التاج في أخلاق الملوك/باب في مطاعمة الملوك/المنصور والفتى الهاشمي
المنصور والفتى الهاشمي
قال: وحدثني ابراهيم بن السندي بن شاهك، عن أبيه، قال: دخل شاب من بني هاشم على المنصور، فاستجلسه ذات يومٍ، ودعا بغدائه، وقال للفتى: أدنه فقال الفتى: قد تغديت. فكف عنه الربيع، حتى ظننت أنه لم يفطن لخطاه. فلما نهض للخروج، أمهله.
فلما كان من وراء الستر، دفع في قفاه. فلما رأى الحجاب ذلك منه، دفعوا في قفاه حتى أخرجوه من الدار.
فدخل رجال من عمومة الفتى، فشكوا الربيع إلى المنصور. فقال المنصور: إن الربيع لا يقدم على مثل هذا، إلا وفي يده حجة؛ فإن شئتم أغضيتم على ما فيها، وإن شئتم سألته، وأنتم تسمعون. قالوا: فسله.
فدعا الربيع، وقصوا قصته. فقال الربيع: هذا الفتى كان يسلم من بعيد، وينصرف. فاستدناه أمير المؤمنين، حتى سلم عليه من قريب، ثم أمره بالجلوس. ثم تبذل بفضيلة المرتبة التي صيره فيها أن قال، حين دعاه إلى طعامه: قد فعلت. وإذن ليس عنده لمن أكل مع أمير المؤمنين إلا سد خلة الجوع. ومثل هذا لا يقومه القول دون الفعل.