البداية والنهاية/الجزء الرابع/سنة خمس من الهجرة النبوية غزوة دومة الجندل
قال ابن إسحاق: ثم غزا رسول الله ﷺ دومة الجندل.
قال ابن هشام: في ربيع الأول يعني من سنة خمس، واستعمل على المدينة سباع بن عرفطة الغفاري.
قال ابن إسحاق: ثم رجع إلى المدينة قبل أن يصل إليها، ولم يلق كيدا فأقام بالمدينة بقية سنته. هكذا قال ابن إسحاق.
وقد قال محمد بن عمر الواقدي بإسناده عن شيوخه، عن جماعة من السلف قالوا: أراد رسول الله ﷺ أن يدنو إلى أداني الشام، وقيل له: إن ذلك مما يفزع قيصر، وذكر له أن بدومة الجندل جمعا كبيرا، وأنهم يظلمون من مر بهم، وكان لها سوق عظيم، وهم يريدون أن يدنو من المدينة.
فندب رسول الله ﷺ الناس فخرج في ألف من المسلمين، فكان يسير الليل ويكمن النهار، ومعه دليل له من بني عذرة يقال له: مذكور، هاد خريت.
فلما دنا من دومة الجندل أخبره دليله بسوائم بني تميم، فسار حتى هجم على ماشيتهم ورعائهم، فأصاب من أصاب وهرب من هرب في كل وجه، وجاء الخبر أهل دومة الجندل فتفرقوا، فنزل رسول الله ﷺ بساحتهم، فلم يجد فيها أحد، فأقام بها أياما وبث السرايا.
ثم رجعوا وأخذ محمد بن سلمة رجلا منهم، فأتي به رسول الله ﷺ فسأله عن أصحابه فقال: هربوا أمس، فعرض عليه رسول الله ﷺ الإسلام فأسلم، ورجع رسول الله ﷺ إلى المدينة.
قال الواقدي: وكان خروجه عليه السلام إلى دومة الجندل في ربيع الآخر سنة خمس.
قال: وفيه توفيت أم سعد بن عبادة وابنها مع رسول الله ﷺ في هذه الغزوة.
وقد قال أبو عيسى الترمذي في (جامعه): حدثنا محمد بن بشار، حدثنا يحيى بن سعيد، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب: أن أم سعد ماتت والنبي ﷺ غائب، فلما قدم صلى عليها، وقد مضى لذلك شهر، وهذا مرسل جيد، وهو يقتضي أنه عليه السلام غاب في هذه الغزوة شهرا فما فوقه، على ما ذكره الواقدي رحمه الله.