مجموع الفتاوى/المجلد السادس/فصل قول القائل التعجب استعظام للمتعجب منه
فصل قول القائل التعجب استعظام للمتعجب منه
[عدل]وأما قوله: التعجب: استعظام للمتعجب منه، فيقال نعم. وقد يكون مقرونًا بجهل بسبب التعجب، وقد يكون لما خرج عن نظائره، والله تعالى بكل شيء عليم، فلا يجوز عليه ألا يعلم سبب ما تعجب منه، بل يتعجب لخروجه عن نظائره تعظيمًا له. والله تعالى يعظم ما هو عظيم؛ إما لعظمة سببه أو لعظمته.
فإنه وصف بعض الخير بأنه عظيم، ووصف بعض الشر بأنه عظيم، فقال تعالى: {رَب العرش العظيم} 1، وقال: {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ} 2، وقال: {وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُواْ مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا وَإِذا لَّآتَيْنَاهُم مِّن لَّدُنَّا أَجْرا عَظِيمًا} 3، وقال: { وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُم مَّا يَكُونُ لَنَا أَن نَّتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ} 4، وقال: { إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} 5.
ولهذا قال تعالى: { بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ} 6 على قراءة الضم، فهنا هو عجب من كفرهم مع وضوح الأدلة.
وقال النبي ﷺ للذي آثر هو وامرأته ضيفهما: » لقد عجب الله«، وفي لفظ في الصحيح: «لقد ضحِكَ الله الليلة من صنْعِكُمَا البارحة»، وقال: «إن الرب ليعجب من عبده إذا قال: رب اغفر لي، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت. يقول: علم عبدي أنه لا يغفر الذنوب إلا أنا، وقال: «عجب ربك من شَابّ ليست له صَبْوَة» 7، وقال: «عجب ربك من راعي غنم على رأس شَظِيَّة، يؤذن ويقيم، فيقول الله: انظروا إلى عبدي» 8 أو كما قال. ونحو ذلك.
هامش
- ↑ [النمل: 26]
- ↑ [الحجر: 87]
- ↑ [النساء: 66، 67]
- ↑ [النور: 16]
- ↑ [لقمان: 13]
- ↑ [الصافات: 12]
- ↑ [قوله: ليست له صبوة أي: ميل إلى الهوى]
- ↑ [قوله: شظية أي: قطعة مرتفعة في رأس الجبل انظر]