انتقل إلى المحتوى

إعراب القرآن للسيوطي/الستون

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة


المتم الستين باب ما جاء في التنزيل من واو الحال تدخل على الجملة من الفعل والفاعل

والمعروف منها دخولها على المبتدأ والخبر كقوله: " وطائفة قد أهمتهم أنفسهم ".

وقد دخل على الفعل والفاعل في مواضع فمن ذلك قوله: " لا ذلولٌ تثير الأرض ولا تسقي الحرث " كان سهل يقف على ذلول ويبتدى بقوله: " تثير الأرض " فيكون الواو في " ولا تسقى الحرث " للحال دون العطف لأن النفي لا يعطف ومن ذلك قوله: " إنا أرسلناك بالحق بشيراً ونذيراً " " ولا تسأل عن أصحاب الجحيم " أي: غير مسئول فهو في موضع الحال وحمله مرةً أخرى على الإثبات.

ومن ذلك قوله تعالى: " قد أجيبت دعوتكما فاستقيما ولا تتبعان " فيمن خفف النون.

قال: وإن شئت كان على لفظ الخبر والمعنى: معنى الأمر كقوله: " يتربصن بأنفسهن " " لا تضار والدةٌ بولدها " أي: لا ينبغي ذلك.

وإن شئت جعلته حالا من استقيما وتقديره: استقيما غير متبعين.

وأنشد فيه أبياتاً تركتها مع أبيات أخرى.

فأما قوله: " وإذ قالت طائفةٌ منهم يا أهل يثرب لا مقام لكم فارجعوا ويستأذن فريقٌ منهم النبي " فإنهما كانا طائفتين: طائفة قالت: يا أهل يثرب لا مقام لكم وطائفة تستأذن النبي.

فالواو للاستئناف عطف على " وإذ قالت ".

ويجوز أن يكون للحال من الطائفة أي: وإذ قالت طائفة منهم كيت وكيت مستأذنا فريق منهم النبي.

وجاز لربط الضمير الجملة بالطائفة أي: قالت كذا وحال طائفة كذا.

ومن ذلك قوله تعالى: " الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجاً ".

يجوز أن يكون حالاً من الباغين أي: يصدون باغين ويجوز أن يكون حالا من السبيل.

ويجوز الاستئناف لقوله في الآية الآخرى: " وتصدون عن سبيل الله من آمن به وتبغونها عوجاً ".

وحكم تعديته أعني " تبغون إلى أحد المفعولين أن يكون بحرف الجر نحو: بغيت لك خيرا ثم يحذف الجار.

ومن ذلك قوله تعالى: " واتخذتموه وراءكم ظهرياً ".

الواو في " اتخذتموه " واو الحال أي: أرهطي أعز عليكم من الله وأنتم بصفة كذا فهو داخل في حيز الاستفهام.

ومن ذلك قوله تعالى: " إذ أقسموا ليصرمنها مصبحين ولا يستثنون " قيل: لم يقولوا: إن شاء الله.

وقيل: لم يستثنوا حق المساكين.

فعلى الثاني: الواو للحال أي: أقسموا غير مستثنين وعلى الأول: الواو للعطف أي: أقسموا وما استثنوا فهو حكاية الحال من باب: " وكلبهم باسطٌ ".

وإن شئت من باب: " كفروا ويصدون " نظير قوله: " إنا نحن نزلنا الذكر " وقوله: " على خوف من فرعون " وقوله: " رب ارجعون ".

وأما قوله: " يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ".

قال الجرجاني: كما لا يجوز أن يكون " لا نكذب " معطوفاً على " نرد " لأنه يدخل بذلك الحتم ويجرى مجرى أن يقال: يا ليتنا لا نكذب كذلك لا يجوز أن تكون الواو للحال لأنه يوجب مثل ذلك من دخوله في التمني من حيث كانت الواو إذا كانت للحال ربطت الجملة بما قبلها.

فإذا قلت: ليتك تأتيني وأنت راكب كنت تمنيت كونه راكبا كما تمنيت الإتيان.

فإن قلت ما تقول في مثل قول المتنبي: فليتك ترعاني وحيران معرضٌ لا يتصور أن يكون دنوه من حيران متمنًّى فإن ذلك لا يكون لأن المعنى في مثل هذا شبيه التوقيف نحو: ليتك ترعاني حين أعرض حيران وحين انتهيت إلى حيران ولا يكون ذلك إلا في الماضي الذي قد كان ووجد وكلامنا في المستقبل فهذه زيادة في آخر الكتاب تجئ على قول الفراء دون سيبويه وأصحابه من عطف الظاهر المجرور على المضمر المجرور يذهب إليه في عدة آي: منها قوله: " وصدٌّ عن سبيل الله وكفرٌ به والمسجد الحرام " يحمل جر " المسجد " على الهاء.

ومنها قوله: " واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام " فيمن قرأها بالجر.

ومنها قوله: " قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم " ومنها قوله: " لا أملك إلا نفسي وأخي " يحمل " أخي " على الياء في " نفسي ".

ومنها قوله: " وجعلنا لكم فيها معايش ومن لستم له برازقين " يحمل " من " على الكاف والميم.

ونحن ذكرنا الأجوبة في هذا الكتاب وأبطلنا مقالته أن سيبويه لا يجيز: بزيد و ك حتى تقول: وبك فأخذ هذا من ذاك ولأن حرف الجر لا ينفصل عن المجرور والتأكيد في هذا مخالف للعطف لأنه يجيز: مررت بك نفسك لأنه يجوز: مررت بنفسك ولا يجوز: مررت بك أنت وزيد حتى تقول: وبزيد فالتأكيد ب أنت: يخالف التأكيد بالنفس وللفراء أبياتٌ كلها محمولة على الضرورة.

قالوا: والتوكيد بالمضمر المجرور لا يحسن عطف الظاهر عليه كما حسن في المرفوع لأن المرفوع بالفعل قد يكون غير متصل بالفعل الرافع له الظاهر فيه وإنما استحسن التوكيد لأن التوكيد خارج عن الفعل فنصبوه بمنزلة الفاعل الذي ليس متصلا فيعطف عليه كما يعطف على ما ليس بمتصل من الفاعل والمجرور لا يكون إلا متصلا بالجار فلا يخرجه التوكيد إلى شبه ما ليس بمتصل.

إعراب القرآن للسيوطي
1 ما ورد في التنزيل من إضمار الجمل | 2 ما جاء من حذف المضاف في التنزيل | 3 ما جاء في التنزيل معطوفاً بالواو والفاء | 4 فمن ذلك قوله تعالى: {اهدنا الصراط المستقيم} | 5 وفي بعض ذلك اختلاف | 6 ما جاء في التنزيل من الأسماء التي سميت بها الأفعال | 7 ما جاء في التنزيل من أسماء الفاعلين مضافة إلى ما بعدها بمعنى الحال أو الاستقبال | 8 ما جاء في التنزيل من إجراء غير في الظاهر على المعرفة | 9 ما جاء في التنزيل من كاف الخطاب المتصلة ولا موضع لها من الإعراب | 10 ما جاء في التنزيل من المبتدأ ويكون الاسم على إضمار المبتدأ وقد أخبر عنه بخبرين | 11 ما جاء في التنزيل من الاشمام والروم | 12 ما جاء في التنزيل ويكون الجار والمجرور في موضع الحال محتملاً ضميراً من صاحب الحال | 13 ما جاء في التنزيل دالاً على جواز تقدم خبر المبتدأ | 14 ما جاء في التنزيل وقد حُذف الموصوف وأقيمت صفته مقامه | 15 ما جاء في التنزيل من حذف الجار والمجرور | 16 وحذف الهمزة في الكلام حسن جائز إذا كان هناك ما يدل عليه | 17 ما جاء في التنزيل من اجتماع الهمزتين | 18 ما جاء في التنزيل من لفظ مَنْ ومَا والَّذي وكُلُّ وأحَدٍ وغير ذلك | 19 ما جاء في التنزيل من ازدواج الكلام والمطابقة والمشاكلة وغير ذلك | 20 ما جاء في التنزيل من حذف المفعول والمفعولين وتقديم المفعول الثاني على المفعول الأول وأحوال الأفعال المتعدية إلى مفعوليها و غير ذلك مما يتعلق به | 21 ما جاء في التنزيل من الظروف التي يرتفع ما بعدهن بهن على الخلاف وما يرتفع ما بعدهن بهن على الاتفاق | 22 ما جاء في التنزيل من هو وأنت فصلاً | 23 ما جاء في التنزيل من المضمرين إلى أي شيء يعود مما قبلهم | 24 ما جاء في التنزيل وقد أبدل الاسم من المضمر الذي قبله والمظهر على سبيل إعادة العامل أو تبدل إن وأن مما قبله | 25 ما جاء في التنزيل من همزة ساكنة يترك همزها أبو عمرو وما لا يترك همزها | 26 ما جاء في التنزيل من العطف على الضمير المرفوع | 27 ما جاء في التنزيل لحقت إن التي للشرط ما ولحقت النون فعل الشرط | 28 ما جاء في التنزيل عقيب اسمين كني عن أحدهما اكتفاء بذكره عن صاحبه | 29 ما جاء في التنزيل صار الفصل فيه عوضاً عن نقصان لحق الكلمة | 30 ما جاء في التنزيل وقد حمل فيه اللفظ على المعنى وحكم عليه بما يحكم على معناه لا على اللفظ | 31 ما جاء في التنزيل من حذف أن وحذف المصادر والفصل بين الصلة والموصول | 32 ما جاء في التنزيل من حذف حرف النداء والمنادى | 33 ما جاء في التنزيل قد حذف منه المضاف إليه | 34 ما جاء في التنزيل من حروف الشرط دخلت عليه اللام الموطئة للقسم | 35 ما جاء في التنزيل من التجريد | 36 ما جاء في التنزيل من الحروف الزائدة في تقدير وهي غير زائدة في تقدير آخر | 37 ما جاء في التنزيل من التقديم والتأخير وغير ذلك | 38 ما جاء في التنزيل من اسم الفاعل | 39 ما جاء في التنزيل نصباً على المدح ورفعاً عليه | 40 المحذوف خبره | 41 ما جاء في التنزيل من إن المكسورة المخففة من إن | 42 ما جاء في التنزيل من المفرد ويراد به الجمع | 43 ما جاء في التنزيل من المصادر المنصوبة بفعل مضمر دل عليه ما قبله | 44 ما جاء في التنزيل من دخول لام إن على اسمها وخبرها أو ما اتصل بخبرها وهي لام الابتداء دون القسم | 45 باب ما جاء في التنزيل وفيه خلاف بين سيبويه وأبي العباس وذلك في باب الشرط والجزاء | 46 باب ما جاء في التنزيل من إدخال همزة الاستفهام على الشرط والجزاء | 47 باب ما جاء في التنزيل من إضمار الحال والصفة جميعا | 48 باب ما جاء في التنزيل من الجمع يراد به التثنية | 49 باب ما جاء في التنزيل منصوبا على المضاف إليه | 50 | 51 باب ما جاء في التنزيل من المضاعف وقد أبدلت من لامه حرف لين | 52 باب ما جاء في التنزيل من حذف واو العطف | 53 باب ما جاء في التنزيل من الحروف التي أقيم بعضها مقام بعض | 54 باب ما جاء في التنزيل من اسم الفاعل المضاف إلى المكنى | 55 باب ما جاء في التنزيل في جواب الأمر | 56 باب ما جاء في التنزيل من المضاف الذي اكتسى | 57 من شيء محذوف | 58 باب ما جاء في التنزيل معطوفا وليس المعطوف مغايرا للمعطوف عليه وإنما هو هو أو بعضه | 59 باب ما جاء في التنزيل من التاء في أول المضارع فيمكن حمله على الخطاب أو على الغائبة | 60 باب ما جاء في التنزيل من واو الحال تدخل على الجملة من الفعل والفاعل | 61 باب ما جاء في التنزيل من حدف هو من الصلة | 62 باب ما جاء في التنزيل من إجراء غير اللازم مجرى اللازم وإجراء اللازم مجرى غير اللازم | 63 باب ما جاء في التنزيل من الحروف المحذوفة تشبيها بالحركات | 64 باب ما جاء في التنزيل أجرى فيه الوصل مجرى الوقف | 65 باب ما جاء في التنزيل من بناء النسب | 66 باب ما جاء في التنزيل أضمر فيه المصدر لدلالة الفعل عليه | 67 باب ما جاء في التنزيل ما يكون على وزن مفعل بفتح العين ويراد به المصدر ويوهمك أنه مكان | 68 باب ما جاء في التنزيل من حذف إحدى التاءين في أول المضارع | 69 باب ما جاء في التنزيل حمل فيه الاسم على الموضع دون اللفظ | 70 باب ما جاء في التنزيل حمل فيه ما بعد إلا على ما قبله | 71 باب ما جاء في التنزيل وقد حذف منه ياء النسب | 72 باب ما جاء في التنزيل وقد أبدل المستثنى من المستثنى منه | 73 باب ما جاء في التنزيل وأنت تظنه فعلت الضرب في معنى ضربته | 74 باب ما جاء في التنزيل مما يتخرج | 75 باب ما جاء في التنزيل من القلب والإبدال | 76 باب ما جاء في التنزيل من إذا الزمانية | 77 باب ما جاء في التنزيل من أحوال النون عند الحروف | 78 باب ما جاء في التنزيل وقد وصف المضاف بالمبهم | 79 باب ما جاء في التنزيل وذكر الفعل وكنى عن مصدره | 80 باب ما جاء في التنزيل عبر عن غير العقلاء بلفظ العقلاء | 81 باب ما جاء في التنزيل وظاهره يخالف ما في كتاب سيبويه وربما يشكل على البزل الحذاق فيغفلون عنه | 82 باب ما جاء في التنزيل من اختلافهم في لفظة ما من أي قسمة هي | 83 باب ما جاء في التنزيل من تفنن الخطاب والانتقال من الغيبة إلى الخطاب ومن الخطاب إلى الغيبة ومن الغيبة إلى المتكلم | 84 نوع آخر إضمار قبل الذكر | 85 باب ما جاء في التنزيل حمل فيه الفعل على موضع الفاء في جواب الشرط فجزم | 86 واستعمل ما هو فرع | 87 باب ما جاء في التنزيل من القراءة التي رواها سيبويه | 88 مسألة قوله تعالى: " وإن يأتوكم أسارى تفادوهم " | 89 باب ما جاء في التنزيل من ألفاظ استعملت استعمال القسم وأجيبت بجواب