شرح العقيدة الطحاوية/قوله: (ومن لم يتوق النفي والتشبيه، زل ولم يصب التنزيه)
شرح: النفي والتشبيه مرضان من أمراض القلوب، فإن أمراض القلوب نوعان: مرض شبهة، ومرض شهوة، وكلاهما مذكور في القرآن، قال الله تعالى: { فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ } 1، فهذا مرض الشهوة، وقال تعالى: { فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً } 2 وقال تعالى: { وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ } 3. فهذا مرض الشبهة، وهو أردأ من مرض الشهوة، إذ مرض الشهوة يرجى له الشفاء بقضاء الشهوة، ومرض الشبهة لا شفاء له إن لم يتداركه الله برحمته.
والشبهة التي في مسألة الصفات نفيها وتشبيهها، وشبه النفي أردأ من شبه التشبيه، فإن شبه النفي رد وتكذيب لما جاء به الرسول ﷺ، وشبه التشبيه غلو مجاوزة للحد فيما جاء به الرسول ﷺ. وتشبيه الله بخلقه كفر فإن الله تعالى يقول: { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ } 4، ونفي الصفات كفر، فان الله تعالى يقول: وهو السميع البصير. وهذا أصل نوعي التشبيه، فإن التشبيه نوعان: تشبيه الخالق بالمخلوق، وهذا الذي يتعب أهل الكلام في رده وإبطاله، وأهله في الناس أقل من النوع الثاني، الذين هم أهل تشبيه المخلوق بالخالق، كعباد المشايخ، وعزير، والشمس والقمر، والأصنام، والملائكة، والنار، والماء، والعجل، والقبور، والجن، وغير ذلك. وهؤلاء هم الذين أرسلت لهم الرسل يدعونهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له.
هامش