كتاب الأم/كتاب الأطعمة/تفريع ما يحل ويحرم
[قال الشافعي]: رحمه الله قال الله تعالى {أحلت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم غير محلي الصيد وأنتم حرم} فاحتمل قول الله تبارك وتعالى {أحلت لكم بهيمة الأنعام} إحلالها دون ما سواها، واحتمل إحلالها بغير حظر ما سواها. واحتمل قول الله تبارك وتعالى {وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه} وقوله عز وجل: {قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فإنه رجس أو فسقا أهل لغير الله به} وقوله {فكلوا مما ذكر اسم الله عليه} وما أشبه هؤلاء الآيات، أن يكون أباح كل مأكول لم ينزل تحريمه في كتابه نصا، واحتمل كل مأكول من ذوات الأرواح لم ينزل تحريمه بعينه نصا أو تحريمه على لسان نبيه ﷺ فيحرم بنص الكتاب وتحليل الكتاب بأمر الله عز وجل بالانتهاء إلى أمر نبيه ﷺ فيكون إنما حرم بالكتاب في الوجهين. فلما احتمل أمر هذه المعاني، كان أولاها بنا، الاستدلال على ما يحل ويحرم بكتاب الله ثم سنة تعرب عن كتاب الله أو أمر أجمع المسلمون عليه، فإنه لا يمكن في اجتماعهم أن يجهلوا لله حراما ولا حلالا إنما يمكن في بعضهم، وأما في عامتهم فلا، وقد وضعنا هذا مواضعه على التصنيف.