إعراب القرآن للسيوطي/السادس والستون
السادس والستون باب ما جاء في التنزيل أضمر فيه المصدر لدلالة الفعل عليه
وذكر سيبويه من ذلك قولهم: من كذب كان شرا له أي: كان الكذب شرا له.
فمن ذلك قوله تعالى: " فما يزيدهم إلا طغياناً كبيرا ".
أي: فما يزيدهم التخويف.
ومنه: " وننزل من القرآن ما هو شفاءٌ ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا ".
أي: لا يزيد إنزال القرآن إلا خسارا.
ومنه: " يخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعاً ".
أي: يزيدهم البكاء والخرور على الأذقان.
وقد ذكرنا قديما في قوله: " واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرةٌ " أن الهاء كناية عن الاستعانة.
وفي قوله: " يذرؤكم فيه ".
أي: يذرؤكم في الذرء.
ومن ذلك قوله: " اعدلوا هو أقرب للتقوى ".
أي: العدل أقرب للتقوى.
ومن ذلك قوله تعالى: " ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله " يقرأ بالتاء والياء فمن قرأ بالتاء فتقديره: لا تحسبن بخل الذين يبخلون بما أتاهم الله من فضله فحذف البخل وأقام المضاف إليه مقامه وهو الذين كما قال: " واسأل القرية ".
ومعناه: أهل القرية.
ومن قرأ بالياء: ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله البخل خيرا لهم.
وهو في هذه القراءة استشهاد سيبويه.
وهو أجود القراءتين في تقدير النحو وذلك أن الذي يقرأ بالتاء يضمر البخل من قبل أن يجرى لفظه تدل عليه والذي يقرأ بالياء يضمر البخل بعد ذكر يبخلون كما قال: من كذب كان شرًّا له.