت عليه سورة الفتح بين مكة والمدينة، فقدم المدينة في ذي الحجة، فأقام بها حتى سار إلى خيبر.
فنزل بالرجيع - واد بين خيبر وغطفان - فتخوف أن تمدهم غطفان فبات به حتى أصبح، فغدا عليهم.
قال البيهقي: وبمعناه رواه الواقدي عن شيوخه في خروجه أول سنة سبع من الهجرة.
وقال عبد الله بن إدريس عن ابن إسحاق: حدثني عبد الله بن أبي بكر قال: لما كان افتتاح خيبر في عقيب المحرم، وقدم النبي ﷺ في آخر صفر.
قال ابن هشام: واستعمل على المدينة نميلة بن عبد الله الليثي.
وقد قال الإمام أحمد: حدثنا عفان، حدثنا وهيب، حدثنا حسيم يعني: ابن عراك، عن أبيه، أن أبا هريرة قدم المدينة في رهط من قومه، والنبي ﷺ في خيبر، وقد استخلف سباع بن عرفطة، يعني: الغطفاني، على المدينة.
قال: فانتهيت إليه، وهو يقرأ في صلاة الصبح في الركعة الأولى: { كهيعص } وفي الثانية: { ويل للمطففين } فقلت في نفسي: ويل لفلان إذا اكتال اكتال بالوافي، وإذا كال كال بالناقص.
قال: فلما صلى رددنا شيئا حتى أتينا خيبر، وقد افتتح النبي ﷺ خيبر.
قال: فكلم المسلمين، فأشركونا في سهامهم.
وقد رواه البيهقي من حديث سليمان بن حرب، عن وهيب، عن خيثم بن عراك، عن أبيه، عن نفر من بني غفار، قال: إن أبا هريرة قدم المدينة، فذكره.
قال ابن إسحاق: وكان رسول الله ﷺ حين خرج من المدينة إلى خيبر سلك على عصر، وبنى له فيها مسجدا، ثم على الصهباء.
ثم أقبل بجيشه حتى نزل به بواد يقال له: الرجيع، فنزل بينهم وبين غطفان ليحول بينهم وبين أن يمدوا أهل خيبر، وكانوا لهم مظاهرين على رسول الله ﷺ.
فبلغني أن غطفان لما سمعوا بذلك جمعوا، ثم خرجوا ليظاهروا اليهود عليه، حتى إذا ساروا منقلة، خلفهم في أموالهم وأهليهم حسا، ظنوا أن القوم قد خالفوا إليهم، فرجعوا على أعقابهم، فأقاموا في أموالهم وأهليهم، وخلوا بين رسول الله ﷺ وبين خيبر.
وقال البخاري: حدثنا عبد الله بن مسلمة، عن مالك، عن يحيى بن سعيد، عن بشير أن سويد بن النعمان أخبره أنه خرج مع رسول الله ﷺ عام خيبر، حتى إذا كانوا بالصهباء - وهي من أدنى خيبر - صلى العصر ثم دعا بالأزواد، فلم يؤتَ إلا بالسويق، فأمر به فثرى، فأكل وأكلنا، ثم قام إلى المغرب، فمضمض ثم صلى ولم يتوضأ.
وقال البخاري: حدثنا عبد الله بن مسلمة، حدثنا حاتم بن إسماعيل، عن يزيد بن أبي عبيد، عن سلمة بن الأكوع قال: خرجنا مع رسول الله ﷺ إلى خيبر، فسرنا ليلا، فقال رجل من القوم لعامر: يا عامر لا تسمعنا من هنيهاتك - وكان عامر رجلا شاعرا - فنزل يحدو بالقوم يقول:
لا هُم لولا أنت ما اهتدينا * ولا تصدقنا ولا صلينا
فاغفر فداء لك ما أبقينا * وألقين سكينة علينا
وثبت الأقدام إن لاقينا * إنا إذا صيح بنا أبينا
وبالصياح عولوا علينا
فقال رسول الله ﷺ: «من هذا السائق؟» قالوا: عامر بن الأكوع.
قال: «يرحمه الله» فقال رجل من القوم: وجبت يا نبي الله، لولا أمتعتنا به.
فأتينا خيبر فناصرناهم حتى أصابتنا مخمصة شديدة، ثم إن الله فتحها عليهم، فلما أمسى الناس مساء اليوم الذي فتحت عليهم، أوقدوا نيرانا كثيرة، فقال رسول الله ﷺ: «ما هذه النيران على أي شيء توقدون؟»
قالوا: على لحم.
قال: «على أي لحم؟».
قالوا: لحم الحمر الأنسية.
قال النبي ﷺ: «اهريقوها واكسروها» فقال رجل: يا رسول الله أونهريقها ونغسلها؟
فقال: «أو ذاك».
فلما تصاف الناس كان سيف عامر قصيرا، فتناول به ساق يهودي ليضربه، فيرجع ذباب سيفه فأصاب عين ركبة عامر فمات منه.
فلما قفلوا قال سلمة: رآني رسول الله ﷺ وهو آخذ بيدي، قال: «ما لك؟».
قلت: فداك أبي وأمي، زعموا أن عامرا حبط عمله.
قال النبي ﷺ: «كذب من قاله، إن له لأجرين - وجمع بين إصبعيه - إنه لجاهد مجاهد، قل عربي مشى بها مثله».
ورواه مسلم من حديث حاتم بن إسماعيل، وغيره، عن يزيد بن أبي عبيد مثله.
ويكون منصوبا على الحالية من نكرة، وهو سائغ، إذا دلت على تصحيح معنى، كما جاء في الحديث: «فصلى وراءه رجل قياما».
وقد روى ابن إسحاق قصة عامر بن الأكوع من وجه آخر فقال: حدثني محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي، عن أبي الهيثم بن نصر بن دهر الأسلمي، أن أباه حدثه، أنه سمع رسول الله ﷺ يقول في مسيره إلى خيبر لعامر بن الأكوع، وهو عم سلمة بن عمرو بن الأكوع: «انزل يا ابن الأكوع فخذ لنا من هناتك».
فقال: فنزل يرتجز لرسول الله ﷺ:
والله لو الله ما اهتدينا * ولا تصدقنا ولا صلينا
إنا إذا قوم بغوا علينا * وإن أرادوا فتنة أبينا
فأنزلن سكينة علينا * وثبت الأقدام إن لاقينا
فقال رسول الله ﷺ: «يرحمك ربك» فقال عمر بن الخطاب: وجبت يا رسول الله لو أمتعتنا به. فقتل يوم خيبر شهيدا.
ثم ذكر صفة قتله كنحو ما ذكره البخاري.
قال ابن إسحاق: وحدثني من لا أتهم، عن عطاء بن أبي مروان الأسلمي، عن أبيه، عن أبي معتب بن عمرو أن رسول الله ﷺ لما أشرف على خيبر قال لأصحابه وأنا فيهم: «قفوا».
ثم قال: «اللهم رب السموات وما أظللن، ورب الأرضين وما أقللن، ورب الشياطين وما أضللن، ورب الرياح وما أذرين، فإنا نسألك خير هذه القرية، وخير أهلها، وخير ما فيها، ونعوذ بك من شرها، وشر أهلها، وشر ما فيها اقدموا بسم الله».
وهذا حديث غريب جدا من هذا الوجه.
وقد رواه الحافظ البيهقي: عن الحاكم، عن الأصم، عن العطاردي، عن يونس بن بكير، عن إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع، عن صالح بن كيسان، عن أبي مروان الأسلمي، عن أبيه، عن جده قال:
خرجنا مع رسول الله ﷺ إلى خيبر، حتى إذا كنا قريبا وأشرفنا عليها، قال رسول الله ﷺ للناس: «قفوا» فوقف الناس.
فقال: «اللهم رب السموات السبع وما أظللن، ورب الأرضين السبع وما أقللن، ورب الشياطين وما أضللن، فإنا نسألك خير هذه القرية، وخير أهلها، وخير ما فيها، ونعوذ بك من شر هذه القرية، وشر أهلها، وشر ما فيها، اقدموا بسم الله الرحمن الرحيم».
قال ابن إسحاق: وحدثني من لا أتهم، عن أنس بن مالك قال: كان رسول الله ﷺ إذا غزا قوما لم يغر عليهم حتى يصبح، فإن سمع أذانا أمسك، وإن لم يسمع أذانا أغار، فنزلنا خيبر ليلا فبات رسول الله ﷺ حتى أصبح لم يسمع أذانا.
فركب وركبنا معه، وركبت خلف أبي طلحة، وإن قدمي لتمس قدم رسول الله ﷺ، واستقبلنا عمال خيبر غادين قد خرجوا بمساحيهم ومكاتلهم، فلما رأوا رسول الله ﷺ والجيش، قالوا: محمد والخميس معه، فأدبروا هرابا.
فقال رسول الله ﷺ: «الله أكبر خربت خيبر، إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين».
قال ابن إسحاق: حدثنا هارون عن حميد عن أنس بمثله.
وقال البخاري: حدثنا عبد الله بن يوسف، حدثنا مالك، عن حميد الطويل، عن أنس بن مالك، أن رسول الله أتى خيبر ليلا، وكان إذا أتى قوما بليل لم يغر بهم حتى يصبح، فلما أصبح خرجت اليهود بمساحيهم ومكاتلهم، فلما رأوه قالوا: محمد والله محمد والخميس.
فقال رسول الله ﷺ: «خربت خيبر، إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين».
تفرد به دون مسلم.
وقال البخاري: حدثنا صدقة بن الفضل، حدثنا أبو عيينة، حدثنا أيوب، عن محمد بن سيرين، عن أنس بن مالك قال: صبحنا خيبر بكرة، فخرج أهلها بالمساحي، فلما أبصروا بالنبي ﷺ قالوا: محمد والله، محمد والخميس!
فقال رسول الله ﷺ: «الله أكبر خربت خيبر، إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين».
قال: فأصبنا من لحوم الحمر، فنادى منادي النبي ﷺ: إن الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر، فإنها رجس. تفرد به البخاري دون مسلم.
وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر، عن قتادة، عن أنس قال: لما أتى النبي ﷺ خيبر، فوجدهم حين خرجوا إلى زرعهم ومساحيهم، فلما رأوه ومعه الجيش نكصوا فرجعوا إلى حصنهم.
فقال النبي ﷺ: «الله أكبر خربت خيبر، إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين».
تفرد به أحمد، وهو على شرط الصحيحين.
وقال البخاري: حدثنا سليمان بن حرب، حدثنا حماد بن زيد، عن ثابت، عن أنس بن مالك قال: صلى النبي ﷺ الصبح قريب من خيبر بغلس، ثم قال: «الله أكبر خربت خيبر، إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين».
فخرجوا يسعون بالسكك، فقتل النبي ﷺ المقاتلة، وسبى الذرية، وكان في السبي صفية، فصارت إلى دحية الكلبي، ثم صارت إلى النبي ﷺ، فجعل عتقها صداقها.
قال عبد العزيز بن صهيب لثابت: يا أبا محمد أأنت قلت لأنس ما أصدقها، فحرك ثابت رأسه تصديقا له.
تفرد به دون مسلم.
وقد أورد البخاري ومسلم النهي عن لحوم الحمر الأهلية من طرق تذكر في كتاب (الأحكام).
وقد قال الحافظ البيهقي: أنبأنا أبو طاهر الفقيه، أنبأنا حاجب بن أحمد الطوسي، حدثنا محمد بن حميد الأبيوردي، حدثنا محمد بن الفضل، عن مسلم الأعور الملائي، عن أنس بن مالك قال:
كان رسول الله ﷺ يعود المريض، ويتبع الجنائز، ويجيب دعوة الملوك، ويركب الحمار، وكان يوم بني قريظة والنضير على حمار، ويوم خيبر على حمار مخطوم برسن ليف، وتحته أكاف من ليف.
وقد روى هذا الحديث بتمامه الترمذي، عن علي بن حجر، عن علي بن مسهر، وابن ماجه، عن محمد بن الصباح، عن سفيان، وعن عمر بن رافع، عن جرير، كلهم عن مسلم وهو ابن كيسان الملائي الأعور الكوفي، عن أنس به.
وقال الترمذي: لا نعرفه إلا من حديثه، وهو يضعف.
قلت: والذي ثبت في الصحيح عند البخاري عن أنس أن رسول الله ﷺ أجرى في رفاق خيبر، حتى انحسر الإزار عن فخذه، فالظاهر أنه كان يومئذ على فرس لا على حمار.
ولعل هذا الحديث إن كان صحيحا محمول على أنه ركبه في بعض الأيام وهو محاصرها، والله أعلم.
وقال البخاري: حدثنا محمد بن سعيد الخزاعي، حدثنا زياد بن الربيع، عن أبي عمران الجوني قال: نظر أنس إلى الناس يوم الجمعة، فرأى طيالسة فقال كأنهم الساعة يهود خيبر.
وقال البخاري: حدثنا عبد الله بن مسلمة، حدثنا حاتم، عن يزيد بن أبي عبيد، عن سلمة بن الأكوع قال: كان علي بن أبي طالب تخلف عن رسول الله ﷺ في خيبر، وكان رمدا، فقال: أنا أتخلف عن النبي ﷺ؟ فلحق به.
فلما بتنا الليلة التي فتحت خيبر، قال: لأعطين الراية غدا، أو ليأخذن الراية غدا رجل يحبه الله ورسوله، يفتح عليه، فنحن نرجوها.
فقيل: هذا علي فأعطاه، ففتح عليه.
وروى البخاري أيضا، ومسلم، عن قتيبة، عن حاتم به.
ثم قال البخاري: حدثنا قتيبة، حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن، عن أبي حازم قال: أخبرني سهل بن سعد: أن رسول الله ﷺ قال يوم خيبر: «لأعطين هذه الراية غدا رجلا يفتح الله على يديه، يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله».
قال: فبات الناس يدوكون ليلتهم أيهم يعطاها، فلما أصبح الناس غدوا على النبي ﷺ كلهم يرجو أن يعطاها، فقال: «أين علي بن أبي طالب؟».
فقالوا: هو يا رسول الله، يشتكي عينيه.
قال: «فأرسل إليه» فأتى، فبصق رسول الله ﷺ في عينيه، ودعا له فبرأ، حتى كأن لم يكن به وجع، فأعطاه الراية.
فقال علي: يا رسول الله أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا؟
فقال ﷺ: «انفذ على رسلك، حتى تنزل بساحتهم، ثم ادعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله تعالى فيه، فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من أن يكون لك حمر النعم».
وقد رواه مسلم، والنسائي جميعا، عن قتيبة به.
وفي صحيح مسلم، والبيهقي من حديث سهيل ابن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: «لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، يفتح الله عليه».
قال عمر: فما أحببت الإمارة إلا يومئذ، فدعا عليا، فبعثه، ثم قال: «اذهب فقاتل حتى يفتح الله عليك، ولا تلتفت».
قال علي: على ما أقاتل الناس؟
قال: «قاتلهم حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله، فإذا فعلوا ذلك فقد منعوا منا دماءهم وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم على الله» لفظ البخاري.
وقال الإمام أحمد: حدثنا مصعب بن المقدام، وجحش بن المثنى، قالا: حدثنا إسرائيل، حدثنا عبد الله بن عصمة العجلي، سمعت أبا سعيد الخدري رضي الله عنه يقول: إن رسول الله ﷺ أخذ الراية فهزها، ثم قال: «من يأخذها بحقها؟»
فجاء فلان فقال: أنا، قال: «امض».
ثم جاء رجل آخر فقال: «امض».
ثم قال النبي ﷺ: «والذي كرم وجه محمد لأعطينها رجلا لا يفر».
فقال: «هاك يا علي» فانطلق حتى فتح الله عليه خيبر، وفدك، وجاء بعجوتها وقديدها.
تفرد به أحمد، وإسناده لا بأس به، وفيه غرابة، وعبد الله بن عصمة، ويقال ابن أعصم، وهكذا يكنى بأبي علوان العجلي، وأصله من اليمامة سكن الكوفة، وقد وثقه ابن معين.
وقال أبو زرعة: لا بأس به.
وقال أبو حاتم: شيخ.
وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: يخطئ كثيرا، وذكره في الضعفاء، وقال: يحدث عن الإثبات مما لا يشبه حديث الثقات، حتى يسبق إلى القلب أنها موهومة أو موضوعة.
وقال يونس بن بكير: عن محمد بن إسحاق، حدثني بريدة بن سفيان بن فروة الأسلمي، عن أبيه، عن سلمة بن عمرو بن الأكوع رضي الله عنه قال: بعث النبي ﷺ أبا بكر رضي الله عنه إلى بعض حصون خيبر فقاتل، ثم رجع ولم يكن فتح، وقد جهد.
ثم بعث عمر رضي الله عنه فقاتل، ثم رجع ولم يكن فتح، فقال رسول الله ﷺ: «لأعطين الراية غدا رجلا يحبه الله ورسوله، ويحب الله ورسوله، يفتح الله على يديه، وليس بفرَّار».
قال سلمة: فدعا رسول الله ﷺ علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وهو يومئذ أرمد، فتفل في عينيه، ثم قال: «خذ الراية وامض بها حتى يفتح الله عليك».
فخرج بها، والله يصول، يهرول هرولة، وأنا لخلفه نتبع أثره حتى ركز رايته في رضم من حجارة تحت الحصن، فاطلع يهودي من رأس الحصن، فقال: من أنت؟
قال: أنا علي بن أبي طالب.
فقال اليهودي: غلبتم، وما أُنزل على موسى، فما رجع حتى فتح الله على يديه.
وقال البيهقي: أنبأنا الحاكم، أنبأنا الأصم، أنبأنا العطاردي، عن يونس بن بكير، عن الحسين بن واقد، عن عبد الله بن بريدة، أخبرني أبي قال: لما كان يوم خيبر أخذ اللواء أبو بكر، فرجع ولم يفتح له، و لما كان الغد أخذه عمر فرجع و لم يفتح له، وقتل محمود بن مسلمة، ورجع الناس.
فقال رسول الله ﷺ: «لأدفعن لوائي غدا إلى رجل يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، لن يرجع حتى يفتح الله له» فبتنا طيبة نفوسنا أن الفتح غدا، فصلى رسول الله ﷺ صلاة الغداة.
ثم دعا باللواء وقام قائما، فما منا من رجل له منزلة من رسول الله ﷺ إلا وهو يرجو أن يكون ذلك الرجل، حتى تطاولت أنا لها، ورفعت رأسي لمنزلة كانت لي منه.
فدعا علي بن أبي طالب وهو يشتكي عينيه، قال: فمسحها، ثم دفع إليه اللواء، ففتح له، فسمعت عبد الله بن بريدة يقول: حدثني أبي أنه كان صاحب مرحب.
قال يونس: قال ابن إسحاق: كان أول حصون خيبر فتحا حصن ناعم، وعنده قتل محمود بن مسلمة ألقيت عليه رحى منه فقتلته.
ثم روى البيهقي عن يونس بن بكير، عن المسيببن مسلمة الأزدي، حدثنا عبد الله بن بريدة، عن أبيه قال: كان رسول الله ﷺ ربما أخذته الشقيقة، فلبث اليوم واليومين لا يخرج، فلما نزل خيبر أخذته الشقيقة، فلم يخرج إلى الناس، وإن أبا بكر أخذ راية رسول الله ﷺ، ثم نهض فقاتل قتالا شديدا، ثم رجع.
فأخذها عمر فقاتل قتالا شديدا هو أشد من القتال الأول.
ثم رجع فأخبر بذلك رسول الله ﷺ، فقال: «لأعطينها غدا رجلا يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، يأخذها عنوة» وليس ثم علي.
فتطاولت لها قريش، ورجا كل رجل منهم أن يكون صاحب ذلك، فأصبح.
وجاء علي بن أبي طالب على بعير له، حتى أناخ قريبا وهو أرمد، قد عصب عينه بشقة برد قطري، فقال رسول الله ﷺ: «ما لك؟»
قال: رمدت بعدك.
قال: «ادن مني» فتفل في عينه، فما وجعها حتى مضى لسبيله.
ثم أعطاه الراية فنهض بها وعليه جبة أرجوان حمراء، قد أخرج خملها فأتى مدينة خيبر، وخرج مرحب صاحب الحصن وعليه مغفر يماني، وحجر قد ثقبه مثل البيضة على رأسه، وهو يرتجز ويقول:
قد علمت خيبر أني مرحب * شاكٍ سلاحي بطلٌ مجرب
إذا الليوثُ أقبلت تلهب * وأحجمت عن صولة المغلب
فقال علي رضي الله عنه:
أنا الذي سمتني أمي حيدره * كليثِ غاباتٍ شديد القسوره
أكيلكم بالصاع كيل السندره
قال: فاختلفا ضربتين، فبدره علي بضربه فقدَّ الحجر والمغفر ورأسه، ووقع في الأضراس، وأخذ المدينة.
وقد روى الحافظ البزار: عن عباد بن يعقوب، عن عبد الله بن بكر، عن حكيم بن جبير، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قصة بعث أبي بكر، ثم عمر يوم خيبر، ثم بعث علي، فكان الفتح على يديه، وفي سياقه غرابة ونكارة، وفي إسناده من هو متهم بالتشيع، والله أعلم.
وقد روى مسلم، والبيهقي، واللفظ له من طريق عكرمة بن عمار، عن إياس بن سلمة بن الأكوع، عن أبيه، فذكر حديثا طويلا وذكر فيه رجوعهم من غزوة بني فزارة قال: فلم نمكث إلا ثلاثا حتى خرجنا إلى خيبر.
قال: وخرج عامر فجعل يقول:
والله لولا أنت ما اهتدينا * ولا تصدقنا ولا صلينا
ونحن من فضلك ما استغنينا * فأنزلن سكينة علينا
وثبت الأقدام إن لاقينا
قال: فقال رسول الله ﷺ: «من هذا القائل؟».
فقالوا: عامر، فقال: «غفر لك ربك».
قال: وما خصَّ رسول الله ﷺ قط أحدا به إلا استشهد.
فقال عمر وهو على جمل: لولا متعتنا بعامر.
قال: فقدمنا خيبر فخرج مرحب وهو يخطر بسيفه، ويقول:
قد علمت خيبر أني مرحب * شاكي السلاح بطل مجرب
إذا الحروب أقبلت تلهب
قال: فبرز له عامر رضي الله عنه وهو يقول:
قد علمت خيبر أني عامر * شاكي السلاح بطل مغامر
قال: فاختلفا ضربتين فوقع سيف مرحب في ترس عامر فذهب يسعل له، فرجع على نفسه، فقطع أكحله فكانت فيها نفسه.
قال سلمة: فخرجت فإذا نفر من أصحاب رسول الله ﷺ يقولون: بطل عمل عامر قتل نفسه.
قال: فأتيت رسول الله ﷺ وأنا أبكي، فقال: «ما لك؟».
فقلت: قالوا إن عامرا بطل عمله.
فقال: «من قال ذلك؟».
فقلت: نفر من أصحابك، فقال: «كذب أولئك بل له الأجر مرتين».
قال: وأرسل رسول الله ﷺ إلى علي رضي الله عنه يدعوه وهو أرمد، وقال: «لأعطين الراية اليوم رجلا يحب الله ورسوله» قال فجئت به أقوده، قال: فبصق رسول الله ﷺ في عينه فبرأ، فأعطاه الراية فبرز مرحب وهو يقول:
قد علمت خيبر أني مرحب * شاكي السلاح بطل مجرب
إذا الحروب أقبلت تلهب
قال: فبرز له علي وهو يقول:
أنا الذي سمتني أمي حيدره * كليث غاباتٍ كريه المنظره
أوفيهم بالصاع كيل السندره
قال: فضرب مرحبا ففلق رأسه فقتله. وكان الفتح.
هكذا وقع في هذا السياق أن عليا هو الذي قتل مرحبا اليهودي، لعنه الله.
وقال أحمد: حدثنا حسين بن حسن الأشقر، حدثني قابوس بن أبي ظبيان، عن أبيه، عن جده، عن علي قال: لما قتلت مرحبا، جئت برأسه إلى رسول الله ﷺ.
وقد روى موسى عن عقبة، عن الزهري أن الذي قتل مرحبا هو محمد بن مسلمة.
وكذلك قال محمد بن إسحاق: حدثني عبد الله بن سهل أحد بني حارثة، عن جابر بن عبد الله قال: خرج مرحب اليهودي من حصن خيبر، وهو يرتجز ويقول:
قد علمت خيبر أني مرحب * شاكي السلاح بطل مجرب
أطعن أحيانا وحينا أضرب * إذا الليوث أقبلت تلهب
إن حماي للحمى لا يقرب
قال: فأجابه كعب بن مالك:
قد علمت خيبر أني كعب * مفرج الغماء جريء صلب
إذ شبت الحرب وثار الحرب * معي حسام كالعقيق عضب
يطأكمو حتى يذل الصعب * بكف ماضٍ ليس فيه عيب
قال: وجعل مرحب يرتجز ويقول: هل من مبارز؟
فقال رسول الله ﷺ: «من لهذا؟».
فقال محمد بن مسلمة: أنا له يا رسول الله، أنا والله الموتور والثائر، قتلوا أخي بالأمس.
فقال: «قم إليه، اللهم أعنه عليه».
قال: فلما دنا أحدهما من صاحبه، دخلت بينهما شجرة عمرية من الشجر العشر المسد، فجعل كل واحد منهما يلوذ من صاحبه بها، كلما لاذ بها أحدهما اقتطع بسيفه ما دونه، حتى برز كل واحد منهما لصاحبه، وصارت بينهما كالرجل القائم ما فيها فنن.
ثم حمل على محمد بن مسلمة فضربه فأتقاه بالدرقة فوقع سيفه فيها، فعضت فاستله، وضربه محمد بن مسلمة حتى قتله.
وقد رواه الإمام أحمد عن يعقوب بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن إسحاق بنحوه.
قال ابن إسحاق: وزعم بعض الناس أن محمدا ارتجز حين ضربه وقال:
قد علمت خيبر أني ماض * حلو إذا شئت وسمُّ قاض
وهكذا رواه الواقدي: عن جابر وغيره من السلف: أن محمد بن مسلمة هو الذي قتل مرحبا.
ثم ذكر الواقدي أن محمدا قطع رجلي مرحب، فقال له: أجهز علي.
فقال: لا ذق الموت كما ذاقه محمود بن مسلمة، فمر به علي وقطع رأسه، فاختصما في سلبه إلى رسول الله ﷺ، فأعطى رسول الله ﷺ محمد بن مسلمة سيفه، ورمحه، ومغفره، وبيضته.
قال: وكان مكتوبا على سيفه:
هذا سيف مرحب * من يذقه يعطب
ثم ذكر ابن إسحاق أن أخا مرحب وهو ياسر، خرج بعده وهو يقول: هل من مبارز؟
فزعم هشام ابن عروة أن الزبير خرج له، فقالت أمه صفية بنت عبد المطلب: يقتل ابني يا رسول الله!
فقال: «بل ابنك يقتله إن شاء الله».
فالتقيا فقتله الزبير.
قال: فكان الزبير إذا قيل له: والله إن كان سيفك يومئذ صارما.
يقول: والله ما كان بصارم، ولكني أكرهته.
وقال يونس عن ابن إسحاق حدثني عبد الله بن الحسن عن بعض أهله، عن أبي رافع مولى رسول الله ﷺ، قال: خرجنا مع علي إلى خيبر، بعثه رسول الله ﷺ برايته.
فلما دنا من الحصن خرج إليه أهله فقاتلهم، فضربه رجل منهم من يهود، فطرح ترسه من يده، فتناول علي باب الحصن فترس به عن نفسه فلم يزل في يده وهو يقاتل حتى فتح الله عليه، ثم ألقاه من يده، فلقد رأيتني في نفر معي سبعة أنا ثامنهم، نجهد على أن نقلب ذلك الباب فما استطعنا أن نقلبه.
وفي هذا الخبر جهالة وانقطاع ظاهر.
ولكن روى الحافظ البيهقي، والحاكم، من طريق مطلب بن زياد، عن ليث بن أبي سليم، عن أبي جعفر الباقر، عن جابر: أن عليا حمل الباب يوم خيبر حتى صعد المسلمون عليه فافتتحوها وأنه جرب بعد ذلك فلم يحمله أربعون رجلا.
وفيه ضعف أيضا.
وفي رواية ضعيفة عن جابر: ثم اجتمع عليه سبعون رجلا، وكان جهدهم أن أعادوا الباب.
وقال البخاري: حدثنا مكي بن إبراهيم، حدثنا يزيد بن أبي عبيد، قال: رأيت أثر ضربة في ساق سلمة، فقلت: يا أبا مسلم ما هذه الضربة؟
قال: هذه ضربة أصابتني يوم خيبر، فقال الناس: أصيب سلمة، فأتيت النبي ﷺ فنفث فيه ثلاث نفثات فما اشتكيتها حتى الساعة.
ثم قال البخاري: حدثنا عبد الله بن مسلمة، حدثنا ابن أبي حازم، عن أبيه، عن سهل قال: التقى النبي ﷺ والمشركون في بعض مغازيه فاقتتلوا، فمال كل قوم إلى عسكرهم، وفي المسلمين رجل لا يدع من المشركين شاذة ولا فاذة إلا اتبعها فضربها بسيفه، فقيل: يا رسول الله ما أجزأ منا أحد، ما أجزأ فلان.
قال: إنه من أهل النار.
فقالوا: أينا من أهل الجنة إن كان هذا من أهل النار؟
فقال رجل من القوم: لأتبعنه فإذا أسرع وأبطأ كنت معه، حتى جرح فاستعجل الموت فوضع نصاب سيفه بالأرض وذبابه بين ثدييه، ثم تحامل عليه فقتل نفسه.
فجاء الرجل إلى النبي ﷺ فقال: أشهد أنك رسول الله.
وقال: «وما ذاك؟».
فأخبره فقال: «إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس وإنه من أهل النار، ويعمل بعمل أهل النار فيما يبدو للناس وأنه من أهل الجنة».
رواه أيضا عن قتيبة، عن يعقوب عن أبي حازم، عن سهل، فذكره مثله أو نحوه.
ثم قال البخاري: حدثنا أبو اليمان، حدثنا شعيب، عن الزهري،: أخبرني سعيد بن المسيب أن أبا هريرة قال: شهدنا خيبر فقال رسول الله ﷺ لرجل ممن معه يدعي الإسلام: «هذا من أهل النار».
فلما حضر القتال قاتل الرجل أشد القتال حتى كثرت به الجراحة حتى كاد بعض الناس يرتاب.
فوجد الرجل ألم جراحه فأهوى بيده إلى كنانته فاستخرج منها أسهما فنحر بها نفسه فاشتد رجال من المسلمين، فقالوا: يا رسول الله صدَّق الله حديثك، انتحر فلان فقتل نفسه. فقال: «قم يا فلان فأذن أنه لا يدخل الجنة إلا مؤمن، وأن الله يؤيد الدين بالرجل الفاجر».
وقد روى موسى بن عقبة، عن الزهري قصة العبد الأسود الذي رزقه الله الإيمان والشهادة في ساعة واحدة.
وكذلك رواها ابن لهيعة عن أبي الأسود، عن عروة قالا: وجاء عبد حبشي أسود من أهل خيبر، كان في غنم لسيده فلما رأى أهل خيبر قد أخذوا السلاح سألهم، قال: ما تريدون؟
قالوا: نقاتل هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي.
فوقع في نفسه ذكر النبي، فأقبل بغنمه حتى عمد لرسول الله ﷺ فقال: إلى ما تدعو؟
قال: «أدعوك إلى الإسلام إلى أن تشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ﷺ وأن لا تعبدوا إلا الله»
قال: فقال العبد: فماذا يكون لي إن شهدت بذلك وآمنت بالله؟
قال رسول الله ﷺ: «الجنة إن مت على ذلك».
فأسلم العبد، فقال: يا نبي الله إن هذه الغنم عندي أمانة.
فقال رسول الله ﷺ: «أخرجها من عسكرنا وارمها بالحصا فإن الله سيؤدي عنك أمانتك». ففعل فرجعت الغنم إلى سيدها، فعرف اليهودي أن غلامه قد أسلم.
فقام رسول الله ﷺ فوعظ الناس فذكر الحديث في إعطائه الراية عليا، ودنوه من حصن اليهود، وقتله مرحبا، وقتل مع علي ذلك العبد الأسود، فاحتمله المسلمون إلى عسكرهم، فأدخل في الفسطاط، فزعموا أن رسول الله ﷺ اطلع في الفسطاط، ثم اطلع على أصحابه، فقال: «لقد أكرم الله هذا العبد وساقه إلى خير، قد كان الإسلام في قلبه حقا، وقد رأيت عند رأسه اثنتين من الحور العين».
وقد روى الحافظ البيهقي: من طريق ابن وهب، عن حيوة بن شريح، عن ابن الهاد، عن شرحبيل بن سعد، عن جابر بن عبد الله قال: كنا مع رسول الله ﷺ في غزوة خيبر، فخرجت سرية فأخذوا إنسانا معه غنم يرعاها، فذكر نحو قصة هذا العبد الأسود، وقال فيه: قتل شهيدا وما سجد لله سجدة.
ثم قال البيهقي: حدثنا محمد بن محمد بن محمد الفقيه، حدثنا أبو بكر القطان، حدثنا أبو الأزهر، حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا حماد، حدثنا ثابت، عن أنس: أن رجلا أتى رسول الله ﷺ فقال: يا رسول الله إني رجل أسود اللون، قبيح الوجه، لا مال لي، فإن قاتلت هؤلاء حتى أقتل أدخل الجنة؟
قال: «نعم».
فتقدم فقاتل حتى قتل، فأتى عليه رسول الله ﷺ وهو مقتول، فقال: «لقد حسن الله وجهك وطيب روحك، وكثر مالك».
وقال: «لقد رأيت زوجتيه من الحور العين يتنازعان جبته عليه، يدخلان فيما بين جلده وجبته».
ثم روى البيهقي من طريق ابن جريج: أخبرني عكرمة بن خالد عن ابن أبي عمار، عن شداد بن الهاد: أن رجلا من الأعراب جاء رسول الله ﷺ فآمن به واتبعه، فقال: أُهاجر معك، فأوصى به النبي ﷺ بعض أصحابه، فلما كانت غزوة خيبر غنم رسول الله ﷺ فقسمه، وقسم له فأعطى أصحابه ما قسم له، وكان يرعى ظهرهم، فلما جاء دفعوه إليه؛ فقال: ما هذا؟
قالوا: قسم قسمه لك رسول الله ﷺ.
فأخذه فجاء به النبي ﷺ، فقال: ما هذا يا محمد؟
قال: «قسم قسمته لك».
فقال: ما على هذا اتبعتك، ولكني اتبعتك على أن أرمي ها هنا وأشار إلى حلقه بسهم فأموت فأدخل الجنة.
فقال: «إن تصدق الله يصدقك».
ثم نهضوا إلى قتال العدو، فأتى به رسول الله ﷺ يحمل وقد أصابه سهم حيث أشار، فقال النبي ﷺ: «هو هو؟».
قالوا: نعم.
قال: «صدق الله فصدقه».
وكفنه النبي ﷺ في جبة النبي ﷺ، ثم قدمه فصلى عليه، وكان مما ظهر من صلاته: «اللهم هذا عبدك خرج مهاجرا في سبيلك، قتل شهيدا وأنا عليه شهيد».
وقد رواه النسائي عن سويد بن نصر، عن عبد الله بن المبارك، عن ابن جريج به نحوه.