كتاب الأم/كتاب الأطعمة/أكل الضب
[قال الشافعي]: رحمه الله: ولا بأس بأكل الضب، صغيرا أو كبيرا، فإن قال قائل: قد رويتم (عن النبي ﷺ أنه سئل عن الضب فقال لست آكله ولا محرمه) قيل له إن شاء الله فهو لم يرو عن رسول الله ﷺ في الضب شيئا غير هذا، وتحليله أكله بين يديه ثابت. فإن قال قائل: فأين ذلك؟ قيل: لما قال: (لست آكله ولا محرمه) دل على أن تركه أكله لا من جهة تحريمه، وإذا لم يكن من جهة تحريمه، فإنما ترك مباحا عافه ولم يشتهه. ولو عاف خبزا أو لحما أو تمرا أو غير ذلك كان ذلك شيئا من الطباع، لا محرما لما عاف فقال لي بعض الناس: أرأيت إن قال هذا القول غير رسول الله ﷺ أيحتمل معنى غير المعنى الذي زعمت أن رسول الله ﷺ قال؟ فزعمت أنه بين لا يحتمل معنى غيره؟ قلت: نعم. قال: وإذا قلت من دون رسول الله ﷺ ليس معصوما، قلت له: رسول الله ﷺ لم يخرجه من التحليل فلا يجوز أن يسأل عن تحليل ولا تحريم فيجيب فيه إلا أحله أو حرمه. وليس هكذا أحد بعده ممن يعلم ويجهل، ويقف ويجيب، ثم لا يقوم جوابه مقام جواب رسول الله ﷺ قال: فما المعنى الذي قلت قد بين هذا الحديث من غيره؟ قلت: (قرب إلى رسول الله ﷺ ضب فامتنع من أكلها، فقال خالد بن الوليد أحرام هي يا رسول الله؟ فقال رسول الله ﷺ لا، ولكن أعافها لم تكن ببلد قومي فاجترها خالد بن الوليد فأكلها ورسول الله ﷺ ينظر)، وإذا قال رسول الله ﷺ، ليست حراما فهي حلال، وإذا أقر خالدا بأكلها، فلا يدعه يأكل حراما، وقد بين أن تركه إياها أنه عافها. لا حرمها.