إعراب القرآن للسيوطي/التاسع
التاسع ما جاء في التنزيل من كاف الخطاب المتصلة ولا موضع لها من الإعراب
فمن ذلك الكاف المتصلة بقوله تعالى: " إياك نعبد وإياك نستعين " فالكاف هنا للخطاب.
ومن ادعى فيه أنه جر بالإضافة فقد أحال لأن إيا اسم مضمر والمضمر أعرف المعارف فلا يجوز إضافته بتة.
فإن قال: إن إيا اسم ظاهر.
قلنا: لم نر اسماً ظاهراً ألزم إعراباً واحداً إلا في الظروف نحو: الآن وإذ في أغلب الأحوال وأين وإيا ليس بظرف.
فإن قال: فقد قالت العرب: إذا بلغ الرجل الستين فإياه والشواب فهذا نادر لا اعتبار به ولا يجوز بناء القواعد عليه.
وإذا كان كذلك كان إياكما وإياكم وإياك وإياى من قوله: " فإياي فارهبون " وإياه الياء والهاء أيضاً حرفان وقد جردتا عن الاسمية وصارتا حرفين.
ومن ذلك الكاف في ذلك من قوله: " ذلك الكتاب " وذانك من قوله: " فذانك برهانان " وماأشبهه
الكاف للخطاب لثبات النون في ذانك.
ولو كان جراً بالإضافة حذفت النون كما تحذف من قولهم: هذان غلاماك لأن ذا اسم مبهم وهو أعرف من المضاف فلا يجوز إضافة بتة.
ولأنك تقول: عندي ذلك الرجل نفسه.
ولا يجوز أن تقول: ذاك نفسك بالجر ولو كان الكاف ومن ذلك الكاف في قوله تعالى: " أرأيتك هذا الذي كرمت على " فالكاف هنا للخطاب ولا محل له من الإعراب لأن العرب تقول: أرأيتك زيداً ما صنع ولو كان الكاف المفعول الأول لكان زيدا المفعول الثاني وزيدا غير الكاف لأن زيدا غائب وهو غير المخاطب ولأنه لا فرق بينه وبين قول القائل: أرايتك زيدا ما صنع ألا ترى قوله: " قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله ".
وقوله تعالى: " قل أرأيتم إن أخذ الله سمعكم وأبصاركم ".
فالكاف والميم ثبوتهما لا يزيد معنى يختل بسقوطهما فعلى هذا فقس جميع الكاف المتصل ب إياك وذلك وذاك وذانك وأرأيتك وأرأيتكم.
وهذا قوله: " فذلكن الذي لمتنني فيه ".
وقوله: " وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة ".
وقوله: " ونودوا أن تلكم الجنة ".
الكاف في هذه المواضع للخطاب ولا محل لها من الإعراب.
وهكذا الكاف في: أولئك وأولئكم في جميع التنزيل للخطاب وليس لها محل من الإعراب لاستحالة معنى الإضافة فيه.