كتاب الأم/كتاب الزكاة/باب العدد الذي إذا بلغه التمر وجبت فيه الصدقة
أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة المازني عن أبيه عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله ﷺ قال: (ليس فيما دون خمسة أوسق من التمر صدقة) أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه قال سمعت أبا سعيد الخدري يقول قال رسول الله: ﷺ (ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة) أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة قال سمعت عمرو بن يحيى المازني يقول أخبرني أبي عن أبي سعيد الخدري عن النبي ﷺ قال: (ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة).
[قال الشافعي]: رحمه الله وبهذا نأخذ، وليس يروى من وجه يثبت عن رسول الله ﷺ إلا عن أبي سعيد الخدري، فإذا كان قول أكثر أهل العلم به، وإنما هو خبر واحد فقد وجب عليهم قبول خبر واحد يمثله حيث كان.
[قال الشافعي]: فليس في التمر زكاة حتى يبلغ خمسة أوسق، فإذا بلغ خمسة، أوسق ففيه الزكاة.
[قال الشافعي]: والوسق ستون صاعا بصاع النبي ﷺ فذلك ثلثمائة صاع بصاع رسول الله ﷺ والصاع أربعة أمداد بمد رسول الله ﷺ بأبي هو وأمي.
[قال الشافعي]: والخليطان في النخل اللذان لم يقسما كالشريكين في الماشية يصدقان صدقة الواحد فما وجبت فيه على الواحد صدقة وجبت على الجماعة إذا كانوا شركاء في أصل النخل، وكذلك إذا كانوا شركاء في أصل الزرع.
[قال الشافعي]: وكذلك إذا كانت أرض صدقة موقوفة على جماعة فبلغت ثمرتها خمسة أوسق أخذت منها الصدقة، وإذا ورث القوم النخل، أو ملكوها أي ملك كان ولم يقتسموها حتى أثمرت فبلغت ثمرتها خمسة أوسق أخذت منها الصدقة، فإن اقتسموها بعدما حل بيع ثمرتها في وقت الخرص قسما صحيحا فلم يصر في نصيب واحد منهم خمسة أوسق، وفي جماعتها خمسة أوسق فعليهم الصدقة؛ لأن أول وجوب الصدقة كان وهم شركاء فلا تسقط الصدقة بفرقها بعد أول وجوبها، وإذا اقتسموها قبل أن يحل بيع الثمرة فلا زكاة على واحد منهم حتى تبلغ حصته خمسة أوسق.
[قال الشافعي]: وإن تجاذبوها بغير قطع وبغير قسم لأصل النخل بتراض منهم معا، فهم شركاء بعد فيصدقون صدقة الواحد؛ لأن هذه قسمة لا تجوز.
[قال الشافعي]: وإن كانت صدقة موقوفة فاقتسموها فالقسم فيها باطل؛ لأنهم لا يملكون رقبتها وتصدق الثمرة صدقة المالك الواحد، فإذا بلغت خمسة أوسق وجبت فيها الصدقة. وإذا كانت لرجل نخل بأرض وأخرى بغيرها بعدت، أو قربت فأثمرتا في سنة واحدة ضمت إحدى الثمرتين إلى الأخرى، فإذا بلغتا معا خمسة أوسق أخذت منها الصدقة.
[قال الشافعي]: ولو كانت بينه وبين رجل نخل فجاءت بأربعة أوسق وكانت له نخل أخرى جاءت بثلاثة أوسق أدى الصدقة عن نخليه معا؛ لأن له خمسة أوسق ولم يؤد شريكه الصدقة عن نخله؛ لأنه ليس له ولشريكه خمسة أوسق في شيء مما هما فيه شريكان، وهكذا هذا في الماشية، والزرع.
[قال الشافعي]: وثمرة السنة تختلف فتثمر النخل وتجد بتهامة، وهي بنجد بسر وبلح فيضم بعض ذلك إلى بعض؛ لأنه ثمرة واحدة، فإذا أثمرت النخل في سنة ثم أثمرت في قابل لم يضم إحدى الثمرتين إلى الأخرى. وهكذا القول في الزرع كله مستأخره ومتقدمه فإنه يتقدم ببلاد الحر ويستأخر ببلاد البرد، وإذا كان لرجل زرع بالبلدين معا ضم بعضه إلى بعض، فإذا بلغ خمسة أوسق وجبت فيه الصدقة.
[قال الشافعي]: وإذا زرع رجل في سنة زرعا فلم يخرج منه خمسة أوسق وله زرع آخر، وهما إذا ضما معا كانت فيهما خمسة أوسق، فإن كان زرعهما وحصادهما معا في سنة واحدة فهما كالزرع الواحد، والثمرة الواحدة، وإن كان بذر أحدهما يتقدم عن السنة، أو حصاد الأخر يستأخر عن السنة فهما زرعان مختلفان لا يضم واحد منهما إلى الآخر.
[قال الشافعي]: وهكذا إذا كان لرجل نخل مختلف، أو واحد يحمل في وقت واحد حملين، أو سنة حملين فهما مختلفان.
[قال الشافعي]: وإذا كان النخل مختلف الثمرة، ضم بعضه إلى بعض، سواء في ذلك دقله وبرديه، والوسط منه وتؤخذ الصدقة من الوسط منه أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد عن جعفر بن محمد عن أبيه قال لا يخرج في الصدقة الجعرور ولا معى الفأرة ولا عذق ابن حبيق، أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن زياد بن سعد عن الزهري.
[قال الشافعي]: وهذا تمر رديء جدا ويترك لصاحب الحائط جيد التمر من البردي الكبيس وغيره ويؤخذ من وسط التمر.
[قال الشافعي]: وهذا مثل الغنم إذا اختلفت يترك منها ما فوق الثنية، والجذعة لرب المال ويترك عليه ما دونها وتؤخذ الجذعة، والثنية؛ لأنهما وسط، وذلك أن الأغلب من الغنم أنها تكون أسنانا كما الأغلب من التمر أن يكون ألوانا، فإن كان لرجل تمر واحد بردي كله أخذ من البردي. وإن كان جعرورا كله أخذ من الجعرور، وكذلك إن كانت له غنم صغار كلها أخذها منها.
[قال الشافعي]: وإن كان له نخل بردي صنفين، صنف بردي، وصنف لون، أخذ من كل واحد من الصنفين بقدر ما فيه، وإنما يؤخذ الوسط إذا اختلف التمر وكثر اختلافه، وهو يخالف الماشية في هذا الموضع، وكذلك إن كان أصنافا أحصى كل صنف منها حتى لا يشك فيه وعرض رب المال أن يعطي كل صنف ما يلزمه أخذ منه.