انتقل إلى المحتوى

التاج في أخلاق الملوك/باب في المنادمة/أقسام الناس

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

أقسام الناس

وكذلك جعل الناس على أقسام أربعة، وحصر كل طبقة على قسمتها:

فالأول، الأساورة من أبناء الملوك؛ والقسم

الثاني، النساك وسدنة بيوت النيران،

والقسم الثالث، الأطباء والكتاب والمنجمون،

والقسم الرابع، الزراع والمهان وأضرابهم.

وكان أردشير يقول: ما شيء أسرع في انتقال الدول، وخراب المملكة من انتقال هذه الطبقات عن مراتبها، حتى يرفع الوضيع إلى مرتبة الشريف، ويحط الشريف إلى مرتبة الوضيع. وكان الذي يقابل الطبقة الأولى من الأساورة وأبناء الملوك، أهل الحذاقة بالموسيقيات والأغاني، فكانوا بإزاء هؤلاء نصب خط الاستواء.

وكان الذي يقابل الطبقة الثانية من ندماء االملك وبطانته، الطبقة الثانية من أصحاب الوسيقيات.

وكان الذي يقابل الطبقة الثالثة، من أصحاب الفكاهات والمضحكين أصحاب الونج والمعارف والطنابير، وكان لا يزمر الحاذق من الزامرين إلا على الحاذق من المغنين. وإن أمره الملك بذلك، راجعه واحتج عليه. وقلما كانت ملوك الأعاجم خاصة تأمر أن يزمر على المغني إلا من كان معه في أسلوب واحد، إذ لم يكن من شأنهم أن ينقلوا أحداً من طبقة وضيعة إلى طبقة

رفيعة. إلا أن الملك كان ربما غلب عليه السكر حتى يؤثر فيه، فيأمر الزامر الطبقة الثانية أو الثالثة أن يزمر على المغني من الطبقة الأولى، فيأبى ذلك، حتى إنه ربما ضربه الخدم بالمراوح والمذاب فيكون من اعتذاره أن يقول: إن كان ضربي بأمر الملك وعن رأيه، فإنه سيرضى عني إذا صحا، بلزومي مرتبتي.

وكان أردشير قد وكل غلامين ذكيين، لا يفارقان مجلسه، بحفظ ألفاظه عند الشرب والمنادمة. فأخذهما يمل والآخر يكتب حرفاً حرفاً، وهذا إنما يفعلانه، إذا غلب عليه السكر، فإذا أصبح، ورفع عن وجهه الحجاب، قرأ عليه الكاتب كل ما لفظ به في مجلسه إلى أن نام. فإذا قرأ به الزامر، ومخالفة الزامر أمره، دعا بالزامر، فخلع عليه وجزاه الخير، وقال: أصبت فيما فعلت، وأخطأ الملك فيما أمرك به. فهذا ثواب صوابك، وكذلك العقوبة لمن أخطأ، وعقوبتي أن لا نزمزم اليوم غلا على خبز الشعير والجبن. فلم يطعم في يومه ذلك غيرهما.

وما ذاك إلا حثاً على لزوم سنتهم، وحفظ نواميسهم، وأخذ العامة بالسياسة التامة، والأمر اللازم.



التاج في أخلاق الملوك لعمرو بن بحر بن محبوب الكناني بالولاء، الليثي، أبي عثمان، الشهير بالجاحظ (المتوفى عام 255هـ)

باب في الدخول على الملوك | دخول الأشراف | دخول الأوساط | كيفية الدخول على الملك | استقبال الملك للملوك | وداع الملك للملوك | باب في مطاعمة الملوك | المنصور والفتى الهاشمي | على مائدة اسحق بن ابراهيم | شرف مؤاكلة الملوك | بين معاوية والحسن بن علي | شره القضاة | الملك وضيوفه على المائدة | الحديث على المائدة | طبقات الندماء | في حضرة الملك | مراتب الندماء والمغنين | أقسام الناس | انقلاب الحال في عهد بهرام جور | في عهد الأمويين | الخليفة الأمين | الخليفة المأمون | أخلاق الملك السعيد | أنعام الملوك ومنتهم | العفو عند المقدرة | آداب البطانة مع الملوك | حديث الملك | بين معاوية والرهاوي | أقوال في حسن الاستماع | عود إلى أخلاق الملوك | معاقبة أنوشروان للخائن | عبد الملك والأشدق | الرشيد والبرامكة | مراعاة حرمة الملك | إغضاء البصر وخفض الصوت بحضرة الملك | في غياب الملك | مكافآت الملوك | باب في صفة ندماء الملك | عدة الملك في سفره أو نزهته | خلال الندماء وملاعبة الملوك | آداب الندماء عند نعاس الملك | إمامة الملك للصلاة | آداب مسايرة الملك | مسايرة الموبذ لقباذ | مسايرة شرحبيل لمعاوية | صاحب الشرطة والهادي | ما قاله الهاشمي للخراساني | عدم تسمية أو تكنية الملك | عند تشابه الأسماء | ما يتفرد به الملك في عاصمته | دعاء الملك وتعزيته | غضب الملك ورضاه | وعلى هذا أخلاق الملوك وصنيعهم | أسرار الملك | حفظ حرم الملك | امتحان من يطعن في المملكة | تقاضي الملك عن الصغائر | رد على العامة | إكرام الأوفياء | أدب سماع الملك ومحادثته | إعادة الحديث | أمارات الذهاب من مجلس الملك | اغتياب الآخرين أمام الملك | آداب رسول الملك | احتياط الملك | معاملة ابن الملك للملك | صلاح الجفوة في التأديب | صفات المقربين من الملك | سخاء الملك وحياؤه | اعتلال الملك | جوائز البطانة | هدايا المهرجان والنيروز | لهو الملوك وشربهم | زيارة الملوك لأخصانهم | استقبال الملوك للناس في الأعياد | عقوبة الملك الظالم | استقصاء أحوال الرعية | الملوك أمام الأمور الجليلة | الحرب خدعة | النهاية |