مجموع الفتاوى/المجلد الرابع عشر/تفسير بعض المشكل من الآيات
تفسير بعض المشكل من الآيات
[عدل]وقال شيخ الإِسَلام رَحِمهُ الله تعالى:
هذه تفسير آيات أشكلت حتى لا يوجد في طائفة من كتب التفسير إلا ما هو خطأ فيها.
منها قوله: { إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ.... } الآيتان 1، فهو سبحانه وصف أهل السعادة من الأولين والآخرين، وهو الذي يدل عليه اللفظ ويعرف به معناه من غير تناقض، ومناسبة لما قبلها ولما بعدها، وهو المعروف عند السلف، ويدل عليه ما ذكروه من سبب نزولها بالأسانيد الثابتة عن سفيان، عن ابن أبى نَجِيح، عن مجاهد، قال سلمان: سألت النبي ﷺ عن أهل دِينٍ كنتُ معهم. فذكر من عبادتهم، فنزلت الآية. ولم يذكر فيه أنهم من أهل النار، كما روى بأسانيد ضعيفة، وهذا هو الصحيح كما في مسلم: «إلا بقايا من أهل الكتاب».
والنبي ﷺ لم يكن يجيب بما لا علم عنده، وقد ثبت أنه أثنى على من مات في الفَتْرَة 2، كزيد بن عمرو وغيره، ولم يذكر ابن أبى حاتم خلافا عن السلف، لكن ذكر عن ابن عباس ثم أنزل الله: { وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا } الآية 3، ومراده: أن الله يبين أنه لا يقبل إلا الإسلام من الأولين والآخرين، وكثير من السلف يريد بلفظ النسخ رفع ما يظن أن الآية دالة عليه؛ فإن من المعلوم أن من كذب رسولا واحدا فهو كافر، فلا يتناوله قوله: { مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ } إلخ 4.
وظن بعض الناس أن الآية فيمن بعث إليهم محمد ﷺ خاصة، فغلطوا، ثم افترقوا على أقوال متناقضة.
هامش