انتقل إلى المحتوى

الروح/المسألة السادسة عشرة/فصل الرد على القول أن التكاليف امتحان وابتلاء

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
ملاحظات: فصل الرد على القول أن التكاليف امتحان وابتلاء


وأما قولكم إن التكاليف امتحان وابتلاء لا تقبل البدن إذ المقصود منها عين المكلف العامل إلى آخره.
فالجواب عنه أن ذلك لا يمنع إذن الشارع للمسلم أن ينفع أخاه بشي ء من عمله، بل هذا من تمام إحسان الرب ورحمته لعباده، ومن كمال هذه الشريعة التي شرعها لهم التي مبناها على العدل والإحسان والتعارف، والرب تعالى أقام ملائكته وحملة عرشه يدعون لعباده المؤمنين ويستغفرون لهم ويسألونه لهم أن يقيهم السيئات، وأمر خاتم رسله أن يستغفر للمؤمنين والمؤمنات ويقيمه يوم القيامة مقاما محمودا ليشفع في العصاة من أتباعه وأهل سنته، وقد أمره تعالى أن يصلي على أصحابه في حياتهم وبعد مماتهم، وكان يقوم على قبورهم فيدعو لهم.
و قد استقرت الشريعة على أن المأثم الذي على الجميع بترك فروض الكفايات يسقط إذا فعله من يحصل المقصود بفعله ولو واحد. وأسقط سبحانه الارتهان وحرارة الجلود في القبر بضمان الحي دين الميت وأدائه عنه، وإن كان ذلك الوجوب امتحانا في حق المكلف، وأذن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم في الحج والصيام عن الميت، وإن كان الوجوب امتحانا في حقه. وأسقط عن المأموم سجود السهو بصحة صلاة الإمام وخلوها من السهو، وقراءة الفاتحة بتحمل الإمام لها، فهو يتحمل عن المأموم سهوه وقراءته وسترته لقراءة الإمام وسترته قراءة لمن خلفه وسترة له، وهل الإحسان إلى المكلف بإهداء الثواب إليه إلا تأس بإحسان الرب تعالى واللّه يحب المحسنين.
و الخلق عباد اللّه، فأحبهم إليه أنفعهم لعياله، وإذ كان سبحانه يحب من ينفع عياله بشربة ماء ومذقة لبن وكسرة خبز فكيف من ينفعهم في حال ضعفهم وفقرهم وانقطاع أعمالهم وحاجتهم إلى شي ء يهدى إليهم وأحوج ما كانوا إليه، فأحب الخلق إلى اللّه ما ينفع عياله في هذه الحال.
و لهذا جاء أثر عن بعض السلف أنه من قال كل يوم سبعين مرة: رب اغفر لي ولوالدي وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات حصل له من الأجر بعدد كل مسلم ومسلمة ومؤمن ومؤمنة، ولا تستبعد هذا فإنه إذا استغفر لإخوانه فقد أحسن إليهم واللّه لا يضيع أجر المحسنين.


هامش


المسألة السادسة عشرة
انتفاع أرواح الموتى بعمل الغير | فصل الدليل على انتفاع روح الميت | فصل وصول ثواب الصدقة | فصل وصول ثواب الصوم | فصل وصول ثواب الحج | فصل نفي عقوبة العبد بعمل غيره | فصل الرد على الاستدلال بانقطاع العمل | فصل الرد على أن الإهداء حوالة | فصل الرد على من قال أن الإيثار مكروه | فصل الرد على أنه لو ساغ الإهداء للميت لجاز للحي | فصل هل يسوغ إهداء نصف الثواب أو ربعه | فصل الرد على جواز إهداء ثواب الواجبات | فصل الرد على القول أن التكاليف امتحان وابتلاء | فصل الرد على القول بأنه لو نفعه العمل لنفعته التوبة | فصل الرد على القول بأن العبادات نوعان | فصل من مات وعليه صيام | فصل قول ابن عباس في حديث الصوم | فصل الزعم أن الحديث اختلف في إسناده | فصل جواز القضاء عن الميت | فصل أقوال أهل العلم في الصوم عن الميت | فصل الرد على القول بأن ثواب النفقة بالحج يصل فقط | فصل التلفظ بإهداء العمل


الروح
المقدمة | المسألة الأولى | المسألة الثانية | المسألة الثالثة | المسألة الرابعة | المسألة الخامسة | المسألة السادسة | المسألة السابعة | المسألة الثامنة | المسألة التاسعة | المسألة العاشرة | المسألة الحادية عشرة | المسألة الثانية عشرة | المسألة الثالثة عشرة | المسألة الرابعة عشرة | المسألة الخامسة عشرة | المسألة السادسة عشرة | المسألة السابعة عشرة | المسألة الثامنة عشرة | المسألة التاسعة عشرة | المسألة العشرون | المسألة الحادية والعشرون