انتقل إلى المحتوى

تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار/الجزء الأول/صفحة: 41

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
ملاحظات: صفحة: 41


والصومعة الثالثة بشماله، وهي من بناء المسلمين. وعدد المؤذنين به سبعون مؤذنا. وفي شرقي المسجد صومعة كبيرة فيها صهريج ماء وهي لطائفة الزيالعة السودان. وفي وسط المسجد قبر زكريا عليه السلام، وعليه تابوت معترض بين أسطوانتين مكسو بثوب حرير أسود معلم فيه مكتوب بالأبيض: يا زكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى وهذا المسجد شهير الفضل. وقرأت في فضائل دمشق عن سفيان الثوري أن الصلاة في مسجد دمشق بثلاثين ألف صلاة. وفي الأثر عن النبي أنه قال: يعبد الله فيه بعد خراب الدنيا أربعين سنة. ويقال: إن الجدار القبلي منه وضعه نبي الله هود عليه السلام، وأن قبره به. وقد رأيت على مقربة من مدينة ظفار اليمن بموضع يقال له: الأحقاف بنية فيها قبر مكتوب عليه هذا قبر هود بن عابر .

ومن فضائل هذا المسجد أنه لا يخلو عن قراءة القرآن والصلاة إلا قليلا من الزمان، كما سنذكره. والناس يجتمعون به كل يوم إثر صلاة الصبح فيقرأون سبعا من القرآن ويجتمعون بعد صلاة العصر لقراءة تسمى الكوثرية، يقرأون فيها من سورة الكوثر إلى آخر القرآن. وللمجتمعين على هذه القراءة مرتبات تجري لهم وهم نحو ستمائة إنسان. ويدور عليهم كاتب الغيبة، فمن غاب منهم قطع له عند دفع المرتب بقدر غيبته. وفي هذا المسجد جماعة كبيرة من المجاورين لا يخرجون منه مقبلون على الصلاة والقراءة والذكر، لا يفترون عن ذلك. ويتوضأون من المطاهر التي بداخل الصومعة الشرقية التي ذكرناها. وأهل البلد يعينونهم بالمطاعم والملابس من غير أت يسألوهم شيئا من ذلك،

وفي هذا المسجد أربعة أبواب: باب قبلي يعرف بباب الزيادة، وبأعلاه قطعة من الرمح الذي كانت فيه راية خالد بن الوليد رضي الله عنه، ولهذا الباب دهليز كبير متسع فيه حوانيت السقاطين وغيرهم، ومنه يذهب إلى دار الخيل. وعن يسار الخارج منه سماط الصفارين، وهي سوق عظيمة تمتد مع جدار المسجد القبلي، من أحسن أسواق دمشق. وبموضع هذه السوق كانت دار معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه ودور قومه، وكانت تسمى الخضراء. فهدمها بنو العباس رضي الله عنهم وصار مكانها سوقا. وباب شرقي وهو أعظم أبواب المسجد، ويسمى بباب جيرون. وله دهليز عظيم يخرج منه إلى بلاط عظيم طويل أمامه خمسة أبواب لها ستة أعمدة طوال. وفي جهة اليسار منه مشهد عظيم كان فيه رأس الحسين رضي الله عنه. وبإزائه مسجد صغير ينسب إلى عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه، وبه ماء جار. وقد انتظمت أمام البلاط درج ينحدر فيها إلى الدهليز، وهو كالخندق العظيم يتصل بباب عظيم الارتفاع تحته أعمدة كالجذوع طوال وبجانبي هذا الدهليز أعمدة قد قامت عليها شوارع مستديرة فيها دكاكين البزازين وغيرهم. وعليها شوارع مستطيلة فيها حوانيت الجوهريين والكتبيين وصناع أواني الزجاج العجيبة. وفي الرحبة المتصلة بالباب الأول دكاكين لكبار الشهود، منها دكان للشافعية، وسائرها لأصحاب المذاهب.

يكون في الدكان منها الخمسة والستة من العدول، والعاقد للأنكحة من قبل القاضي، وسائر الشهود مفترقون في المدينة. وبمقربة من هذه الدكاكين سوق الوراقين الذين يبيعون الكاغد والأقلام والمداد. وفي الدهليز المذكور حوض من الرخام الكبير مستدير عليه قبة لا سقف لها، تقلها أعمدة رخام وفي وسط الحوض أنبوب نحاس يمج الماء بقوة فيرتفع في الهواء أزيد من قامة الإنسان يسمونه الفوارة، منظره عجيب. وعن يمين الخارج من باب جيرون وهو باب الساعات، غرفة لها هيئة طاق كبير فيه طيقان صغار مفتحة لها أبواب على عدد ساعات النهار. والأبواب مصبوغ باطنها بالخضرة وظاهرها بالصفرة، فإذا ذهبت ساعة من النهار انقلب الباطن الأخضر ظاهرا والظاهر الأصفر باطنا. ويقال: إن بداخل الغرفة من يتولى قلبها بيده عند مضي الساعات. والباب الغربي يعرف بباب البريد، وعن يمين الخارج منه مدرسة الشافعية. وله دهليز فيه حوانيت للشماعين، وسماط لبيع الفواكه. وبأعلاه باب يصعد إليه في درج له أعمدة سامية في الهواء. وتحت الدرج سقايتان عن يمين وشمال مستديرتان. والباب الجوفي يعرف بباب النطفانيين، وله دهليز عظيم. وعن يمين الخارج منه خانقاه تعرف بالشميعانية، في وسطها صهريج ماء. ولها مطاهر يجري فيها الماء. ويقال: إنها كانت دار عمر بن عبد العزيز رضي الله.

رحلة ابن بطوطة - الجزء الأول
مقدمة | صفحة: 2 | بدء الرحلة والخروج من طنجة | صفحة: 4 | صفحة: 5 | ذكر سلطان تونس | صفحة : 6 | ذكر أبوابها ومرساها | ذكر المنار | ذكر عمود السواري | ذكر بعض علماء الإسكندرية | حكاية | صفحة: 8 | صفحة: 9 | صفحة: 10 | صفحة: 11 | صفحة: 12 | صفحة: 13 | حكاية | صفحة: 14 | صفحة: 15 | ذكر مسجد عمرو بن العاص | ذكر قرافة مصر ومزاراتها | ذكر نيل مصر | ذكر الأهرام والبرابي | ذكر سلطان مصر | ذكر بعض أمراء مصر | ذكر القضاة بمصر في عهد دخولي إليها | حكاية | ذكر بعض علماء مصر وأعيانها | ذكر يوم المحمل | حكاية خصيب | حكاية | صفحة: 22 | صفحة: 23 | صفحة: 24 | ذكر المسجد المقدس | ذكر قبة الصخرة | ذكر بعض المشاهد المباركة بالقدس الشريف | ذكر بعض فضلاء القدس | صفحة: 26 | حكاية أبي يعقوب يوسف المذكور | صفحة: 28 | صفحة: 29 | صفحة: 30 | صفحة: 31 | حكاية | حكاية | حكاية أدهم | حكاية | حكاية | حكاية | صفحة: 38 | صفحة: 39 | ذكر جامع دمشق المعروف بجامع بني امية | صفحة: 40 | صفحة: 41 | صفحة: 42 | ذكر الأئمة بهذا المسجد | ذكر المدرسين والمعلمين به | ذكر قضاة دمشق | حكاية | ذكر مدارس دمشق | حكاية | ذكر أبواب دمشق | ذكر بعض المشاهد والمزارات بها | حكاية في سبب تسميته بذلك | حكاية | ذكر أرباض دمشق | ذكر قاسيون ومشاهده المباركة | ذكر الربوة والقرى التي تواليها | ذكر الأوقاف بدمشق وبعض فضائل أهلها وعوائدهم | صفحة: 48 • حكاية | صفحة: 49 | صفحة: 50 • ذكر سماعي بدمشق ومن أجازني من أهلها | صفحة: 51 | صفحة: 52 | صفحة: 53 • طيبة مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم وشرف وكرم • ذكر مسجد رسول الله وروضته الشريفة| صفحة: 54 | صفحة: 55 • حكاية | صفحة: 56 • ذكر خدام المسجد الشريف والمؤذنين به • حكاية • ذكر المجاورين بالمدينة الشريفة • حكاية | صفحة: 57 • ذكر أمير المدينة الشريفة • ذكر بعض المشاهد الكريمة بخارج المدينة الشريفة | صفحة: 58 • حكاية | صفحة: 59 | صفحة: 60 • ذكر مدينة مكة المعظمة • ذكر المسجد الحرام شرفه الله وكرمه | صفحة: 61 • ذكر الكعبة المعظمة الشريفة زادها الله تعظيما وتكريما • ذكر الميزاب المبارك | صفحة: 62 • ذكر الحجر الأسود • ذكر المقام الكريم • ذكر الحجر والمطاف | صفحة: 63 • ذكر زمزم • ذكر أبواب المسجد الحرام وما دار به من المشاهد الشريفة | صفحة: 64 • ذكر الصفا والمروة • ذكر الجبانة المباركة | صفحة: 65 • ذكر بعض المشاهد خارج مكة | صفحة: 66 • ذكر الجبال المطيفة بمكة | صفحة: 67 • حكاية • ذكر أميري مكة | صفحة: 68 • ذكر أهل مكة وفضائلهم • ذكر قاضي مكة وخطيبها | صفحة: 69 • حكاية مباركة • حكاية | صفحة: 70 • ذكر المجاورين بمكة • حكاية في فضيلة | صفحة: 71 • حكاية | صفحة: 72 | صفحة: 73 • حكاية • ذكر عادة أهل مكة في صلواتهم ومواضع أئمتهم | صفحة: 74 • ذكر عاداتهم في الخطبة وصلاة الجمعة • ذكر عاداتهم في استهلال الشهور • ذكر عادتهم في شهر رجب | صفحة: 75 • ذكر عمرة رجب | صفحة: 76 • ذكر عادتهم في ليلة النصف من شعبان • ذكر عادتهم في شهر رمضان المعظم | صفحة: 77 • ذكر عادتهم في شوال • ذكر إحرام الكعبة | صفحة: 78 • ذكر شعائر الحج وأعماله | صفحة: 79 • ذكر كسوة الكعبة • ذكر الانفصال عن مكة شرفها الله تعالى | صفحة: 80 | صفحة: 81 | صفحة: 82 • ذكر الروضة والقبور التي بها • ذكر نقيب الأشراف | صفحة: 83 • حكاية | صفحة: 84 | صفحة: 85 • مدينة واسط • حكاية | صفحة: 86 • مدينة البصرة • حكاية اعتبار | صفحة: 87 • ذكر المشاهدة المباركة بالبصرة | صفحة: 88 | صفحة: 89 • حكاية | صفحة: 90 • ذكر ملك إيذج وتستر • حكاية • حكاية | صفحة: 91 | صفحة: 92 | صفحة: 93 • كرامة لهذا الشيخ | صفحة: 94 | صفحة: 95 • حكاية | صفحة: 96 • ذكر سلطان شيراز | صفحة: 97 | صفحة: 98 • حكاية • حكاية تناسبها • حكاية تناسبها | صفحة: 99 • ذكر بعض المشاهد بشيراز | صفحة: 100 • كرامة لهذا الشيخ | صفحة: 101 • حكاية | صفحة: 102 • كرامة لبعضهم | صفحة: 103 • مدينة الكوفة | صفحة: 104 • مدينة بغداد | صفحة: 105 • ذكر الجانب الغربي من بغداد | صفحة: 106 • ذكر الجانب الشرقي منها • ذكر قبور الخلفاء ببغداد • وقبور بعض العلماء والصالحين بها | صفحة: 107 • ذكر سلطان العراقين وخراسان | صفحة: 108 | صفحة: 109 • ذكر المتغلبين على الملك بعد موت السلطان أبي سعيد |