شرح العقيدة الطحاوية/قوله: (ومن وصف الله بمعنى من معاني البشر، فقد كفر)
ومن وصف الله بمعنى من معاني البشر، فقد كفر، من أبصر هذا اعتبر. وعن مثل قول الكفار انزجر. علم أنه بصفاته ليس كالبشر
شرح: لما ذكر فيما تقدم أن القرآن كلام الله حقيقة، منه بدا، نبه بعد ذلك على أنه تعالى بصفاته ليس كالبشر، نفياً للتشبيه عقيب الإثبات، يعني أن الله تعالى وإن وصف بأنه متكلم، لكن لا يوصف بمعنى من معاني البشر التي يكون الإنسان بها متكلماً، فإن الله ليس كمثله شيء وهو السميع البصير.
وما أحسن المثل المضروب للمثبت للصفات من غير تشبيه ولا تعطيل -: باللبن الخالص السائغ للشاربين، يخرج من بين فرث التعطيل ودم التشبيه. والمعطل يعبد عدماً، والمشبه يعبد صنماً. وسيأتي في كلام الشيخ: ومن لم يتوق النفي والتشبيه، زل ولم يصب التنزيه. وكذا قوله: وهو بين التشبيه والتعطيل. أي دين الاسلام، ولا شك أن التعطيل شر من التشبيه، بما سأذكره إن شاء الله تعالى. وليس ما وصف الله به نفسه ولا ما وصفه به رسوله تشبيهاً، بل صفات الخالق كما يليق به، وصفات المخلوق كما يليق به.
وقوله: فمن أبصر هذا اعتبر. أي من نظر بعين بصيرته فيما قاله من إثبات الوصف ونفي التشبيه ووعيد المشبه اعتبر وانزجر عن مثل قول الكفار.