البداية والنهاية/الجزء الثامن/توبة بنت الصمة
وهو الذي يقال له: مجنون ليلى، كان توبة يشن الغارات على بني الحارث بن كعب، فرأى ليلى فهواها وتهتك بها وهام بها محبة وعشقا.
وقال فيها الأشعار الكثيرة القوية الرائقة، التي لم يسبق إليها ولم يلحق فيها لكثرة ما فيها من المعاني والحكم.
وقد قيل له مرة: هل كان بينك وبين ليلى ريبة قط؟
فقال: برئت من شفاعة محمد ﷺ إن كنت قط حللت سراويلي على محرم.
وقد دخلت ليلى على عبد الملك بن مروان تشكو ظلامة.
فقال لها: ماذا رأى منك توبة حتى عشقك هذا العشق كله؟
فقالت: والله يا أمير المؤمنين لم يكن بيني وبينه قط ريبة ولا خنا، وإنما العرب تعشق وتعف، وتقول الأشعار فيمن تهوى وتحب مع العفة والصيانة لأنفسها عن الدناءات.
فأزال ظلامتها وأجازها.
توفي توبة في هذه السنة.
وقيل: إن ليلى جاءت إلى قبره فبكت حتى ماتت والله أعلم.
(تم الجزء الثامن من كتاب البداية والنهاية ويليه الجزء التاسع وأوله سنة أربع وسبعين من الهجرة وما فيها من الحوادث. نسأل الله التوفيق والإعانة.)