البداية والنهاية/الجزء التاسع/طلق بن حبيب العنزي
تابعي جليل روى عن أنس وجابر وابن الزبير وابن عباس وعبد الله بن عمر وغيرهم، وعنه حميد الطويل والأعمش وطاووس، وهو من أقرانه وأثنى عليه عمرو بن دينار، وقد أثنى عليه غير واحد من الأئمة، ولكن تكلموا فيه من جهة أنه كان يقول بالأرجاء، وقد كان ممن خرج مع ابن الأشعث، وكان يقول تقووا بالتقوى، فقيل له: صف لنا التقوى، فقال: التقوى هي العمل بطاعة الله على نور من الله يرجو رحمة الله، وترك معصية الله على نور من الله يخاف عقاب الله. وقال أيضا: إن حقوق الله أعظم من أن يقوم بها العباد، وإن نعم الله أكثر من أن تحصى، أو يقوم بشكرها العباد، ولكن أصبحوا تائبين، وأمسوا تائبين، وكان طلق لا يخرج إلى صلاة إلا ومعه شيء يتصدق به، وإن لم يجد إلا بصلا، ويقول: قال الله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً } [المجادلة: 12] فتقديم الصدقة بين يدي مناجاة الله أعظم وأعظم. قال مالك: قتله الحجاج وجماعة من القراء منهم سعيد بن جبير، وقد ذكر ابن جرير فيما سبق أن خالد بن عبد الله القسري بعث من مكة ثلاثة إلى الحجاج، وهم مجاهد، وسعيد بن جبير، وطلق بن حبيب، فمات طلق في الطريق وحبس مجاهد، وكان من أمر سعيد ما كان والله أعلم.