كتاب الأم/كتاب النكاح/باب التعريض في خطبة النكاح
[أخبرنا الربيع] قال: [قال الشافعي] رحمه الله تعالى: قال الله عز وجل: {ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء أو أكننتم في أنفسكم} الآية.
[قال الشافعي]: أخبرنا مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه أنه كان يقول في قول الله عز وجل: {ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء} أنه يقول الرجل للمرأة وهي في عدتها من وفاة زوجها إنك علي لكريمة وأني فيك لراغب فإن الله لسائق إليك خيرا ورزقا ونحو هذا من القول.
[قال الشافعي]: كتاب الله يدل على أن التعريض في العدة جائز لما وقع عليه اسم التعريض إلا ما نهى الله عز وجل عنه من السر وقد ذكر القاسم بعضه والتعريض كثير واسع جائز كله وهو خلاف التصريح وهو ما يعرض به الرجل للمرأة مما يدلها على أنه أراد به خطبتها بغير تصريح والسر الذي نهى الله عنه والله أعلم يجمع بين أمرين أنه تصريح والتصريح خلاف التعريض وتصريح بجماع وهذا كأقبح التصريح فإن قال قائل: ما دل على أن السر الجماع؟ قيل فالقرآن كالدليل عليه إذا أباح التعريض والتعريض عند أهل العلم جائز سرا وعلانية فإذا كان هذا فلا يجوز أن يتوهم أن السر سر التعريض ولا بد من معنى غيره وذلك المعنى الجماع وقال امرؤ القيس:
ألا زعمت بسباسة القوم أنني ** كبرت وأن لا يحسن السر أمثالي.
كذبت لقد أصبى على المرء عرسه ** وأمنع عرسي أن يزن بها الخالي.
وقال جرير يرثي امرأته:
كانت إذا هجر الخليل فراشها ** خزن الحديث وعفت الأسرار.
[قال الشافعي]: فإذا علم أن حديثها مخزون فخزن الحديث أن لا يباح به سرا ولا علانية فإذا وصفها فلا معنى للعفاف غير الإسرار والإسرار الجماع.