مجموع الفتاوى/المجلد الرابع عشر/سئل عن قوله تعالى ومن دخله كان آمنا
سئل عن قوله تعالى ومن دخله كان آمنا
وسئل رحمه الله عن قوله تعالى: { وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا } 1: المراد به أمنه عند الموت من الكفر عند عرض الأديان، أم المراد به إذا أحدث حدثًا لا يقتص منه ما دام في الحرم؟
فأجاب:
التفسير المعروف في أن الله جعل الحرم بلدا آمنا قدرا وشرعا، فكانوا في الجاهلية يسفك بعضهم دماء بعض خارج الحرم، فإذا دخلوا الحرم، أو لقى الرجل قاتل أبيه، لم يهجروا حرمته، ففى الإسلام كذلك وأشد.
لكن لو أصاب الرجل حَدا خارج الحرم ثم لجأ إليه فهل يكون آمنا لا يقام عليه الحد فيه أم لا؟ فيه نزاع. وأكثر السلف على أنه يكون آمنا، كما نقل عن ابن عمر وابن عباس وغيرهما، وهو مذهب أبى حنيفة والإمام أحمد بن حنبل وغيرهما.
وقد استدلوا بهذه الآية وبقول النبي ﷺ: «إن الله حَرَّم مكة يوم خلق الله السموات والأرض، وأنها لم تحل لأحد قبلى، ولا تحل لأحد بعدى، وإنما أحلت لي ساعة من نهار، وقد عادت حرمتها، فإن أحد ترخص بقتال رسول الله ﷺ، فقولوا: إنما أحلها الله لرسوله ولم يحلها لك».
ومعلوم أن الرسول إنما أبيح له فيها دم من كان مباحا في الحل، وقد بين أن ذلك أبيح له دون غيره.
والمراد بقوله: { وَمَن دَخَلَهُ } : الحرم كله.
وأما عرض الأديان وقت الموت فيبتلى به بعض الناس دون بعض، ومن لم يحج خيف عليه الموت على غير الإسلام، كما جاء في الحديث: «من ملك زادا وراحلة تبلغه إلى بيت الله ثم لم يحج، فليمت إن شاء يهوديا أو نصرانيا». والله أعلم.
هامش
- ↑ [آل عمران: 97]