كتاب الأم/كتاب الزكاة/باب ترك التعدي على الناس في الصدقة
أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى بن حبان عن القاسم بن محمد عن عائشة زوج النبي ﷺ قالت: " مر على عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه بغنم من الصدقة فرأى فيها شاة حافلا ذات ضرع " فقال عمر: " ما هذه الشاة؟ " فقالوا: شاة من الصدقة فقال عمر: " ما أعطى هذه أهلها وهم طائعون لا تفتنوا الناس لا تأخذوا حزرات المسلمين نكبوا عن الطعام ".
[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: توهم عمر أن أهلها لم يتطوعوا بها ولم ير عليهم في الصدقات ذات در فقال هذا، لو علم أن المصدق جبر أهلها على أخذها لردها عليهم إن شاء الله تعالى وكان شبيها أن يعاقب المصدق، ولم أر بأسا أن تؤخذ بطيب أنفس أهلها.
[قال الشافعي]: وقد بلغنا (أن رسول الله ﷺ قال لمعاذ حين بعثه إلى اليمن مصدقا إياكم وكرائم أموالهم) وفي كل هذا دلالة على أن لا يؤخذ خيار المال في الصدقة، وإن أخذ فحق على الوالي رده وأن يجعله من ضمان المصدق؛ لأنه تعدى بأخذه حتى يرده على أهله، وإن فات ضمنه المصدق وأخذ من أهله ما عليهم إلا أن يرضوا بأن يرد عليهم فضل ما بين القيمتين فيردها المصدق وينفذ ما أخذ هو مما هو فوق ذلك لمن قسم له من أهل السهمان، أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى بن حبان أنه قال: أخبرني رجلان من أشجع أن محمد بن مسلمة الأنصاري كان يأتيهم مصدقا فيقول لرب المال: أخرج إلي صدقة مالك فلا يقود إليه شاة فيها وفاء من حقه إلا قبلها.
[قال الشافعي]: وسواء أخذها المصدق وليس فيها تعد، أو قادها إليه رب المال وهي وافية، وإن قال المصدق لرب المال: أخرج زكاة مالك فأخرج أكثر مما عليه، فإن طاب به نفسا بعد علمه، أخذه منه وإلا أخذ منه ما عليه، ولا يسعه أخذه إلا حتى يعلمه أن ما أعطاه أكثر مما عليه.