كتاب الأم/كتاب النكاح/الفسخ
[قال الشافعي]: رحمه الله: وكل فسخ كان بين الزوجين فلا يقع به طلاق لا واحدة ولا ما بعدها وذلك أن يكون عبد تحته أمة فتعتق فتختار فراقه أو يكون عنينا فتخير فتختار فراقه أو ينكحها محرما فيفسخ نكاحه أو نكاح متعة ولا يقع بهذا نفسه طلاق ولا بعده لأن هذا فسخ بلا طلاق.
ولو قال رجل لامرأته أنت طالق أين كنت فطلقها تطليقة لم يقع عليها إلا هي لأنها إذا طلقت واحدة فهي طالق أين كانت وهكذا لو قال لها أنت طالق حيث كنت وأنى كنت ومن أين كنت. ولو قال لها أنت طالق طالقا كانت طالقا واحدة ويسأل عن قوله طالقا فإن قال أردت أنت طالق إذا كنت طالقا وقع اثنتان الأولى بإيقاعه الطلاق. والثانية بالحنث والأولى لها غاية. فإن قال أردت اثنتين وقعت اثنتان معا وإن قال أردت إفهام الأولى بالثانية أحلف، وكانت واحدة.
[قال]: ولو قال لها أنت طالق إذا قدم فلان بلد كذا وكذا فقدم فلان ذلك البلد طلقت وإن لم يقدم ذلك البلد وقدم بلدا غيره لم تطلق. ولو قال أنت طالق كلما قدم فلان فكلما قدم فلان طلقت تطليقة ثم كلما غاب من المصر وقدم فهي طالق أخرى حتى يأتي على جميع الطلاق؟ ولو قال لها أنت طالق إذا قدم فلان فقدم بفلان ميتا لم تطلق لأنه لم يقدم.
ولو قال لها أنت طالق إذا قدم فلان فقدم بفلان مكرها لم تطلق لأن حكم ما فعل به مكرها كما لم يكن ولو قال أنت طالق متى رأيت فلانا بهذا البلد فرأته وقد قدم به مكرها طلقت لأنه أوقع الطلاق برؤيتها نفس فلان وليس في رؤيتها فلانا إكراه لها يبطل به عنها الطلاق [قال الربيع]: إذا كان كل قدومه وهي في العدة فأما إذا خرجت من العدة فغاب ثم قدم لم يقع عليها طلاق لأنها ليست بزوجة وهي كأجنبية.
[قال الشافعي]: ولو قال لها أنت طالق إن كلمت فلانا فكلمت فلانا وهو حي طلقت وإن كلمته حيث يسمع كلامها طلقت وإن لم يسمعه وإن كلمته ميتا أو نائما أو بحيث لا يسمع أحد كلام من كلمه بمثل كلامها لم تطلق. ولو كلمته وهي نائمة أو مغلوبة على عقلها لم تطلق لأنه ليس بالكلام الذي يعرف الناس ولا يلزمها به حكم بحال، وكذلك لو أكرهت على كلامه لم تطلق.
وإذا قال لامرأته وقد دخل بها أنت طالق أنت طالق أنت طالق وقعت الأولى ويسأل عما نوى في اللتين بعدها فإن كان أراد تبيين الأولى فهي واحدة وإن كان أراد إحداث طلاق بعد الأولى فهو ما أراد. وإن أراد بالثالثة تبيين الثانية فهي اثنتان وإن أراد بها طلاقا ثالثا فهي ثالثة وإن مات قبل أن يسأل فهي ثلاث لأن ظاهر قوله أنها ثلاث.
ولو قال لها أنت طالق وطالق طالق وقعت عليها اثنتان الأولى والثانية التي كانت بالواو لأنها استئناف كلام في الظاهر ودين في الثالثة فإن أراد بها طلاقا فهي طالق. وإن لم يرد بها طلاقا وأراد إفهام الأول أو تكريره فليس بطلاق. ولو قال أردت بالثانية إفهام الكلام الأول والثالثة إحداث طلاق كانت طالقا ثالثا في الحكم لأن ظاهر الثانية ابتداء طلاق لا إفهام، ودين فيما بينه وبين الله تعالى ولا يدين في القضاء وتقع الثالثة لأنه أراد بها ابتداء طلاق لا إفهاما وإن احتملته. وهكذا إن قال لها أنت طالق ثم أنت طالق ثم أنت طالق وقعت اثنتان ودين في الثالثة كما وصفت.
ولو قال لها أنت طالق وطالق طالق وقعت عليها اثنتان الأولى والثانية التي كانت بالواو لأنها استئناف كلام في الظاهر ودين في الثالثة فإن أراد بها طلاقا فهي طالق. وإن لم يرد بها طلاقا وأراد إفهام الأول أو تكريره فليس بطلاق. ولو قال أردت بالثانية إفهام الكلام الأول والثالثة إحداث طلاق كانت طالقا ثالثا في الحكم لأن ظاهر الثانية ابتداء طلاق لا إفهام، ودين فيما بينه وبين الله تعالى ولا يدين في القضاء وتقع الثالثة لأنه أراد بها ابتداء طلاق لا إفهاما وإن احتملته. وهكذا إن قال لها أنت طالق ثم أنت طالق ثم أنت طالق وقعت اثنتان ودين في الثالثة كما وصفت.
ولو قال لها أنت طالق بل طالق كانت طالقا اثنتين ولو قال أردت إفهاما أو تكرير الأولى عليها لم يدين في الحكم لأن بل: إيقاع طلاق حادث لا إفهام ماض غيره.
ولو قال لها أنت طالق طلاقا كانت واحدة إلا أن يريد بقوله طلاقا ثانية لأن طالق طلاقا ابتداء صفة طلاق كقوله طلاقا حسنا أو طلاقا قبيحا.