انتقل إلى المحتوى

تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار/الجزء الأول/صفحة: 56

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
ملاحظات: صفحة 56


ذكر خدام المسجد الشريف والمؤذنين به

وخدام هذا المسجد الشريف وسدنته من الأحابيش وسواهم وهم على هيئات حسان، وصور نظاف، وملابس ظراف، وكبيرهم يعرف بشيخ الخدام، وهو في هيئة الأمراء الكبار، ولهم المرتبات بديار مصر والشام، ويؤتى إليهم بها في كل سنة، ورئيس المؤذنين بالحرم الشريف الإمام المحدث الفاضل جمال الدين المطري، من مطرية قرية بمصر، وولده الفاضل عفيف الدين عبد الله، والشيخ المجاور الصالح أبو عبد الله محمد بن محمد بن محمد الغرناطي المعروف بالتراس قديم المجاورة، وهو الذي جب نفسه خوفا من الفتنة.

حكاية

يذكر أن أبا عبد الله الغرناطي كان خديما لشيخ يسمى عبد الحميد العجمي، وكان الشيخ حسن الظن به يطمئن إليه بأهله ويتركه متى سافر بداره، فسافر مرة وتركه على عادته بمنزله فعلقت به زوجة الشيخ عبد الحميد وراودته عن نفسه، فقال: إني أخاف الله ولا أخون من ائتمنني على أهله وماله. فلم تزل تراوده وتعارضه حتى خاف على نفسه الفتنة فجب نفسه، وغشي عليه ووجده الناس على تلك الحالة، فعالجوه حتى برئ وصار من خدام المسجد الكرام ومؤذنا به ورأس الطائفين به. وهو باق بقيد الحياة إلى هذا العهد.

ذكر المجاورين بالمدينة الشريفة

منهم الشيخ الصالح الفاضل أبو العباس أحمد بن محمد مرزوق كثير العبادة والصوم والصلاة بمسجد رسول الله تسليما، صابرا محتسبا، وكان ربما جاور بمكة المعظمة، رأيته بها في سنة ثمان وعشرين، وهو أكثر الناس طوافا وكنت أعجب من ملازمته الطواف مع شدة الحر بالمطاف، والمطاف مفروش بالحجارة السود: وتصير بحر الشمس كأنها الصفائح المحماة. ولقد رأيت السقائين يصبون الماء عليها فما يجاوز الموضع الذي يصب فيه إلا ويلتهب الموضع من حينه. وأكثر الطائفين في ذلك الوقت يلبسون الجوارب وكان أبو العباس بن مرزوق يطوف حافي القدمين، ورأيته يوما يطوف، فأحببت أن أطوف معه فوصلت المطاف، وأردت استلام الحجر الأسود، فلحقني لهب تلك الحجارة، وأردت الرجوع بعد تقبيل الحجر، فما وصلته إلا بعد جهد عظيم، ورجعت فلم أطف ورجعت أجعل نجادي على الأرض وأمشي عليه، حتى بلغت الرواق. وكان في ذلك العهد بمكة وزير غرناطة وكبيرها أبو القاسم محمد ابن محمد بن الفقيه أبي الحسن سهل بن مالك الأزدي. وكان يطوف كل اسبوع سبعين طوافا، ولم يكن يطوف في وقت القائلة لشدة الحر. وكان ابن مرزوق يطوف في شدة القائلة زيادة عليه. ومن المجاورين بالمدينة كرمها الله الشيخ الصالح العابد سعيد المراكشي الكفيف، ومنهم أبو مهدي عيسى بن حزرون المكناسي.

حكاية

جاور الشيخ أبو مهدي بمكة سنة ثمان وعشرين، وخرج إلى جبل حراء مع جماعة من المجاورين، فلما صعدوا الجبل ووصلوا لمتعبد النبي الله تسايما ونزلوا عنه، تأخر أبو مهدي عن الجماعة، ورأى طريقا في الجبل، فظنه قصيرا فسلك عليه، ووصل أصحابه إلى أسفل اجبل فانتظروه فلم يأت، فتطلعوا فيما حولهم فلم يروا له أثرا فظنوا أنه سبقهم، فمضوا إلى مكة شرفها الله تعالى، ومضى عيسى في طريقه، فأفضى به إلى جبل آخر، وتاه عن الطريق، وأجهده العطش والحر، وتمزقت نعله، فكان يقطع من ثيابه ويلف على رجليه إلى أن ضعف عن المشي، واستظل بشجرة أم غيلان . فبعث الله أعرابيا على جمل، حتى وقف عليه: فأعلمه بحاله، فأركبه وأوصله إلى مكة، وكان على وسطه هيمان فيه ذهب فسلمه إليه، وأقام نحو شهر لا يستطيع القيام على قدميه، وذهبت جلدتهما ونبتت لهما جلدة أخرى. وقد جرى مثل ذلك لصاحب لي أذكره إن شاء الله. ومن المجاورين بالمدينة الشريفة أبو محمد الشروي من القراء المحسنين، وجاور بمكة في السنة المذكورة. وكان يقرأ بها كتاب الشفاء للقاضي عياض بعد الظهر، وأم في التراويح. وبها من المجاورين الفقيه أبو العباس الفاسي مدرس المالكية بها، وتزوج ببنت الشيخ الصالح شهاب الدين الزرندي.

رحلة ابن بطوطة - الجزء الأول
مقدمة | صفحة: 2 | بدء الرحلة والخروج من طنجة | صفحة: 4 | صفحة: 5 | ذكر سلطان تونس | صفحة : 6 | ذكر أبوابها ومرساها | ذكر المنار | ذكر عمود السواري | ذكر بعض علماء الإسكندرية | حكاية | صفحة: 8 | صفحة: 9 | صفحة: 10 | صفحة: 11 | صفحة: 12 | صفحة: 13 | حكاية | صفحة: 14 | صفحة: 15 | ذكر مسجد عمرو بن العاص | ذكر قرافة مصر ومزاراتها | ذكر نيل مصر | ذكر الأهرام والبرابي | ذكر سلطان مصر | ذكر بعض أمراء مصر | ذكر القضاة بمصر في عهد دخولي إليها | حكاية | ذكر بعض علماء مصر وأعيانها | ذكر يوم المحمل | حكاية خصيب | حكاية | صفحة: 22 | صفحة: 23 | صفحة: 24 | ذكر المسجد المقدس | ذكر قبة الصخرة | ذكر بعض المشاهد المباركة بالقدس الشريف | ذكر بعض فضلاء القدس | صفحة: 26 | حكاية أبي يعقوب يوسف المذكور | صفحة: 28 | صفحة: 29 | صفحة: 30 | صفحة: 31 | حكاية | حكاية | حكاية أدهم | حكاية | حكاية | حكاية | صفحة: 38 | صفحة: 39 | ذكر جامع دمشق المعروف بجامع بني امية | صفحة: 40 | صفحة: 41 | صفحة: 42 | ذكر الأئمة بهذا المسجد | ذكر المدرسين والمعلمين به | ذكر قضاة دمشق | حكاية | ذكر مدارس دمشق | حكاية | ذكر أبواب دمشق | ذكر بعض المشاهد والمزارات بها | حكاية في سبب تسميته بذلك | حكاية | ذكر أرباض دمشق | ذكر قاسيون ومشاهده المباركة | ذكر الربوة والقرى التي تواليها | ذكر الأوقاف بدمشق وبعض فضائل أهلها وعوائدهم | صفحة: 48 • حكاية | صفحة: 49 | صفحة: 50 • ذكر سماعي بدمشق ومن أجازني من أهلها | صفحة: 51 | صفحة: 52 | صفحة: 53 • طيبة مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم وشرف وكرم • ذكر مسجد رسول الله وروضته الشريفة| صفحة: 54 | صفحة: 55 • حكاية | صفحة: 56 • ذكر خدام المسجد الشريف والمؤذنين به • حكاية • ذكر المجاورين بالمدينة الشريفة • حكاية | صفحة: 57 • ذكر أمير المدينة الشريفة • ذكر بعض المشاهد الكريمة بخارج المدينة الشريفة | صفحة: 58 • حكاية | صفحة: 59 | صفحة: 60 • ذكر مدينة مكة المعظمة • ذكر المسجد الحرام شرفه الله وكرمه | صفحة: 61 • ذكر الكعبة المعظمة الشريفة زادها الله تعظيما وتكريما • ذكر الميزاب المبارك | صفحة: 62 • ذكر الحجر الأسود • ذكر المقام الكريم • ذكر الحجر والمطاف | صفحة: 63 • ذكر زمزم • ذكر أبواب المسجد الحرام وما دار به من المشاهد الشريفة | صفحة: 64 • ذكر الصفا والمروة • ذكر الجبانة المباركة | صفحة: 65 • ذكر بعض المشاهد خارج مكة | صفحة: 66 • ذكر الجبال المطيفة بمكة | صفحة: 67 • حكاية • ذكر أميري مكة | صفحة: 68 • ذكر أهل مكة وفضائلهم • ذكر قاضي مكة وخطيبها | صفحة: 69 • حكاية مباركة • حكاية | صفحة: 70 • ذكر المجاورين بمكة • حكاية في فضيلة | صفحة: 71 • حكاية | صفحة: 72 | صفحة: 73 • حكاية • ذكر عادة أهل مكة في صلواتهم ومواضع أئمتهم | صفحة: 74 • ذكر عاداتهم في الخطبة وصلاة الجمعة • ذكر عاداتهم في استهلال الشهور • ذكر عادتهم في شهر رجب | صفحة: 75 • ذكر عمرة رجب | صفحة: 76 • ذكر عادتهم في ليلة النصف من شعبان • ذكر عادتهم في شهر رمضان المعظم | صفحة: 77 • ذكر عادتهم في شوال • ذكر إحرام الكعبة | صفحة: 78 • ذكر شعائر الحج وأعماله | صفحة: 79 • ذكر كسوة الكعبة • ذكر الانفصال عن مكة شرفها الله تعالى | صفحة: 80 | صفحة: 81 | صفحة: 82 • ذكر الروضة والقبور التي بها • ذكر نقيب الأشراف | صفحة: 83 • حكاية | صفحة: 84 | صفحة: 85 • مدينة واسط • حكاية | صفحة: 86 • مدينة البصرة • حكاية اعتبار | صفحة: 87 • ذكر المشاهدة المباركة بالبصرة | صفحة: 88 | صفحة: 89 • حكاية | صفحة: 90 • ذكر ملك إيذج وتستر • حكاية • حكاية | صفحة: 91 | صفحة: 92 | صفحة: 93 • كرامة لهذا الشيخ | صفحة: 94 | صفحة: 95 • حكاية | صفحة: 96 • ذكر سلطان شيراز | صفحة: 97 | صفحة: 98 • حكاية • حكاية تناسبها • حكاية تناسبها | صفحة: 99 • ذكر بعض المشاهد بشيراز | صفحة: 100 • كرامة لهذا الشيخ | صفحة: 101 • حكاية | صفحة: 102 • كرامة لبعضهم | صفحة: 103 • مدينة الكوفة | صفحة: 104 • مدينة بغداد | صفحة: 105 • ذكر الجانب الغربي من بغداد | صفحة: 106 • ذكر الجانب الشرقي منها • ذكر قبور الخلفاء ببغداد • وقبور بعض العلماء والصالحين بها | صفحة: 107 • ذكر سلطان العراقين وخراسان | صفحة: 108 | صفحة: 109 • ذكر المتغلبين على الملك بعد موت السلطان أبي سعيد |