تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار/الجزء الأول/صفحة: 98
وكان السلطان أبو إسحاق طمح ذات مرة إلى بناء إيوان كإيوان كسرى وأمر أهل شيراز أن يتولوا حفر أساسه. فأخذوا في ذلك. وكان أهل كل صناعة يباهون من عداهم، فانتهوا في المباهاة إلى ان صنعوا القفاف لنقل التراب من الجلد، وكسوها ثياب الحرير المزركش، وفعلوا نحو ذلك في براذع الدواب، وإخراجها وصنع بعضهم الفؤوس من الفضة، وأوقدوا الشمع الكثير. وكانوا حين الحفر يلبسون أجمل ملابسهم، ويربطون فوط الحريرعلى أوساطهم. والسلطان يشاهد أفعالهم من منظرة له. وقد شاهدت هذا المبنى وقد ارتفع عن الأرض نحو ثلاثة أذرع. ولما بني أساسه رفع عن أهل المدينة التخديم فيه، وصارت القعلة تخدم فيه بالأجرة، ويحشر لذلك آلاف منهم. وسمعت والي المدينة يقول إن معظم مجباها ينفق في ذلك البناء. وقد كان الموكل به الأمير جلال الدين بن الفلكي التوريزي، وهو من الكبار. كان أبوه نائبا عن وزير السطان أبي سعيد المسمى علي شاه جيلان. ولهذا الأمير جلال الدين الفلكي أخ فاضل اسمه هبة الله، ويلقب بهاء الملك، وفد على ملك الهند حين وفودي عليه، ووفد معنا شرف الملك أمير يخت، فخلع ملك الهند علينا جميعا، وقدم كل واحد في شغل يليق به، وعين لنا المرتب والإحسان، وسنذكر ذلك. وهذا السلطان أبو إسحاق يريد التشبه بملك الهند المذكور في الإيثار وإجزال العطايا. ولكن أين الثريا من الثرى. وأظم ماتعارفنا من أعطيات أبي إسحاق أنه اعطى الشيخ زاده الخراساني الذي أتاه رسولا عن ملك هراة سبعين ألف دينار. وأما ملك الهند فلم يزل يعطي أضعاف ذلك لمن لا يحصى كثرة من أهل خراسان وغيرهم.
حكاية
ومن عجيب فعل ملك الهند مع الخراسانيين أنه قدم عليه رجل من فقهاء خراسان هروي المولد، من سكان خوارزم، يسمى بالأمير عبد الله، بعثته الخاتون ترابك زوج الأمير قطلود مور صاحب خوارزم بهدية إلى ملك الهند المذكور، فقبلها وكافأ عنها بأضعافها وبعث ذلك إليها، واختار رسولها المذكور الإقامة عنده فصيره في ندمائه فلما كان ذات يوم قال له: ادخل إلى الخزانة فارفع منها قدر ما تستطيع أن تحمله من الذهب. فرجع إلى داره فأتى بثلاث عشرة خريطة، وجعل في كل خريطة قدر ماوسعته وربط كل خريطة بعضو من أعضائه، وكان صاحب قوة وقام بها، فلما خرج من الخزانة وقع ولم يستطع النهوض. فأمر السلطان بوزن ما خرج به فكان جملته ثلاثة عشر منا بمنان دهلي، والمن الواحد منها خمسة وعشرون رطلا مصريا. فأمره أن يأخذ جميع ذلك فأخذه.
حكاية تناسبها
اشتكى مرة أمير يخت الملقب بشرف الدين الخراساني، وهو الذي تقدم ذكره آنفا بحضرة ملك الهند، فأتاه الملك عائدا. ولما دخل عليه أراد القيام، فحلف له الملك أن لا ينزل عن كته والكت: السرير. ووضع للسلطان متكأة يسمونها المورة، فقعد عليها. ثم دعا بالذهب والميزان فأحضرا. وأمر المريض أن يقعد في إحدى كفتي الميزان، فقال يا خوند عالم لو علمت أنك تفعل هذا للبست علي ثيابا كثيرة. فقال له البس الآن جميع ما عندك من الثياب. فلبس ثيابه المعدة للبرد المحشوة بالقطن، وقعد في كفة الميزان، ووضع الذهب في الكفة الآخرى حتى رجحه الذهب، وقال له: خذ هذا فتصدق به على رأسك وخرج عنه.
حكاية تناسبها
وفد عليه الفقير عبد العزيز الأردويلي، وكان قد قرأ علم الحديث بدمشق، فتفقه فيه. فجعل مرتبه مائة دينار دراهم في اليوم، وصرف ذلك خمسة وعشرون دينارا ذهبا. وحضر مجلسه يوما، فسأله السلطان عن حديث، فسرد له أحاديث كثيرة في ذلك المعنى، فأعجبه حفظه، وحلف له برأسه أنه لا يزول من مجلسه حاى يفعل معه ما يراه، ثم نزل الملك عن مجلسه، فقبل قدميه وأمر بإحضار صينية من ذهب، وهي مثل الطيفور الصغير، وأمر أن يؤتى فيها ألف دينار من الذهب، وأخذها السلطان بيده، فصبها عليه، وقال: هي لك مع الصينية. ووفد عليه مرة رجل خراساني يعرف بابن الشيخ عبد الرحمن الأسفراييني، وكان أبوه نزل بغداد، فأعطاه خمسين ألف دينار دراهم وخيلا وعبيدا وخلعا، وسنذكر كثيرا من أخبار هذا الملك عند ذكر بلاد الهند. وإنما ذكرنا هذا لما قدمناه من أن السلطان أبا إسحاق يريد التشبه به في العطايا. وهو وإن كان كريما فاضلا فلا يلحق بطبقة ملك الهند في الكرم والسخاء.
رحلة ابن بطوطة - الجزء الأول | |
---|---|
مقدمة | صفحة: 2 | بدء الرحلة والخروج من طنجة | صفحة: 4 | صفحة: 5 | ذكر سلطان تونس | صفحة : 6 | ذكر أبوابها ومرساها | ذكر المنار | ذكر عمود السواري | ذكر بعض علماء الإسكندرية | حكاية | صفحة: 8 | صفحة: 9 | صفحة: 10 | صفحة: 11 | صفحة: 12 | صفحة: 13 | حكاية | صفحة: 14 | صفحة: 15 | ذكر مسجد عمرو بن العاص | ذكر قرافة مصر ومزاراتها | ذكر نيل مصر | ذكر الأهرام والبرابي | ذكر سلطان مصر | ذكر بعض أمراء مصر | ذكر القضاة بمصر في عهد دخولي إليها | حكاية | ذكر بعض علماء مصر وأعيانها | ذكر يوم المحمل | حكاية خصيب | حكاية | صفحة: 22 | صفحة: 23 | صفحة: 24 | ذكر المسجد المقدس | ذكر قبة الصخرة | ذكر بعض المشاهد المباركة بالقدس الشريف | ذكر بعض فضلاء القدس | صفحة: 26 | حكاية أبي يعقوب يوسف المذكور | صفحة: 28 | صفحة: 29 | صفحة: 30 | صفحة: 31 | حكاية | حكاية | حكاية أدهم | حكاية | حكاية | حكاية | صفحة: 38 | صفحة: 39 | ذكر جامع دمشق المعروف بجامع بني امية | صفحة: 40 | صفحة: 41 | صفحة: 42 | ذكر الأئمة بهذا المسجد | ذكر المدرسين والمعلمين به | ذكر قضاة دمشق | حكاية | ذكر مدارس دمشق | حكاية | ذكر أبواب دمشق | ذكر بعض المشاهد والمزارات بها | حكاية في سبب تسميته بذلك | حكاية | ذكر أرباض دمشق | ذكر قاسيون ومشاهده المباركة | ذكر الربوة والقرى التي تواليها | ذكر الأوقاف بدمشق وبعض فضائل أهلها وعوائدهم | صفحة: 48 • حكاية | صفحة: 49 | صفحة: 50 • ذكر سماعي بدمشق ومن أجازني من أهلها | صفحة: 51 | صفحة: 52 | صفحة: 53 • طيبة مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم وشرف وكرم • ذكر مسجد رسول الله وروضته الشريفة| صفحة: 54 | صفحة: 55 • حكاية | صفحة: 56 • ذكر خدام المسجد الشريف والمؤذنين به • حكاية • ذكر المجاورين بالمدينة الشريفة • حكاية | صفحة: 57 • ذكر أمير المدينة الشريفة • ذكر بعض المشاهد الكريمة بخارج المدينة الشريفة | صفحة: 58 • حكاية | صفحة: 59 | صفحة: 60 • ذكر مدينة مكة المعظمة • ذكر المسجد الحرام شرفه الله وكرمه | صفحة: 61 • ذكر الكعبة المعظمة الشريفة زادها الله تعظيما وتكريما • ذكر الميزاب المبارك | صفحة: 62 • ذكر الحجر الأسود • ذكر المقام الكريم • ذكر الحجر والمطاف | صفحة: 63 • ذكر زمزم • ذكر أبواب المسجد الحرام وما دار به من المشاهد الشريفة | صفحة: 64 • ذكر الصفا والمروة • ذكر الجبانة المباركة | صفحة: 65 • ذكر بعض المشاهد خارج مكة | صفحة: 66 • ذكر الجبال المطيفة بمكة | صفحة: 67 • حكاية • ذكر أميري مكة | صفحة: 68 • ذكر أهل مكة وفضائلهم • ذكر قاضي مكة وخطيبها | صفحة: 69 • حكاية مباركة • حكاية | صفحة: 70 • ذكر المجاورين بمكة • حكاية في فضيلة | صفحة: 71 • حكاية | صفحة: 72 | صفحة: 73 • حكاية • ذكر عادة أهل مكة في صلواتهم ومواضع أئمتهم | صفحة: 74 • ذكر عاداتهم في الخطبة وصلاة الجمعة • ذكر عاداتهم في استهلال الشهور • ذكر عادتهم في شهر رجب | صفحة: 75 • ذكر عمرة رجب | صفحة: 76 • ذكر عادتهم في ليلة النصف من شعبان • ذكر عادتهم في شهر رمضان المعظم | صفحة: 77 • ذكر عادتهم في شوال • ذكر إحرام الكعبة | صفحة: 78 • ذكر شعائر الحج وأعماله | صفحة: 79 • ذكر كسوة الكعبة • ذكر الانفصال عن مكة شرفها الله تعالى | صفحة: 80 | صفحة: 81 | صفحة: 82 • ذكر الروضة والقبور التي بها • ذكر نقيب الأشراف | صفحة: 83 • حكاية | صفحة: 84 | صفحة: 85 • مدينة واسط • حكاية | صفحة: 86 • مدينة البصرة • حكاية اعتبار | صفحة: 87 • ذكر المشاهدة المباركة بالبصرة | صفحة: 88 | صفحة: 89 • حكاية | صفحة: 90 • ذكر ملك إيذج وتستر • حكاية • حكاية | صفحة: 91 | صفحة: 92 | صفحة: 93 • كرامة لهذا الشيخ | صفحة: 94 | صفحة: 95 • حكاية | صفحة: 96 • ذكر سلطان شيراز | صفحة: 97 | صفحة: 98 • حكاية • حكاية تناسبها • حكاية تناسبها | صفحة: 99 • ذكر بعض المشاهد بشيراز | صفحة: 100 • كرامة لهذا الشيخ | صفحة: 101 • حكاية | صفحة: 102 • كرامة لبعضهم | صفحة: 103 • مدينة الكوفة | صفحة: 104 • مدينة بغداد | صفحة: 105 • ذكر الجانب الغربي من بغداد | صفحة: 106 • ذكر الجانب الشرقي منها • ذكر قبور الخلفاء ببغداد • وقبور بعض العلماء والصالحين بها | صفحة: 107 • ذكر سلطان العراقين وخراسان | صفحة: 108 | صفحة: 109 • ذكر المتغلبين على الملك بعد موت السلطان أبي سعيد | |