مجموع الفتاوى/المجلد السادس/قوله في حديث: نور أنى أراه
قوله في حديث: نور أنى أراه
[عدل]قال الشيخ شمس الدين ابن القيم:
سمعت شيخ الإسلام أحمد بن تيمية يقول في قوله ﷺ: «نور أنى أراه» معناه:
كان ثم نور، وحال دون رؤيته نور فأنى أراه؟ قال: ويدل عليه أن في بعض ألفاظ الصحيح هل رأيت ربك؟ فقال: «رأيت نورًا».
وقد أعضل أمر هذا الحديث على كثير من الناس، حتى صحفه بعضهم فقال: «نورًا إني أراه» على أنها ياء النسب، والكلمة كلمة واحدة. وهذا خطأ لفظًا ومعنى، وإنما أوجب لهم هذا الإشكال والخطأ أنهم لما اعتقدوا أن رسول الله ﷺ رأى ربه، وكان قوله: «أنى أراه؟» كالإنكار للرؤية، حاروا في الحديث، ورده بعضهم باضطراب لفظه، وكل هذا عدول عن موجب الدليل.
وقد حكى عثمان بن سعيد الدارمي في كتاب الرد له إجماع الصحابة، على أنه ﷺ لم ير ربه ليلة المعراج، وبعضهم استثنى ابن عباس من ذلك، وشيخنا يقول: ليس ذلك بخلاف في الحقيقة، فإن ابن عباس لم يقل رآه بعيني رأسه، وعليه اعتمد أحمد في إحدى الروايتين، حيث قال: إنه رآه، لم يقل: بعيني رأسه.
ولفظ أحمد كلفظ ابن عباس.
ويدل على صحة ما قال شيخنا في معنى حديث أبي ذر: قوله ﷺ في الحديث الآخر: «حجابه النور» فهذا النور هو والله أعلم النور المذكور في حديث أبي ذر: «رأيت نورًا».
هامش