البداية والنهاية/الجزء الثاني/كعب بن لؤي
روى أبو نعيم من طريق محمد بن الحسن بن زبالة، عن محمد بن طلحة التيمي، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث، عن أبي سلمة قال: كان كعب بن لؤي يجمع قومه يوم الجمعة، وكانت قريش تسميه العروبة، فيخطبهم فيقول:
أما بعد فاسمعوا، وتعلموا، وافهموا، واعلموا، ليل ساج، ونهار ضاح، والأرض مهاد، والسماء بناء، والجبال أوتاد، والنجوم أعلام، والأولون كالآخرين، والأنثى والذكر والروح، وما يهيج إلى بلى، فصلوا أرحامكم، واحفظوا أصهاركم، وثمروا أموالكم، فهل رأيتم من هالك رجع، أو ميت نشر، الدار أمامكم، والظن غير ما تقولون، حرمكم زينوه وعظموه وتمسكوا به، فسيأتي له نبأ عظيم، وسيخرج منه نبي كريم.
ثم يقول:
نهار وليل كل يوم بحادث * سواء علينا ليلها ونهارها
يؤوبان بالأحداث حتى تأوبا * وبالنعم الضافي علينا ستورها
على غفلة يأتي النبي محمد * فيخبر أخبارا صدوق خبيرها
ثم يقول: والله لو كنت فيها ذا سمع وبصر ويد ورجل، لتنصبت فيها تنصب الجمل، ولأرقلت بها إرقال العجل، ثم يقول:
يا ليتني شاهدا نجواء دعوته * حين العشيرة تبغي الحق خذلانا
قال: وكان بين موت كعب بن لؤي ومبعث رسول الله ﷺ خمسمائة عام وستون سنة.